قبل أكثر من عقدين من الزمن، كانت مهنة الحمالين وأصحاب العربات التي تجرّها الخيول والحمير في شوارع بغداد القديمة والمناطق التجارية المزدحمة تقتصر، غالباً، على غير العراقيين، ثم سرعان ما انتقلت بعد الحصار الاقتصادي على العراق عام 1991 إلى كبار السن وغير المتعلمين من الشباب. يمكن معرفة ذلك من طريقة كلامهم وأسلوب تعاملهم مع الزبائن الراغبين في تحميل بضائعهم بسرعة للتخلّص من الازدحامات المرورية التي تخنق بغداد كل يوم، إلا أنها اليوم تحوّلت إلى مهنة المتعلمين أيضاً.
يقول أحمد حسين (29 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أليس من المعيب أنني أحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة وأعمل حمالاً وآخر ليست لديه شهادة يجلس في البرلمان وآخر مثله على رأس وزارة أو هيئة؟". يتابع: "أنا دليل حي ومتجول على فشل الحكومة العراقية الحالية وكل الحكومات السابقة بعد عام 2003". ويختم: "ربما لو علم والدي رحمه الله لأرسلني إلى مدرسة دينية بدلاً من كلية الهندسة؛ فاليوم رجال الدين يشكلون الطبقة المترفة بالعراق".
غير أن قرار العمل حمّالاً بعربة يجرها حمار، أو حصان، لم يعد سهلاً؛ فهناك ما يتطلب تقديمه لهذه المهمة التي تدر دخلاً بلا يكاد يكفي قوت يوم واحد لأسرة من ثلاثة أشخاص. يقول كاظم متعب (40 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنه احتاج إلى "عربة يجرها حمار للعمل عليها في تحميل البضائع، فطلب مني صاحب الإسطبل تزكية! فذهبت إلى أقدم العاملين في هذه المهنة وأبلغني أن هذه المهنة لا يدخلها أي شخص غريب، وهناك متعهّد خاص يقوم بتأجير هذه العربات وجلب العاملين إليها".
يتعجب متعب من هذه التعقيدات: "هل هذه المهنة أصبحت حكراً على أشخاص بعينهم، مثلما التعيينات تقتصر على أحزاب السلطة؟".
يبيّن فرهاد الونداوي، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المهنة متعبة وشاقة جداً". يعمل الونداوي في تحميل البضائع من نقليات سوق الشورجة إلى المخازن الخاصة بتجار الشورجة، ويبدأ عمله منذ الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر.
يضيف الونداوي: "لم أحصل على تعيين، علماً أنني حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال، وأعمل على هذه العربة التي يجرها حمار وأولادي يعتقدون أنني أعمل محاسباً في شركة، لأنني أخجل من أن أصارحهم بعملي هذا، ولولا سوء الأوضاع وعدم حصولي على فرصة عمل في دوائر الدولة كموظف في اختصاصي لما عملت في هذه المهنة، مع اعتزازي بكل من يعمل فيها، لكنني أتحسر على عمري الذي قضيته في الدراسة أن ينتهي بهذه المهنة".
يتحسّر قاسم أحمد (26 عاماً) على حلمه الضائع بسبب الإهمال الحكومي. أحمد ملاكم وابن ملاكم. يقول: "انتهى حلمي الأول لأن الحكومة لم تحقق لي شيئاً ولم تولني أي اهتمام أو دعم، لكن الحكومة حققت لي شيئاً واحداً"، يقولها باستهجان: "جعلتني أحلم أن أحصل على عربة يقودها حمار؟".
يضيف: "رغم انشغالي بالتدريبات، حصلت على دبلوم صناعي، ولم يشفع لي هذا التعليم في أن أحصل على وظيفة. عملت في تحميل البضائع، وحين أردت العمل على عربة يجرها حمار، أراد مني المتعهد كفيلاً يقوم بتزكيتي!".
أما كرار حسن (24 عاماً)، فيشكو: "أنا مصاب بانزلاق في العمود الفقري لأنني أعمل في تحميل البضائع وتفريغها، فكانت أمنيتي أن أشتري عربة يجرها حمار، وقبل الشروع في شراء الحمار والعربة، أبلغني المسؤول عن الإسطبل الذي تبيت فيه الحيوانات أن التجار يأتمنون أشخاصاً بعينهم؛ فذهبت للشخص المقصود، فقال لي: اشترِ، لكن لا تبحث عن عمل هنا، فأنا لا أعرفك وإن قام أحد التجار بتزكيتك فيمكنك إكمال مشروعك هنا".
