أكد باحثون مشاركون في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، أن دول الخليج العربية تتفاوت في مستوى استثماراتها مع واشنطن، موضحين أن النفط عامل أساسي في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
وتناول الباحثون في الدورة الخامسة للمنتدى الذي أختتم أعماله، مساء اليوم الأحد، بالعاصمة القطرية الدوحة، العديد من التطورات منها انخفاض أسعار النفط وما تمثله ثورة النفط الصخري من تحد لمكانة دول الخليج العربية في العلاقة بواشنطن، في ظل تحول الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة الأحفورية في العالم، وتراجع أهمية الخليج لدى واشنطن في هذا الشأن.
لكنهم أكدوا أن دول الخليج ظلت الضامن الرئيس لإمدادات الطاقة للولايات المتحدة، موضحين أن التباين الدائم في العلاقات طيلة العقود الماضية، وتراجع أهمية الخليج، وتنامي الإشكاليات البينية الخليجية، لم تفرض على الطرفين إعطاء مزيد من الاهتمام لشكل جديد من العلاقة.
وأشاروا إلى محافظة الطرفين على المقاربة التقليدية التي تقوم على تأمين مصادر الطاقة لواشنطن وحصول دول الخليج على الأمن.
وعقد منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، جلسة عمل اليوم الأحد، تناولت "العلاقات الاقتصادية الخليجية – الأميركية".
وقدم الباحث العماني، يوسف بن حمد البلوشي، دراسة بعنوان "مستقبل النفط الصخري وتداعياته على العلاقات الخليجية – الأميركية"، وقال إنه يجب النظر إلى المرحلة القادمة في الخليج ضمن مجموعة من التوجهات الإستراتيجية من أهمها المصالح المتعلقة بالطاقة والنفط، وتحول الولايات المتحدة إلى أكبر مستهلكي ومنتجي النفط في العالم.
وحول تحديات النفط، أجملها البلوشي بالتقنيات الجديدة، ودور الطاقة المتجددة، وتغير أنماط الاستهلاك، والسياسات الداعية إلى الحد من استخدام النفط.
ودعا الباحث إلى أهمية انتقال اقتصادات المنطقة إلى نموذج جديد للتنمية، قوامه الإنتاج وتعزيز القيمة المضافة المحلية المتحققة من القطاعات النفطية، وضرورة اتباع سياسات مالية بعيدة المدى تدرك طبيعة التحولات المقبلة في سوق النفط العالمية.
أما المدير العام السابق، لعمليات شركة بتروليب Petroleb اللبنانية، ناجي أبي عاد، فقدم ورقة تتناول "تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركي وتأثيره في صناعة الغاز الطبيعي في الخليج".
ولفت إلى أن ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة التي بدأت في أواسط العقد الماضي أعادت بالكامل تشكيل المشهد العالمي للغاز، وذلك بعد أن تحولت السوق الأميركية من مستورد كبير للغاز إلى مصدِّر رئيس له؛ إذ لم تخسر دول الخليج المصدّرة للغاز، بخاصة قطر، السوق الأميركية الضخمة فحسب، بل شهدت أيضا اقتطاع الغاز الطبيعي المسال الأميركي من حصصها في السوق العالمية، وفقا لأبي عاد.
وأشار الباحث إلى أن تدفق الغاز الطبيعي المسال الأميركي في السوق الدولية، ولّد فائضا في العرض في السوق العالمية، أدى إلى انخفاض الأسعار في الأسواق الرئيسة، وتناقص الإيرادات التي كان يتوقعها المصدرون الخليجيون.
وحول سياسة الطاقة الأميركية في منطقة الخليج العربية قدم الباحث الجزائري، رابح زغوني، دراسة أكد فيها أنه لا يوجد تعريف ثابت يمكن أن توصف به سياسة الطاقة الأميركية، فمن واقع سياسات واشنطن المتبعة في هذا الشأن، يمكن ملاحظة أن سياسة الطاقة الأميركية تتعلق أحيانا بأهداف خلق الثروة الاقتصادية وفي أحيان أخرى بتعظيم القوة السياسية.
وذكر أن أزمة الحظر العربي للنفط عام 1973 أثبتت "كم هو وهمي الخط الفاصل بين اقتصاد وسياسة الطاقة، وبدلا من استمرار النفط والسياسة الأميركية في مسارات منفصلة أوجد الحدث مسالك للربط بينهما".
وأضاف الباحث الجزائري أنه حتى مع الحماس الأميركي لتحقيق استقلالية الطاقة، لا تزال تشير التوقعات إلى أن الولايات المتحدة ستظل دولة مستوردة للنفط بحلول عام 2030، إذ ستبقى بحاجة إلى تغطية ما يقارب 30% من حاجياتها عن طريق الاستيراد.
وخلص زغوني إلى أنه إذا كان النفط مصدرا للثروة، والثروة مصدرا للقوة فإن الولايات المتحدة لن تتخلى عن نفط منطقة الخليج حتى وهي قادرة على ذلك، ما يرجح فرضية خضوع خلق الثروة لتعظيم القوة في تفسير سياسة الطاقة الأميركية حيال المنطقة.
وتجدرالإشارة إلى أن بيانات وزارة الخزانة الأميركية تؤكد أن السندات الخليجية في الولايات المتحدة وصلت حتى ديسمبر/ كانون الأول 2017 إلى 263.6 مليار دولار.