انبعاثات الحروب... أسلحة العالم الأول تُفاقم أزمة المناخ

11 نوفمبر 2024
دمرت الحرب الإسرائيلية بيئة غزة (هاني الشاعر/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تجاهل الصناعات العسكرية في مؤتمرات المناخ: تركز مؤتمرات المناخ على التمويل وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، متجاهلة تأثير الصناعات العسكرية والحروب على المناخ، رغم استهلاك الجيوش للوقود الأحفوري وتدمير النظم البيئية.

- الهدنة الأولمبية ودعوات السلام: دعت أذربيجان إلى هدنة مستلهمة من "الهدنة الأولمبية" خلال مؤتمر "كوب 29"، مدعومة من "حركة عدم الانحياز"، لتسليط الضوء على أهمية السلام والعمل المناخي في ظل النزاعات المستمرة.

- التحديات والعدالة المناخية: تؤكد الباحثة أسماء أشرف على تأثير الصناعات العسكرية الكبير على المناخ، مشيرة إلى الحاجة لعمل سياسي منسق لتحقيق العدالة المناخية، وانتقاد محاولات "تبييض" الأعمال العسكرية بمشاريع خضراء.

يغيب دور الصناعات العسكرية والأعمال الحربية في التأثير على المناخ عن المؤتمرات الدولية المتعلّقة بتغيّر المناخ، وتعلو، كما في أمور عدة، مصالح الدول فوق مصلحة الشعوب المُهدَّدة بالكوارث

تنطلق اليوم الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29)، في العاصمة الأذربيجانية باكو، وسط مساعٍ إلى تسريع العمل على مواجهة أزمة المناخ، في ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية، وتزايد حدة الظواهر الجوية المتطرفة التي تؤثر على الناس حول العالم.
ولا يبدو أنّ الحروب والنزاعات مُدرجة في جدول أعمال المؤتمر، بل إن الأخير سيركز بشكل أساسي على التمويل في ظل الحاجة إلى مليارات الدولارات لتمكين الدول من خفض انبعاثات غازات الدفيئة خفضاً كبيراً وحماية الأرواح وسبل العيش من التأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ. يضاف إلى ما سبق تقديم الدول خطط عمل وطنية منقّحة من أجل المناخ، وغير ذلك. يأتي ذلك في وقت أظهر فيه تقرير نشرته الأمم المتّحدة عن تغير المناخ، أن خطط العمل الوطنية بشأن المناخ ستخفض مجتمعة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 2% أقل من مستويات عام 2019 بحلول عام 2030، في حين أن الدلائل العلمية تشير بوضوح إلى أن هناك حاجة إلى خفضها بنسبة 43%. 

الهدنة الأولمبية

هذه الخطط تُناقش سنوياً وتبدو جهود بعض الدول جدية فعلاً في هذا الإطار، إلا أن بطء دول أخرى أو تريثها لن ينعكس بالخير على الكوكب. وهذه الدورة، كما تلك التي سبقتها، تتزامن مع حرب مستمرة في قطاع غزة كانت قد بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أي قبيل انعقاد "كوب 28" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتصعيد العدوان على لبنان منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي. واللافت أن أذربيجان، وقبيل انعقاد المؤتمر، دعت إلى هدنة مستلهمة من "الهدنة الأولمبية" أو "إيكيتشيريا"، وهي تقليد يوناني قديم يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد. وجرت العادة إلى وقف جميع النزاعات خلال فترة الهدنة التي كانت تبدأ قبل سبعة أيام من افتتاح الألعاب الأولمبية وتنتهي في اليوم السابع من اختتام تلك الألعاب. فكما كانت اليونان، ترغب باكو في أن توقف جميع الأطراف المتحاربة في العالم نزاعاتها، بينما يناقش قادة الدول والدبلوماسيون السياسات المناخية. وقالت رئاسة "كوب 29" إن هذه المبادرة "ستبرز أهمية السلام والعمل المناخي، وتهدف إلى تذكير جميع الدول بالترابط بين الصراعات وتغير المناخ". وأوضح المفاوض الرئيسي لأذربيجان في "كوب 29"، يالتشين رفييف، في مؤتمر صحافي قائلاً: "إنها دعوة عامة للمجتمع الدولي للالتزام بوقف إطلاق النار خلال مؤتمر الأطراف". في هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأذربيجانية أن نداء الهدنة قد حصل على دعم جميع الدول الأعضاء في "حركة عدم الانحياز"، وهي تجمع دولي يضم 120 عضواً من الدول النامية، ظهرت إبان الحرب الباردة، وقامت فكرتها على أساس عدم الانحياز إلى أي من المعسكرين الغربي، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، والشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي (سابقاً). وتهدف حالياً إلى إنشاء تيار محايد وغير منحاز مع السياسة الدولية إلى القوى العظمى في العالم. وتضم الحركة في عضويتها عدة دول تشهد حروباً وصراعات دولية دامية، بما في ذلك السودان وميانمار وفلسطين.


