تخوض الكويت جدالاً ثقافياً واجتماعياً يتعلق بالحقل التعليمي منذ فترة. فبعد نحو خمسة عقود على تأسيس جامعة الكويت، ما زالت ساحة للصراع بين التيارات الإسلامية والمحافظة من جهة، وبين التيارات الليبرالية من جهة أخرى، في ما يتعلق بقانون منع الاختلاط في الجامعة.
افتتحت جامعة الكويت رسمياً عام 1966، وهي أول جامعة حكومية في الكويت. في ذلك الوقت، كان التعليم فيها مختلطاً. لكن مع صعود الإسلاميين، تغيرت قواعد اللعبة وأقر قانون عام 1996، الذي يقضي بالفصل التام بين الذكور والإناث في قاعات الجامعة. وينصّ القانون في المادة الأولى على أنه "في سبيل الوصول إلى الوضع الشرعي الأمثل، تعمل الحكومة خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، على تطوير المباني القائمة لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بما يضمن منع الاختلاط وتأمين أماكن خاصة للطالبات في المباني وقاعات الدراسة والمختبرات والمكتبات والنشاطات والخدمات التربوية والإدارية وجميع المرافق".
وفور صدور القانون، الذي حظي بدعم واسع من اتحاد طلاب جامعة الكويت، والذي يسيطر عليه تحالف إسلامي يضم جماعتي الإخوان المسلمين والجماعة السلفية، بدأت وزارة التربية بالفصل بين الذكور والإناث في القاعات الدراسية والكافيتيريات، من دون أن يشمل ذلك الحرم الجامعي بالكامل. ففي كلية الطب على سبيل المثال، تعذر الفصل، كما أعلنت وزارة التربية. وأقرّ الإسلاميون بذلك مؤقتاً، على أن تخصص وزارة التربية في مبنى الجامعة الجديد، الذي وضع حجر أساسه عام 2005، مباني منفصلة للذكور وأخرى للإناث.
وعلى الرغم من استمرار الجدال طوال خمسة عشر عاماً بين محافظين يطالبون بالإسراع في تنفيذ القانون، وآخرين يطالبون الحكومة بالتحرك لإلغائه، فشلت مساعي جميع الأطراف (بينهم التحالف الوطني وهو تكتل نيابي ليبرالي) في حل القضية لتبقى معلقة. كذلك، ما زال مقر الجامعة الجديد غير جاهز حتى الآن.
إلا أن غياب المعارضة ذات الصبغة الإسلامية عن مجلس الأمة بسبب موقفها من قانون توزيع الدوائر الانتخابية، أتاح الفرصة أمام معارضي منع الاختلاط للتحرك في المحكمة الدستورية. وتقدم طالبان من جامعة الكويت بطعن، وأدى حكم المحكمة الدستورية فيه إلى إحداث ضجة كبيرة، وفتح باب النقاش على مصراعيه.
وأقرت المحكمة الدستورية بأن قانون "منع الاختلاط" دستوري. وفسّرت الفصل بأنه "في القاعات فقط من دون باقي المرافق". وأشارت إلى "عدم وضع ساتر خشبي أو إسمنتي داخل القاعة، بل بمجرد فصل في الكراسي بينهما".
هذا التفسير الجديد اعتبره مقدمو الطعن انتصاراً حقيقياً لهم، مؤكدين أنها أول خطوة في طريق إلغاء القانون. في المقابل، رأى الإسلاميون أن تفسير القانون هو خارج عن نطاق سلطة المحكمة الدستورية. وقال النائب الإسلامي السابق والقيادي البارز في المعارضة جمعان الحربش إن حكم المحكمة الدستورية فرّغ قانون منع الاختلاط من محتواه.
إلى ذلك، يخشى الإسلاميون من سياسة الحكومة التي تؤيد إلغاء القانون. وقد استضافت قناة الكويت الرسمية ناشطين في حركة إزالة قانون منع الاختلاط، وقد اعتبر الإسلاميون الأمر حملة ترويجية من قبل الحكومة لإلغاء القانون. ويقول معارضو قانون منع الاختلاط إنه يكلف الدولة ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً، تصرف كرواتب للهيئة التدريسية، بسبب عدم إمكانية وضع الطالبات مع الطلبة في قاعات موحدة. ويقول المعارضون إن التعليم المشترك هو المصطلح البديل عن التعليم المختلط، وقد أثبت فاعليته في خلق بيئة تعليمية. من جهة أخرى، فإن الاختلاط موجود في المؤسسات والشركات التي سيعمل فيها الطلاب في وقت لاحق.
في المقابل، يقول المؤيدون للقانون، بينهم الطالب والنقابي الإسلامي عبدالله الشطي، لـ "العربي الجديد"، إن القانون جاء استجابة لإرادة شعبية وحكومية اتفق عليها مطلع التسعينيات، وبدعم طلابي حاشد من قبل ممثل الطلاب الكويتيين الوحيد وهو اتحاد الطلبة. يضيف: "كما أقر القانون بإرادة الشعبية، لن يحل إلا بالإرادة الشعبية". يتابع: "لا أعتقد أن شعب الكويت سيقبل بالاختلاط في الجامعات لأنه محافظ ومتدين ويحترم عاداته وتقاليد. كذلك، فإن جميع القوائم المنافسة لنا، عدا واحدة، تؤيد القانون".
في الجامعة، افتتحت بعض الكليات العديد من القاعات الدراسية المختلطة. ويقول أحمد الظفيري وهو طالب في كلية الآداب لـ "العربي الجديد": "بدأت القاعات المختلطة بالظهور هذا الفصل فعلاً، وذلك أثناء تسجيل المقررات الدراسية. وعرفت أن مقررين من أصل ستة سجلتها ستكون مختلطة. ويرى أن "الاختلاط موجود خارج الفصول، وفي كل مكان في الجامعة. كل ما أريده ويريده الطلاب اليوم، هو أن يجتهد أعضاء البرلمان في إقرار قوانين لتحديث وتطوير المنشآت الجامعية بدلاً من تضييع وقتهم في هذه المهاترات".
ويرى مراقبون بأن قرار المحكمة الدستورية ما هو إلا حيلة لدفع الإسلاميين بقوة نحو الانتخابات المقبلة، وإنهاء حالة المقاطعة التي استمرت أربع سنوات، وهو ما نجحت فيه الحكومة فعلاً.
اقرأ أيضاً: البدون في الكويت "راوح مكانك"
افتتحت جامعة الكويت رسمياً عام 1966، وهي أول جامعة حكومية في الكويت. في ذلك الوقت، كان التعليم فيها مختلطاً. لكن مع صعود الإسلاميين، تغيرت قواعد اللعبة وأقر قانون عام 1996، الذي يقضي بالفصل التام بين الذكور والإناث في قاعات الجامعة. وينصّ القانون في المادة الأولى على أنه "في سبيل الوصول إلى الوضع الشرعي الأمثل، تعمل الحكومة خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، على تطوير المباني القائمة لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بما يضمن منع الاختلاط وتأمين أماكن خاصة للطالبات في المباني وقاعات الدراسة والمختبرات والمكتبات والنشاطات والخدمات التربوية والإدارية وجميع المرافق".
وفور صدور القانون، الذي حظي بدعم واسع من اتحاد طلاب جامعة الكويت، والذي يسيطر عليه تحالف إسلامي يضم جماعتي الإخوان المسلمين والجماعة السلفية، بدأت وزارة التربية بالفصل بين الذكور والإناث في القاعات الدراسية والكافيتيريات، من دون أن يشمل ذلك الحرم الجامعي بالكامل. ففي كلية الطب على سبيل المثال، تعذر الفصل، كما أعلنت وزارة التربية. وأقرّ الإسلاميون بذلك مؤقتاً، على أن تخصص وزارة التربية في مبنى الجامعة الجديد، الذي وضع حجر أساسه عام 2005، مباني منفصلة للذكور وأخرى للإناث.
وعلى الرغم من استمرار الجدال طوال خمسة عشر عاماً بين محافظين يطالبون بالإسراع في تنفيذ القانون، وآخرين يطالبون الحكومة بالتحرك لإلغائه، فشلت مساعي جميع الأطراف (بينهم التحالف الوطني وهو تكتل نيابي ليبرالي) في حل القضية لتبقى معلقة. كذلك، ما زال مقر الجامعة الجديد غير جاهز حتى الآن.
إلا أن غياب المعارضة ذات الصبغة الإسلامية عن مجلس الأمة بسبب موقفها من قانون توزيع الدوائر الانتخابية، أتاح الفرصة أمام معارضي منع الاختلاط للتحرك في المحكمة الدستورية. وتقدم طالبان من جامعة الكويت بطعن، وأدى حكم المحكمة الدستورية فيه إلى إحداث ضجة كبيرة، وفتح باب النقاش على مصراعيه.
وأقرت المحكمة الدستورية بأن قانون "منع الاختلاط" دستوري. وفسّرت الفصل بأنه "في القاعات فقط من دون باقي المرافق". وأشارت إلى "عدم وضع ساتر خشبي أو إسمنتي داخل القاعة، بل بمجرد فصل في الكراسي بينهما".
هذا التفسير الجديد اعتبره مقدمو الطعن انتصاراً حقيقياً لهم، مؤكدين أنها أول خطوة في طريق إلغاء القانون. في المقابل، رأى الإسلاميون أن تفسير القانون هو خارج عن نطاق سلطة المحكمة الدستورية. وقال النائب الإسلامي السابق والقيادي البارز في المعارضة جمعان الحربش إن حكم المحكمة الدستورية فرّغ قانون منع الاختلاط من محتواه.
إلى ذلك، يخشى الإسلاميون من سياسة الحكومة التي تؤيد إلغاء القانون. وقد استضافت قناة الكويت الرسمية ناشطين في حركة إزالة قانون منع الاختلاط، وقد اعتبر الإسلاميون الأمر حملة ترويجية من قبل الحكومة لإلغاء القانون. ويقول معارضو قانون منع الاختلاط إنه يكلف الدولة ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً، تصرف كرواتب للهيئة التدريسية، بسبب عدم إمكانية وضع الطالبات مع الطلبة في قاعات موحدة. ويقول المعارضون إن التعليم المشترك هو المصطلح البديل عن التعليم المختلط، وقد أثبت فاعليته في خلق بيئة تعليمية. من جهة أخرى، فإن الاختلاط موجود في المؤسسات والشركات التي سيعمل فيها الطلاب في وقت لاحق.
في المقابل، يقول المؤيدون للقانون، بينهم الطالب والنقابي الإسلامي عبدالله الشطي، لـ "العربي الجديد"، إن القانون جاء استجابة لإرادة شعبية وحكومية اتفق عليها مطلع التسعينيات، وبدعم طلابي حاشد من قبل ممثل الطلاب الكويتيين الوحيد وهو اتحاد الطلبة. يضيف: "كما أقر القانون بإرادة الشعبية، لن يحل إلا بالإرادة الشعبية". يتابع: "لا أعتقد أن شعب الكويت سيقبل بالاختلاط في الجامعات لأنه محافظ ومتدين ويحترم عاداته وتقاليد. كذلك، فإن جميع القوائم المنافسة لنا، عدا واحدة، تؤيد القانون".
في الجامعة، افتتحت بعض الكليات العديد من القاعات الدراسية المختلطة. ويقول أحمد الظفيري وهو طالب في كلية الآداب لـ "العربي الجديد": "بدأت القاعات المختلطة بالظهور هذا الفصل فعلاً، وذلك أثناء تسجيل المقررات الدراسية. وعرفت أن مقررين من أصل ستة سجلتها ستكون مختلطة. ويرى أن "الاختلاط موجود خارج الفصول، وفي كل مكان في الجامعة. كل ما أريده ويريده الطلاب اليوم، هو أن يجتهد أعضاء البرلمان في إقرار قوانين لتحديث وتطوير المنشآت الجامعية بدلاً من تضييع وقتهم في هذه المهاترات".
ويرى مراقبون بأن قرار المحكمة الدستورية ما هو إلا حيلة لدفع الإسلاميين بقوة نحو الانتخابات المقبلة، وإنهاء حالة المقاطعة التي استمرت أربع سنوات، وهو ما نجحت فيه الحكومة فعلاً.
اقرأ أيضاً: البدون في الكويت "راوح مكانك"