08 مارس 2019
ما أشبه الليلة بالبارحة
محمد لطفي (مصر)
بداية، نؤكد ونكرّر، أنّ الشعوب لا تستأذن الطغاة للقيام بالثورة كما لا توجد مواسم محددة للثورات، فانقضاء شهر يناير مثلا لا يعني، كما يتمنى بعضهم، "مفيش ثورة السنة دي"! أو يعتقد آخرون، أن هناك متسع من الوقت قبل يوليو (الثورة الأم) فلا داعي للقلق.
الثورة رد فعل شعبي مفاجئ لا يخشى حاكما ولا يهاب ظالما، لا يكترث بقوة جيش أو سلاح حرس أو شرطة نظام، هذا هو حال الثورات منذ الثورة الفرنسية، وذلك كله معلوم ومعروف، ولو حاولنا الإيجاز بالحديث عن مصر في الخمسة عقود الأخيرة فقط، فكم من حاكم اعتقد أنه ملك الشجر والبشر؟ كم ظالم سجد له المنافقون وصفق له المطبلون وقرعوا الدفوف، وبين ليلة وضحاها وجد نفسه تحت الثرى تدوسه الأقدام وتلعنه الألسن؟
بعد حرب 73 ومبادرة السلام، ظنّ أنور السادات أنّه حقق للمصريين ما لم ولن يحققه أحد غيره، وكيف لا وهو بطل الحرب والسلام، وصاحب أغلى الانتصارات وأعظم الحروب، فأطلق لندمائه ووزرائه العنان، يحكمون كما يشاءون، وفي ليلة واحدة انتفض الشعب كله ضده وامتلأت الميادين من أسوان للإسكندرية، ولم ينقذه إلا تراجعه عن القرارت الاقتصادية التي وافق عليها، وبعد سنوات اعتقل 1500 شخص من معارضيه في ليلة سماها بعضهم "ثورة سبتمبر" (كان هذا هو المانشيت الرئيسي لصحيفة الجمهورية آنذاك)، وبعد شهر تم اغتياله وسط أبنائه من خير أجناد الأرض.
وبعد أن تولى حسني مبارك السلطة، بدأ رئاسته بالإفراج عمّن اعتقلهم السادات، واستبشر الجميع خيرا، وسارت به سفينة الحكم كما يتمنى الشعب، إلا أنّه بدأ رويدا رويدا يتجاهل الشعب وأحلامه، وجعل الكرسي هدفا له وورثا لأولاده فانتفض الشعب مرة أخرى، وأذاقه مرارة الذل والهوان والحبس والاعتقال (وإن كان في أفخم المستشفيات)، ولم يكن يتخيّل يوما أن يتعرض لهذا الموقف، فهو صاحب الضربة الجوية الأولى، وهو من أفرج عن المعتقلين، وهو من حقّق للمصريين رخاء كثيرا، إلا أنّ ذلك كله لم يحمه من غضب الشعب، ولم تمنعه دبابات الداخلية ولا مدرعات الأمن المركزي.
هكذا هي الثورات، قد يكون لها أسباب أو إرهاصات، ولكن أبدا لن يكون لها استئذان أو طلب موقع من اثنين أو أكثر من موظفي الرئاسة والنظام الحاكم.
إذا كان هذا حال اثنين من رؤساء مصر السابقين ممن كانت لهم بعض الأيادي البيضاء على الشعب، فما بالنا بمن كانت أيديه ملطخة بدماء الأبرياء الأطهار من المصريين؟ وما بالنا بمن قام بدور الطرف الثالث، فأفسد العلاقة بين الشعب وحاكمه آنذاك، وما بالنا بمن باع الأرض وفرط في السيادة وحق المصريين في وطنهم ونيلهم؟ وما بالنا بمن أضاع حقوق المصريين أفرادا وجماعات، فهل ينتظر أن يستاذن الشعب منه ليقوم بثورته؟ أم يعتقد أن هناك من سيحميه ويدافع عنه ويرد عنه غضب الشعب إذ انتفض ضده؟
للأسف، هو يعيش ذات الوهم الذي عاشه غيره من قبل، فما أشبه الليلة بالبارحة.
