في إحدى الرسائل الصادمة للتوعية حول جائحة كورونا، جاء التنبيه على شكل سؤال: "شجرة بيتك.. أو غرفة العناية بالمستشفى؟". قد يفهم البعض أن فحوى الرسالة هو البقاء في المنزل التزاماً بالإجراءات الصحية، لكن قد تجد من يدرك أن المعنى البعيد هو أنّ الأوكسيجين الناتج عن الشجرة يفوق ما يأخذه المرء من جهاز التنفس في المستشفى.
في كتابه "تدهور غابات السودان"، يورد الخبير محمد الأمين مختار التالي: "يقول العلماء إن تأثيراً في صفات الجيولوجيا والطقس على الأرض حدث قبل مليارات السنين، حينها كانت الأحياء ذات الخلية الواحدة تعيش تحت الماء، حيث لم يكن هناك أوكسجين، كما لم تكن طبقة الأوزون موجودة لتحمي الأرض من الإشعاع الشمسي قصير الموجات القاتل، والذي ساهم بتطوير وسائل كيميائية أدت إلى ظهور أحماض أمينية، ساعدت لاحقاً في إحلال الأوكسجين، فيما سمي بعمود الحياة الأولية ثم أعقب ذلك زيادة الحيوانات الكبيرة والأشجار المعمرة".
لعل ثنائية الحياة "شجر وحيوان" قد ولدت منذ ذلك العصر. ومن خلال دراسة الأشجار المعمرة، لاحظ علماء التاريخ الطبيعي الكثير من الحقائق، أهمها "الأشجار والأوكسجين"، أي صناعة الحياة. ففي الأشجار موائل للعديد من الحيوانات، عدا عن دورها في حماية التربة من الانجراف والتشققات بفضل الرياح والفيضانات والأمطار الغزيرة.
تعدّ إثيوبيا نموذجاً حياً للدول التي تحاول التخلّص من الفقر والنهوض بقوة، لتسير على طريق التنمية والإصلاح الاقتصادي على الرغم من أن الجفاف المتكرر الذي تعرضت له في العقد الأخير قد كبدها خسائر بشرية وبيئية بالغة، كما فعلت الحرب. وأدّت عمليات قطع الأشجار من أجل الحصول على الوقود أو لزراعة الأرض إلى تدمير الغابات، بيد أن النهضة الزراعية أوصلت الاقتصاد الإثيوبي مؤخراً إلى المرتبة الـ 12 من بين الاقتصادات العالمية لناحية سرعة النمو، على الرغم من تعرض القطاع الزراعي لأضرار كبيرة نتيجة للصدمات البيئية والمناخية المتلاحقة.
الآن إثيوبيا تحتل مكانتها في بورصة الإعلام العالمي، ليس لاقتران اسمها بالصراع حول سد النهضة فحسب، بل للتوجه نحو زراعة الأشجار، من خلال مشروع التشجير العملاق الذي أطلقه رئيس الوزراء آبي أحمد، حين أعلن أن إثيوبيا تسعى إلى إعادة 20 في المائة من مساحتها إلى غابات. فبعد زراعة أربعة مليارات شجرة في العام الماضي، تم التأكيد على أن 84 في المائة منها بدأت النمو. وتستعد البلاد هذا العام لزراعة خمسة مليارات شتلة في موسم الأمطار الحالي (يوليو/ تموز- أكتوبر/ تشرين الأول).
اقــرأ أيضاً
على رقعة جلدية سطّر أحد الأسلاف مقولة لن يفسد التشكيك في مصداقيتها التاريخية ما جاء في معناها. "وجدتني منهمكاً في زراعة الأشجار، فتيقّن أنني دخلت دائرة الإدراك، وعرفت أصل الحياة، ومعناها المرتبط وثيقاً بالأشجار". ألا يعني ذلك أن اليقين الراسخ حول أهمية الأشجار كـ "أصل للحياة" قد تمكن من هؤلاء؟
*متخصص في شؤون البيئة
في كتابه "تدهور غابات السودان"، يورد الخبير محمد الأمين مختار التالي: "يقول العلماء إن تأثيراً في صفات الجيولوجيا والطقس على الأرض حدث قبل مليارات السنين، حينها كانت الأحياء ذات الخلية الواحدة تعيش تحت الماء، حيث لم يكن هناك أوكسجين، كما لم تكن طبقة الأوزون موجودة لتحمي الأرض من الإشعاع الشمسي قصير الموجات القاتل، والذي ساهم بتطوير وسائل كيميائية أدت إلى ظهور أحماض أمينية، ساعدت لاحقاً في إحلال الأوكسجين، فيما سمي بعمود الحياة الأولية ثم أعقب ذلك زيادة الحيوانات الكبيرة والأشجار المعمرة".
لعل ثنائية الحياة "شجر وحيوان" قد ولدت منذ ذلك العصر. ومن خلال دراسة الأشجار المعمرة، لاحظ علماء التاريخ الطبيعي الكثير من الحقائق، أهمها "الأشجار والأوكسجين"، أي صناعة الحياة. ففي الأشجار موائل للعديد من الحيوانات، عدا عن دورها في حماية التربة من الانجراف والتشققات بفضل الرياح والفيضانات والأمطار الغزيرة.
تعدّ إثيوبيا نموذجاً حياً للدول التي تحاول التخلّص من الفقر والنهوض بقوة، لتسير على طريق التنمية والإصلاح الاقتصادي على الرغم من أن الجفاف المتكرر الذي تعرضت له في العقد الأخير قد كبدها خسائر بشرية وبيئية بالغة، كما فعلت الحرب. وأدّت عمليات قطع الأشجار من أجل الحصول على الوقود أو لزراعة الأرض إلى تدمير الغابات، بيد أن النهضة الزراعية أوصلت الاقتصاد الإثيوبي مؤخراً إلى المرتبة الـ 12 من بين الاقتصادات العالمية لناحية سرعة النمو، على الرغم من تعرض القطاع الزراعي لأضرار كبيرة نتيجة للصدمات البيئية والمناخية المتلاحقة.
الآن إثيوبيا تحتل مكانتها في بورصة الإعلام العالمي، ليس لاقتران اسمها بالصراع حول سد النهضة فحسب، بل للتوجه نحو زراعة الأشجار، من خلال مشروع التشجير العملاق الذي أطلقه رئيس الوزراء آبي أحمد، حين أعلن أن إثيوبيا تسعى إلى إعادة 20 في المائة من مساحتها إلى غابات. فبعد زراعة أربعة مليارات شجرة في العام الماضي، تم التأكيد على أن 84 في المائة منها بدأت النمو. وتستعد البلاد هذا العام لزراعة خمسة مليارات شتلة في موسم الأمطار الحالي (يوليو/ تموز- أكتوبر/ تشرين الأول).
على رقعة جلدية سطّر أحد الأسلاف مقولة لن يفسد التشكيك في مصداقيتها التاريخية ما جاء في معناها. "وجدتني منهمكاً في زراعة الأشجار، فتيقّن أنني دخلت دائرة الإدراك، وعرفت أصل الحياة، ومعناها المرتبط وثيقاً بالأشجار". ألا يعني ذلك أن اليقين الراسخ حول أهمية الأشجار كـ "أصل للحياة" قد تمكن من هؤلاء؟
*متخصص في شؤون البيئة