اقــرأ أيضاً
يضيف حسن: "صار حلماً أن أشتري عربة يجرها حمار؟ ألست عراقياً؟ لم أطالب بتعيين في الدولة ولا حصتي في النفط، أردت فقط أن أبقى حمّالاً، لكن بمجهود أقل كوني مريضاً"
يتساءل محمد عبد الرحيم (36 عاماً): "هل يصحّ أن يكون حلم العراقي أن يملك عربة يجرها حمار. كثير من شباب العراق الخريجين العاطلين عن العمل، بعد يأسهم من الحصول على فرصة عمل تليق بمركزهم وشهادتهم، صار يحلم بأن يمتلك عربة يجرها حمار؟ والأصعب من ذلك أن هذه الفرصة تقتصر على معرفة التجار وأصحاب الإسطبل".
غير أن قرار العمل حمّالاً بعربة يجرها حمار، أو حصان، لم يعد سهلاً؛ فهناك ما يتطلب تقديمه لهذه المهمة التي تدر دخلاً بلا يكاد يكفي قوت يوم واحد لأسرة من ثلاثة أشخاص. يقول كاظم متعب (40 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنه احتاج إلى "عربة يجرها حمار للعمل عليها في تحميل البضائع، فطلب مني صاحب الإسطبل تزكية! فذهبت إلى أقدم العاملين في هذه المهنة وأبلغني أن هذه المهنة لا يدخلها أي شخص غريب، وهناك متعهّد خاص يقوم بتأجير هذه العربات وجلب العاملين إليها".
يتعجب متعب من هذه التعقيدات: "هل هذه المهنة أصبحت حكراً على أشخاص بعينهم، مثلما التعيينات تقتصر على أحزاب السلطة؟".
يبيّن فرهاد الونداوي، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المهنة متعبة وشاقة جداً". يعمل الونداوي في تحميل البضائع من نقليات سوق الشورجة إلى المخازن الخاصة بتجار الشورجة، ويبدأ عمله منذ الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر.
يضيف الونداوي: "لم أحصل على تعيين، علماً أنني حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال، وأعمل على هذه العربة التي يجرها حمار وأولادي يعتقدون أنني أعمل محاسباً في شركة، لأنني أخجل من أن أصارحهم بعملي هذا، ولولا سوء الأوضاع وعدم حصولي على فرصة عمل في دوائر الدولة كموظف في اختصاصي لما عملت في هذه المهنة، مع اعتزازي بكل من يعمل فيها، لكنني أتحسر على عمري الذي قضيته في الدراسة أن ينتهي بهذه المهنة".
يتحسّر قاسم أحمد (26 عاماً) على حلمه الضائع بسبب الإهمال الحكومي. أحمد ملاكم وابن ملاكم. يقول: "انتهى حلمي الأول لأن الحكومة لم تحقق لي شيئاً ولم تولني أي اهتمام أو دعم، لكن الحكومة حققت لي شيئاً واحداً"، يقولها باستهجان: "جعلتني أحلم أن أحصل على عربة يقودها حمار؟".
يضيف: "رغم انشغالي بالتدريبات، حصلت على دبلوم صناعي، ولم يشفع لي هذا التعليم في أن أحصل على وظيفة. عملت في تحميل البضائع، وحين أردت العمل على عربة يجرها حمار، أراد مني المتعهد كفيلاً يقوم بتزكيتي!".
أما كرار حسن (24 عاماً)، فيشكو: "أنا مصاب بانزلاق في العمود الفقري لأنني أعمل في تحميل البضائع وتفريغها، فكانت أمنيتي أن أشتري عربة يجرها حمار، وقبل الشروع في شراء الحمار والعربة، أبلغني المسؤول عن الإسطبل الذي تبيت فيه الحيوانات أن التجار يأتمنون أشخاصاً بعينهم؛ فذهبت للشخص المقصود، فقال لي: اشترِ، لكن لا تبحث عن عمل هنا، فأنا لا أعرفك وإن قام أحد التجار بتزكيتك فيمكنك إكمال مشروعك هنا".
يتساءل محمد عبد الرحيم (36 عاماً): "هل يصحّ أن يكون حلم العراقي أن يملك عربة يجرها حمار. كثير من شباب العراق الخريجين العاطلين عن العمل، بعد يأسهم من الحصول على فرصة عمل تليق بمركزهم وشهادتهم، صار يحلم بأن يمتلك عربة يجرها حمار؟ والأصعب من ذلك أن هذه الفرصة تقتصر على معرفة التجار وأصحاب الإسطبل".