الثورة رد فعل شعبي مفاجئ لا يخشى حاكما ولا يهاب ظالما، لا يكترث بقوة جيش أو سلاح حرس أو شرطة نظام، هذا هو حال الثورات منذ الثورة الفرنسية، وذلك كله معلوم ومعروف، ولو حاولنا الإيجاز بالحديث عن مصر في الخمسة عقود الأخيرة فقط، فكم من حاكم اعتقد أنه ملك الشجر والبشر؟ كم ظالم سجد له المنافقون وصفق له المطبلون وقرعوا الدفوف، وبين ليلة وضحاها وجد نفسه تحت الثرى تدوسه الأقدام وتلعنه الألسن؟
بعد حرب 73 ومبادرة السلام، ظنّ أنور السادات أنّه حقق للمصريين ما لم ولن يحققه أحد غيره، وكيف لا وهو بطل الحرب والسلام، وصاحب أغلى الانتصارات وأعظم الحروب، فأطلق لندمائه ووزرائه العنان، يحكمون كما يشاءون، وفي ليلة واحدة انتفض الشعب كله ضده وامتلأت الميادين من أسوان للإسكندرية، ولم ينقذه إلا تراجعه عن القرارت الاقتصادية التي وافق عليها، وبعد سنوات اعتقل 1500 شخص من معارضيه في ليلة سماها بعضهم "ثورة سبتمبر" (كان هذا هو المانشيت الرئيسي لصحيفة الجمهورية آنذاك)، وبعد شهر تم اغتياله وسط أبنائه من خير أجناد الأرض.
وبعد أن تولى حسني مبارك السلطة، بدأ رئاسته بالإفراج عمّن اعتقلهم السادات، واستبشر الجميع خيرا، وسارت به سفينة الحكم كما يتمنى الشعب، إلا أنّه بدأ رويدا رويدا يتجاهل الشعب وأحلامه، وجعل الكرسي هدفا له وورثا لأولاده فانتفض الشعب مرة أخرى، وأذاقه مرارة الذل والهوان والحبس والاعتقال (وإن كان في أفخم المستشفيات)، ولم يكن يتخيّل يوما أن يتعرض لهذا الموقف، فهو صاحب الضربة الجوية الأولى، وهو من أفرج عن المعتقلين، وهو من حقّق للمصريين رخاء كثيرا، إلا أنّ ذلك كله لم يحمه من غضب الشعب، ولم تمنعه دبابات الداخلية ولا مدرعات الأمن المركزي.
هكذا هي الثورات، قد يكون لها أسباب أو إرهاصات، ولكن أبدا لن يكون لها استئذان أو طلب موقع من اثنين أو أكثر من موظفي الرئاسة والنظام الحاكم.
إذا كان هذا حال اثنين من رؤساء مصر السابقين ممن كانت لهم بعض الأيادي البيضاء على الشعب، فما بالنا بمن كانت أيديه ملطخة بدماء الأبرياء الأطهار من المصريين؟ وما بالنا بمن قام بدور الطرف الثالث، فأفسد العلاقة بين الشعب وحاكمه آنذاك، وما بالنا بمن باع الأرض وفرط في السيادة وحق المصريين في وطنهم ونيلهم؟ وما بالنا بمن أضاع حقوق المصريين أفرادا وجماعات، فهل ينتظر أن يستاذن الشعب منه ليقوم بثورته؟ أم يعتقد أن هناك من سيحميه ويدافع عنه ويرد عنه غضب الشعب إذ انتفض ضده؟
للأسف، هو يعيش ذات الوهم الذي عاشه غيره من قبل، فما أشبه الليلة بالبارحة.