أكشاك سما المصري هي الحل

27 سبتمبر 2018

سما المصري.. أكشاك "الحياة حلوة"

+ الخط -
بعدما أصبحنا "فقرا أوي"، وكأننا على أعتاب "شدة مستنصرية" جديدة، وزادت وتيرة الانتحارات كثافةً وسرعة، حتى صار حلم الانتحار تحت عجلات مترو الأنفاق حلما ناعما مستحيلا، بعدما ذكر مسؤول إن "اللي عاوز ينتحر يبعد عن المترو ويطلع من فوق برج الجزيرة"، فقفل المسؤول بوابة الحلم الناعم على الشباب، فذهب آخر المنتحرين (في مدينة مغاغة) إلى أسفل عجلات القطار، بعدما حرمه المسؤول من فرحة المترو.
والآن، استعراضٌ مع عباقرة مصر، تلك الحلول التي عرضوها لحل مشكلات هؤلاء الشباب. ذكر عبد الفتاح السيسي في باكورة "برنامجه الانتخابي" في "الراس بالطبع مش في الكراس"، لأن العلم العريض لا تستطيع الكراريس استحواذه، أو الوصول إلى مراميه وغاياته، وقالها ببساطة: حل مشكلة الشباب بألف عربة خضار فقط، هذا قبل الأربعة ملايين فدان، وقبل مشاريع التفريعة التي سوف تجبر البواخر العملاقة على الانتظار بالأسبوعين للهو والمرح، ناسية مقاصدها إلى بلدانها، وتنفق في البلد، بالدولار واليورو بالطبع. وما وقفت السفن، بل قلّ عائدها، ولا رأينا عوائد الأربعة ملايين فدّان إلى الآن، حتى دخلنا على المرحلة الثانية، من تلك الشدة المستنصرية، بحزمة قوية من غلاء الأسعار والضرائب، حتى على علبة الكبريت، فماذا نفعل في هذه الشدة الجديدة؟
ذكر الشاعر نصّار عبدالله أن نفعل في أطفال الشوارع مثلما تفعل البرازيل (عفارم عليك يا شاعر). ألم يقرأ نصّار عبدالله أن العبقري جان جينيه كان يوما لصا، وأشياء أخرى تضاف إلى أطفال الشوارع، لا داعي لذكرها؟ بالطبع هو يعرف.
ولكنها الشدة المستنصرية التي دفعت عالما رقيقا في علم النفس (أحمد عكاشة)، وهو، في الوقت نفسه، المستشار العلمي للرئاسة، إلى أن يقول للرئاسة: "علاج المصريين في تجويعهم". فماذا نفعل في هذه الشدة المستنصرية الجديدة التي تدفع وزير المالية، محمد معيط، إلى أن يقول "إحنا عايشين بالسلف". فمن أي بنك سماوي يحصل فلان الفلاني (رئيس بنك) على راتب شهري يفوق المليون؟ هل ذلك كله من السلف والدين؟ أم من عوائد مزارع السمسم في الأربعة ملايين فدان، بعدما اخضرّت بهم الصحراء وغنّت للمهندس: "يا صحرا لمهندس جاي"؟ فعلا السمسم سعره في السوق غالٍ. ما زلنا في الشدة المستنصرية الجديدة، وما زلنا في شبابٍ متمرّدٍ يذهب للانتحار من فائض الفرح والتخمة، ويجلس في المقاهي، بسبب دلع أولياء الأمور الذين يعطونهم المصاريف للمقهى، فماذا نفعل؟
أخيرا، تفتق ذهن المطربة الاستعراضية، سما المصري، عن فكرة طريفة لحل مشكلة المنتحرين نيابة عن الحكومة، فكرة تضاف إلى باقي أفكارها الأخرى التي غالبا ما تكون "من خارج الصندوق"، كما فعلت سابقا، ورشّحت نفسها لتدريب الفريق القومي، بعد عودته من روسيا، فهل سما المصري متأكّدة "من قدراتها" لهذا المنصب الذي غالبا ما يحتاج إلى قدرات فائقة وإمكانات في "النص" والأطراف وقلب الهجوم؟، أم كان ذلك مجرّد غيرة وطنية من راقصة ومطربة رأت اهتزاز فريقها واضحا في الخارج؟، إلا أن أمر المنتحرين جد مهم، ولخّصته في أكشاك، سمّتها "الحياة حلوة". وستتبرع بالأكشاك من حرّ مالها وعرقها بالطبع، علاوة على أجر الأخصائيين النفسيين. بالطبع، بعد ذلك لسنا في حاجةٍ إلى كتب العلامة سمير أمين، ولا حتى استشارات دكتور أحمد عكاشة، كي يتفرغ لأشجار المانجو، ويحسّن من سلالتها وشتلاتها في قصر الاتحادية، ويأخذ معه، بالمرة، المفكر الاستراتيجي أسامة الدليل، ودكتور سعد الزنط.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري