اعتمدت، اليوم السبت، الجمعية العامة للمحكمة الإدارية العليا المصرية، برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، الرئيس الجديد لمجلس الدولة، والمُعين باختيار من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، التقسيم الجديد لدوائر المحكمة والتشكيل الجديد لكل دائرة، متضمناً في إصدار حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير عن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، والتي سيترأسها أبوالعزم نفسه.
وتعتبر هذه الدائرة الأهم في مجلس الدولة المصري، إذ تراقب منازعات الحقوق والحريات والاستثمار والأحزاب والاختصاصات غير المرسومة لباقي دوائر المحكمة الإحدى عشرة.
وتم إبعاد كل من المستشارين محمد عبدالوهاب خفاجي، وسامي درويش، ومبروك حجاج، وهم من المشاركين في صياغة حكمي أول وثاني درجة في قضية "تيران وصنافير"، وكانوا معروفين بموقفهم المعارض للتنازل عن الجزيرتين، والمؤيد لاختيار المستشار يحيى دكروري رئيساً لمجلس الدولة، كما تم إبعاد جميع زملائهم في الدائرة حتى ممن لم يشاركوهم كتابة الأحكام.
واستبعد هؤلاء الأعضاء من الدائرة الأولى، على الرغم من أنهم أصحاب خبرة في نظر القضايا التي تختص بها هذه الدائرة، ورغم أنهم لم يمضوا في عضويتها أكثر من عامين، علماً بأن الشائع في مجلس الدولة بقاء القاضي في دائرته لثلاث سنوات في المتوسط.
وكان "العربي الجديد" قد نشر، في وقت سابق من هذا الشهر، تقريراً كشف فيه تفاصيل خطة السلطة للتخلص من آثار أحكام بطلان التنازل عن الجزيرتين، وكان من بين بنودها إبعاد القضاة الذين شاركوا في إصدار الحكمين عن الدوائر المهمة في القضاء الإداري والإدارية العليا، وكذلك في إدارة مجلس الدولة لصالح آخرين مهادنين للنظام.
وبدأت هذه الإجراءات بالفعل بإبعاد دكروري عن رئاسة مجلس الدولة رغم استحقاقه إياها بالأقدمية المطلقة وباختيار الجمعية العمومية لمجلس الدولة، واختيار أبوالعزم بدلاً منه رغم أن أقدميته لم تكن تؤهله لهذا المنصب إلاّ في صيف 2018، واستمر دكروري بطبيعة الحال بعيداً عن المنصة، رئيساً للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
كذلك استبعد المستشار أحمد الشاذلي، رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم البات ببطلان التنازل عن الجزيرتين، من المحاكم نهائياً وأسندت إليه إدارة فتوى وزارة النقل، وكان من المتوقع إبعاد من شاركوه إصدار الحكم من الدائرة الأولى التي سيرأسها أبوالعزم لدوائر أقل أهمية.
واستبعد أيضاً، المستشار محمد الدمرداش من رئاسة هيئة المفوضين للدائرة الأولى بالقضاء الإداري، وهي الدائرة التي أصدرت تقريراً يوصي بإحالة القضية إلى الخبراء وهو المعروف بمعارضته المعلنة لاستبعاد دكروري من رئاسة المجلس، وتم إبعاد المستشار محمد رسلان من رئاسة هيئة المفوضين للدائرة الأولى بالإدارية العليا، وهي التي أصدرت تقريراً ضخماً يوصي ببطلان التنازل عن الجزيرتين وأرفق به بحث علمي كبير حول تاريخهما.
يذكر أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية نوقشت وأُقرت في يونيو/ حزيران الماضي بالمخالفة لحكمي مجلس الدولة المذكورين، ثم صدق السيسي عليها، ونشرت في الجريدة الرسمية الشهر الماضي، وأرفقت بها مكاتبات جرت بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول عدم ممانعة حكومة الأخير في توقيع الاتفاقية، واستلام السعودية المهام الأمنية التي كانت تقوم بها مصر في الجزيرتين، وفقاً لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.