يسيطر الخوف على سكان بغداد من انكسار الطوق الأمني الذي يحيط بالعاصمة العراقية، وتمكن الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) من دخولها والسيطرة على مناطقها كما حصل في الموصل ومدن أخرى.
ويؤكد بغداديون أن هواجس اللحاق بالموصليين في النزوح من مدينتهم تسيطر على تفكيرهم ويلفتون الى أنهم بدأوا يحتاطون لهذه الساعة ويقتصدون في الإنفاق. ويشرحون في حديث لـ"العربي الجديد" أن نفقاتهم تقتصر حاليّاً على الحاجيات الأساسية، مع استبعاد النفقات على الكماليات.
تقنين الإنفاق
كل شيء أصبح ممكناً، تقول فريال مجيد التي التزمت الادخار والحد من الإنفاق. وتضيف لـ"العربي الجديد": إذا ما وقع علينا مثل الذي وقع على أهالي الموصل فلن ينفعنا سوى ما نملكه من مال لنجتاز به المحنة".
وتلفت فريال إلى أن ارتفاع الاسعار لا بد أن يطرأ على البضائع وخاصة المواد الغذائية التي ستشهد شحاً في الاسواق، مشيرة الى أن الكثير من العراقيين سبق أن مروا بهذا الظرف في مرات سابقة "ولكن بصورة مختلفة" بحسب رأيها.
وتتابع: في سنوات العنف الطائفي الماضية، ارتفعت الاسعار بسبب سيطرة المليشيات على المدن، كذلك عند اندلاع الحرب حيث خلت الاسواق من البضائع وارتفعت الاسعار. مؤكدة أن الكثير من العوائل عانت من الفاقة لأنها لم تكن تملك ما يكفيها من المال لتتغلب على الأزمة.
من جهته، يبدي الشيخ خالد الجنابي، إمام مسجد في بغداد، الأسف على ما جرى لأهالي الموصل الذين نزحوا وصاروا يعانون الجوع والمرض في المخيمات وسط العراء.
ويقول الجنابي لـ"العربي الجديد": إن من كانوا يملكون المال من الموصليين استمروا في توفير احتياجات أسرهم، وتمكنوا من توفير سكن في مناطق أخرى نزحوا إليها، والعكس رأيناه مع من لا يملكون المال. لافتاً إلى أنه يستمر في تقديم النصيحة للآخرين في أن يخفضوا الإنفاق تحسباً للوقوع في ظرف مماثل للذي وقع فيه أهالي الموصل.
الابتعاد عن الحاجات الثانوية
إلى ذلك يؤكد حسام عريبي، قيامه بجدولة مصروفات أسرته برغم تأكيده أن حالته المادية جيدة، ويقول لـ"العربي الجديد": يبلغ مدخولي الشهري نحو خمسة آلاف دولار، فأنا أعمل في تجارة قطع غيار السيارات، ويبلغ إنفاق أسرتي نحو 2000 دولار شهرياً، وقررت أن أقتصد، فلا نعلم ما تخبئه لنا الأقدار. مشيراً إلى أنه وضع جدولاً للمصروفات البيتية تمكن من خلاله توفير نحو 500 دولار شهرياً، مبيناً أنه في حال تدهور الوضع الأمني كما حصل في الموصل فسيغادر مع عائلته إلى خارج العراق.
ويتابع: لدي ما يكفيني من مال لإقامة مشروع صغير أتدبر به معيشة أسرتي إذا ما سافرت، واقتصادي بالإنفاق في الوقت الحالي ينفعني وقت الشدة.
أما يسار فاضل، موظفة في وزارة النفط، فتؤكد انها بدأت تتجنب شراء الحاجيات الثانوية ولعب الأطفال، وتقول يسار لـ"العربي الجديد": أقنعت أطفالي بعدم شراء الحلوى كل يوم، كما بدأت أتجنب شراء الألعاب لهم بالاضافة الى بعض المشتريات التي كنت معتادة عليها.
وتوضح أنها أصبحت تهتم بادخار مرتبها كاملاً والاعتماد على مرتب زوجها في الإنفاق على احتياجات الأسرة. "فالأيام تسير إلى المجهول والأولى أن نعتبر مما حصل في الموصل ونضع مصير الموصليين أمام أعيننا كي نتجنبه"، على حد قولها.