في هذا السياق، لا تستغرب الباحثة الفلسطينية العاملة في مجال الطاقة المجتمعية، والباحثة والكاتبة في السياسة البيئية، أسماء أشرف، في حديثها لـ "العربي الجديد"، عدم مناقشة الانبعاثات الناتجة عن القطاع الصناعي العسكري العالمي بقيادة الولايات المتحدة في مؤتمرات الأطراف منذ 28 عاماً. وتشير إلى أن "هذا العام لن يكون مختلفاً جراء القيود والتناقضات داخل مؤتمر الأطراف، كون هذه المؤتمرات مجرّد انعكاس لتوازن القوى العالمي الحالي؛ ففي نظام عالمي تهيمن عليه وتحدده مصالح الولايات المتحدة، نرى ديناميكية القوة نفسها تتجلى في مؤتمرات الأطراف. ثبت مراراً وتكراراً أن التعددية، أي فكرة دعوة الدول من جميع أنحاء العالم إلى المنتديات الدولية على قدم المساواة للتعاون والتفاوض، فاشلة، وأحدث مثال على ذلك فشل الأمم المتحدة في وقف الإبادة الجماعية في غزة بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو بسبب مصالحها مع إسرائيل".
وتعتمد الولايات المتحدة على قوتها العسكرية في هيمنتها الإمبريالية في جميع أنحاء العالم، سواء لمساعدة إسرائيل في العمليات الاستخبارية والعسكرية، أو لتحصين أكثر من 128 قاعدة عسكرية لها حول العالم. ثم إن مواجهة التأثير البيئي للعسكر في مؤتمرات الأطراف ستكون ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، بحسب أشرف. 
وتشير إلى أنه "للعام الثاني على التوالي، تستضيف دولة نفطية، أي أذربيجان، مؤتمر الأطراف بعد الإمارات العربية المتحدة. ومثل هذه الدول ليست فقط غير مهتمة بمناقشة آثار القطاع العسكري، بل إنها غير مهتمة أيضاً بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل حقيقي وسريع. وكشف تحقيق سرّي أجرته منظمة غلوبال ويتنس مؤخراً كيف تستخدم الدولة النفطية الأذربيجانية موقعها كونها مضيفة لكوب 29 لتسهيل المناقشات حول صفقات الوقود الأحفوري الجديدة". 

لكن لنقل إن طلب الهدنة قد يكون اعترافاً مبطناً بالتأثير الكبير للحروب على العمل المناخي الدولي، بالإضافة إلى مساهمته في تغير المناخ. فما هو هذه الدور؟ بحسب موقع "غلوبال سيتيزين" (Global Citizen)، تستهلك الجيوش كميات هائلة من الوقود الأحفوري، ما يساهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري. تضيف أنه إذا كان الجيش الأميركي دولة على سبيل المثال، فإنه سيكون صاحب المركز السابع والأربعين من حيث إجمالي الانبعاثات على مستوى العالم. كما أن التفجيرات وغيرها من أساليب الحرب الحديثة تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجي. ويمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في منطقة ما. ويؤدي التلوث الناجم عن الحرب إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، ما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها. 

