قالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنّها قدمت الأوراق اللازمة لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، في أول خطوة رسمية في عملية تستغرق عاماً للخروج من هذا الاتفاق العالمي الذي يهدف لمكافحة التغير المناخي.
وتندرج الخطوة في إطار استراتيجية أوسع يتبناها ترامب، للحد من الروتين المقيد لقطاع الصناعة الأميركي، لكنها تجيء في توقيت يحث فيه العلماء وكثير من حكومات العالم على اتخاذ إجراء سريع لتفادي الآثار الأسوأ لظاهرة ارتفاع درجات الحرارة.
وستصبح الولايات المتحدة فور خروجها البلد الوحيد خارج الاتفاقية. وهي من أكثر الدول المتسببة في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، كما أنها منتج بارز للنفط والغاز.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، هذه الخطوة، أمس الإثنين، من خلال منشور على "تويتر"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة خفضت من انبعاثاتها، في السنوات الأخيرة، رغم نمو إنتاجها في قطاع الطاقة.
وقال: "الولايات المتحدة فخورة بسجلنا الريادي في خفض كل الانبعاثات، وترسيخ مفهوم المرونة وتنمية اقتصادنا وضمان الطاقة لأبنائنا".
Twitter Post
|
وأبدى الاتحاد الأوروبي استياءه من الخطوة، وقالت كريستا ميكونن وزيرة البيئة والمناخ في فنلندا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، في بيان، اليوم الثلاثاء: "انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس يعني أنه يتعين على الباقين تكثيف التعاون بدرجة أكبر". وأضافت: "سنواصل العمل مع الولايات والمدن والمجتمع المدني في الولايات المتحدة لدعم اتخاذ إجراءات بشأن المناخ".
واعتبر المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أن إعلان واشنطن رسميا نيتها الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ضربة "جدية" لهذه المعاهدة لمكافحة التقلبات المناخية، وقال إن انسحاب الولايات المتحدة "يقوض هذه الاتفاقية بشكل جدي للغاية لأنها دولة رائدة في انبعاث" غازات الدفيئة، مضيفا أنه "من الصعب حتى التحدث عن اتفاقية مناخية في غياب أكبر اقتصاد في العالم".
وأعربت الصين عن "أسفها" لقرار واشنطن إبلاغ الأمم المتحدة بالانسحاب رسميا من اتفاقية باريس للمناخ. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ، في إيجاز صحافي روتيني: "نأمل أن تتحمل الولايات المتحدة مزيدا من المسؤولية وأن تقوم بالمزيد للإسهام كقوة دفع في عملية التعاون متعدد الأطراف بدلا من إضافة طاقة سلبية" لها.
بدورها لم تخف فرنسا أسفها من انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ. وقال مسؤول من مكتب الرئاسة الفرنسي يرافق الرئيس إيمانويل ماكرون، في زيارة للصين: "نأسف لهذا الأمر، وإن هذا سيجعل الشراكة الفرنسية الصينية في ما يتعلق بالمناخ والتنوع البيولوجي أكثر إلحاحاً"، وأضاف أنّ ماكرون والرئيس الصيني شي جين بينغ سيوقعان اتفاقاً، يوم الأربعاء، يشمل فقرة تنص على "عدم الرجوع عن اتفاقية باريس".
وتعد رسالة وزارة الخارجية الأميركية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بداية لعملية انسحاب ستستكمل بعد يوم واحد من انتخابات الرئاسة بالولايات المتحدة العام القادم.
وتعهد كل الديمقراطيين البارزين الساعين لانتزاع مقعد الرئاسة من ترامب بالعودة إلى اتفاقية باريس، في حال فوزهم. لكن آندرو لايت، الزميل بمعهد الموارد العالمية ومستشار المبعوث الأميركي لشؤون المناخ في عهد الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، قال إنّ انسحاب الولايات المتحدة من شأنه أن يترك "ندبة لا تُمحى. في حين أن هذا يلبي الاحتياجات السياسية لإدارة ترامب، سنفقد الكثير في ما يتعلق بتأثير الولايات المتحدة على الساحة العالمية".
وكانت إدارة أوباما قد وقعت على الاتفاقية المبرمة عام 2015، وتعهدت بخفض الانبعاثات الأميركية المسببة للاحتباس الحراري بما بين 26 و28% بحلول 2025 من مستوياتها في 2005.وخاض ترامب حملته الانتخابية، متعهداً بالتخلي عن ذلك الوعد، الذي قال إنه يؤذي الاقتصاد الأميركي ويترك دولاً أخرى من أبرز المتسببين في التلوث مثل الصين تزيد من انبعاثاتها بلا رادع. وكان ملزماً بموجب قواعد الأمم المتحدة بالانتظار حتى الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 لتقديم أوراق الخروج.
(فرانس برس, رويترز)