تقارير طوعية

وهذا غيض من فيض. تفيد "غلوبال سيتيزين" بأنه حتى في وقت السلم، تستهلك الجيوش كميات هائلة من الطاقة القذرة (الطاقة التي تساهم في تسريع تغير المناخ وتضر بالمجتمعات في الجنوب العالمي. وتتضمن العديد من مشاريع الطاقة القذرة استخراج أو حرق الوقود الأحفوري - النفط والغاز والفحم - لتوليد الكهرباء، ما يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي). 
على سبيل المثال، تمثل مباني وزارة الدفاع الأميركية البالغ عددها 566 ألف مبنى نحو 40% من استخدامها للوقود الأحفوري. وتشمل هذه مرافق التدريب والمصانع والمباني الأخرى في قواعد الوزارة البالغ عددها 800 قاعدة حول العالم. وفي دول مثل سويسرا والمملكة المتحدة، تستهلك وزارتا الدفاع معظم أنواع الوقود الأحفوري مقارنة بالمؤسسات الحكومية الأخرى. ولا تقوم الدول الأخرى التي تمتلك جيوشاً ضخمة مثل الصين والمملكة العربية السعودية وروسيا وإسرائيل بالإبلاغ عن إجمالي انبعاثاتها، ولكن من المتوقع أن يكون النمط هو نفسه.

بعض من الدمار الناتج عن القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة (مؤمن فايز/ Getty)
بعض من الدمار الناتج عن القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة (مؤمن فايز/ Getty)

وخلال العشرين عاماً الماضية، أطلقت الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها أكثر من 337 ألف قنبلة وصاروخ على دول أخرى، وفقاً لموقع سالون. ويمكن للطائرات التي تحمل هذه الأسلحة أن تحرق 4.28 غالونات من الوقود لكل ميل، وتطلق مع كل انفجار انبعاثات غازات دفيئة إضافية، عدا عن تدمير "بالوعات" الكربون الطبيعية مثل التربة والنباتات والأشجار. وهذا أيضاً غيض من فيض.
بموجب اتفاقية باريس، يعدّ تقديم تقارير انبعاثات القطاع العسكري إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) طوعية. ووفقاً لمنظمة "فجوة انبعاثات القطاع العسكري"، تقدم أربع دول فقط تقاريرها إلى UNFCCC. في هذا الإطار، لا توجد بيانات محددة عن انبعاثات احتراق الوقود العسكري في قائمة الجرد الوطنية السنوية لغازات الدفيئة التي تقدمها إسرائيل إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لكن دراسة نشرتها شبكة أبحاث العلوم الاجتماعية تقدر أن انبعاثات إسرائيل من الوقود خلال الحرب على قطاع غزة تراوح ما بين 261.800 و372.480 طناً من ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل الانبعاثات السنوية لجزر سليمان المهددة بالغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
وتقدّر دراسة تحمل عنوان "لقطات متعددة الأوقات لانبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن الصراع بين إسرائيل وغزة"، أن الانبعاثات الناتجة عن الـ 120 يوماً الأولى من الحرب وحدها كانت أكبر من الانبعاثات السنوية لـ 26 دولة مجتمعة. وعند الأخذ في الاعتبار البنية التحتية للحرب لكل من إسرائيل وحركة حماس، فإن إجمالي الانبعاثات يزيد إلى أكثر من انبعاثات 36 دولة.

حرب أوكرانيا (أولكساندر جيمانوف/ فرانس برس)
اندلعت الحرب على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 (أولكساندر جيمانوف/ فرانس برس)

ويؤكد المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور بنجامين نيمارك، المحاضر الأول في جامعة كوين ماري في لندن، أهمية هذا البحث في لفت الانتباه إلى العواقب البيئية للحرب. ويقول: "تسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى إعداد تقارير شاملة عن الانبعاثات العسكرية إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وإجراء دراسة شاملة للانبعاثات العسكرية بهدف زيادة الوعي حول تأثير الصراعات على المناخ. وبينما يتصارع العالم مع الأزمات المزدوجة المتمثلة في تغير المناخ والصراعات العسكرية، فإن فهم الأثر البيئي للحرب وتخفيفه أمر بالغ الأهمية".
من جهته، يشير المؤلف المشارك الدكتور باتريك بيغر، وهو مدير الأبحاث في مشروع المناخ والمجتمع (مركز أبحاث متخصص في العدالة المناخية ومقره الولايات المتحدة)، إلى أن "انبعاثات الكربون المرتبطة بالغزو الإسرائيلي لغزة ليست السبب الأكثر أهمية لوجوب ضغط المجتمع العالمي من أجل وقف إطلاق النار، فكل حياة لا تزال معرضة للخطر مهمة. لكن هذا البحث يوضح بعض الآثار الاجتماعية والبيئية طويلة المدى للحرب، وهو بمثابة تذكير بأن الصراع المسلح يجعلنا أقرب إلى شفا الاحترار الكارثي".
لم تصدر تقارير بعد حول الانبعاثات الناتجة عن العدوان على لبنان الذي يتعرض للقصف منذ الثامن من أكتوبر 2023، قبل أن تتصاعد حدة العدوان في 23 سبتمبر الماضي. ويشهد لبنان منذ التاريخ الأخير سقوط أطنان من المتفجرات، التي لا شك أن لها انعكاساتها على البيئة والمناخ. ولا يبدو أن النزاعات قد تأخذ حيزاً في النقاشات التي سيشهدها "كوب 29"، رغم وجوب إثارة ملف النزاعات وتأثيره على المناخ، بجدية أكبر. من جهة أخرى، نستعرض تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على المناخ. في سنتها الأولى، خلفت الحرب 120 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعادل تقريباً الانبعاثات السنوية لبلجيكا، وفق التقرير الذي أصدرته مبادرة حساب الغازات الدفيئة.   

هنا، تقول أشرف إن "5.5% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي ناتجة عن الجيوش، أي أكثر من قطاعي الطيران والشحن مجتمعين. وهذا تقدير متواضع للغاية لا يأخذ في الاعتبار الافتقار إلى الشفافية من الجيوش. تضيف أن البنتاغون (مبنى وزارة الدفاع) وحده مسؤول عن انبعاثات أكثر من معظم البلدان في جميع أنحاء العالم. لهذا السبب، يجب أن تكون الأعمال العسكرية على رأس جدول أعمال المؤتمر المخصص لتنسيق الخطة الدولية لمعالجة أزمة تغير المناخ، كونها الصناعة الأكثر تلويثاً وضرراً وإهداراً على هذا الكوكب".
وتشير أشرف إلى أن تأثير الصناعات العسكرية على تغيّر المناخ كبير، لكن غالباً ما يتم التقليل من شأنه بسبب الإعفاءات من الإبلاغ والافتقار إلى الشفافية. غياب بيانات دقيقة يعني أن فهم العالم للانبعاثات الإجمالية غير مكتمل، ما يؤثر على السياسات والأهداف. وتوضح أن القطاع العسكري هو أحد أكبر مستهلكي الوقود الأحفوري، ويؤدي إلى انبعاث غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير. أعفيت الدول من الإبلاغ عن انبعاثاتها من الأنشطة العسكرية في بروتوكول كيوتو عام 1997. وعلى الرغم من أنها ليست معفية صراحةً بموجب اتفاقية باريس، لكن ما من شرط ملزم للدول للإبلاغ عنها.

قصف إسرائيلي على منطقة الخيام في جنوب لبنان (فرانس برس)
قصف إسرائيلي على منطقة الخيام في جنوب لبنان (فرانس برس)

تضيف: "من الضروري فهم تأثير القطاع العسكري والأعمال العسكرية على المناخ بما يتجاوز الانبعاثات المباشرة، إذ تساهم الحروب في تدهور النظم البيئية، وتدمير أحواض الكربون الطبيعية (الغابات والتربة والمحيطات) وتلويث البيئة. والأهم من ذلك أنها تدمر البنية التحتية التي تدعم الحياة. أنتجت الإبادة الجماعية في غزة أكثر من 40 مليون طن من الأنقاض التي ستستغرق إزالتها أكثر من عقد من الزمان. لا ينبغي لنا أن نفكر في التأثير البيئي على العالم الطبيعي في فراغ، بل يجب أن نضعه في سياق التأثيرات الاجتماعية والسياسية على المجتمعات التي تواجه وطأة الحرب وانهيار المناخ.
تضيف: "نرى أن الميزانيات الحكومية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية للدفاع باهظة الثمن، لكنها دائماً ما تكون محدودة في مشاريع التكيف مع المناخ. أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على حروبها في أوكرانيا وإسرائيل، لكنها لا تستطيع تخصيص استثمارات كافية في الصفقات الخضراء الجديدة".
وفي ما يتعلق بغياب أو قلة المعلومات المتعلقة بانبعاثات القطاع العسكري، تقول أشرف إننا "في حاجة ماسة إلى مزيد من الشفافية في ما يتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأعمال العسكرية. لكن القضية الأساسية المتعلقة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لا تتلخص ببساطة في الافتقار إلى الشفافية في إعداد التقارير، بل في الافتقار إلى تدابير الإنفاذ؛ ذلك أن الأهداف المناخية التي تزعم الدول الالتزام بها، سواء كانت البقاء من دون درجتين مئويتين من الاحترار العالمي، أو تحقيق الصفر الصافي بحلول عام 2050، ليست ملزمة. ولا تتضمن الاتفاقية أية تدابير إنفاذ لمحاسبة البلدان على تحقيق الأهداف المتفق عليها عالمياً. بالتالي، فإن القوى الإمبريالية التي تتمتع بأكبر قدر من النفوذ في الفضاءات تنتهي إلى إملاء طبيعة الخطط المناخية المقترحة والمنفذة، في ظل غياب هيئة حكومية دولية مستقلة قادرة على فرض تدابير عادلة".

عدالة مناخية؟

وهل يمكن تحقيق العدالة المناخية بعد كل ما سبق؟ تقول أشرف إن "خطة رأس المال العالمي للتحول الأخضر غير كافية وبطيئة وغير ملهمة على الإطلاق. إذا حافظنا ببساطة على معدل النمو الاقتصادي الحالي، فإننا نسير على الطريق الصحيح لارتفاع درجة الحرارة بمقدار ثلاث درجات على الأقل فوق المستويات الصناعية. وسيكون تأثير هذا على مناخنا كارثياً بكل بساطة". تضيف: "ستستمر الحروب ما لم يكن هناك تحول جذري. هناك محاولات خضراء للأعمال العسكرية، مثل صناعة دبابات تعمل بالطاقة الشمسية على سبيل المثال. لكن مثل هذه المحاولات تعد عقيمة لتبييض الأعمال الحربية والإبادة الجماعية". وتؤكد أن "الحروب والأعمال العسكرية تتعارضان مع المستقبل البيئي الكريم الذي نتمناه. مع ذلك، فإن أصحاب السلطة سيبذلون كل محاولة لفرض مصالحهم، وذلك من خلال عسكرة الحدود لمنع دخول لاجئي المناخ، بالإضافة إلى خوض المزيد من الحروب للسيطرة هذا الموارد. وهذا ما أشار إليه علماء البيئة السياسيون باعتباره نظاماً عالمياً ناشئاً قائماً على "الفصل العنصري البيئي".
وأخيراً، تقول أشرف إن "الفشل الواضح للمؤسسات متعددة الأطراف في تحقيق العدالة المناخية يعزز الحاجة إلى عمل سياسي منسق وعاجل من القاعدة. لقد أعربت حركة العدالة المناخية الغربية مراراً وتكراراً عن أنها تنظر إلى التحرير الوطني الفلسطيني شرطاً أساسياً للعدالة المناخية والتحول الأخضر العالمي العادل". 

المساهمون