تحولت مؤشرات الفقر والبطالة إلى الهاجس الأكبر للأردن اليوم، مع ارتفاع معدلاتها في السنوات الأخيرة وعدم قدرة البرامج والخطط الحكومية على مواجهتها، أو على الأقل تثبيتها عند حد معين.
ويرى مراقبون أن هناك تخبطاً حكومياً في احتساب معدلات الفقر والبطالة بشكل دقيق، مع خشية من الإعلان عن النسب الحقيقية في ضوء ارتفاعها، بالرغم مما يبذل من جهود لتخفيضها. وبينما أعلنت الحكومة قبل شهرين ارتفاع البطالة إلى أكثر من 18.5%، وهي الأعلى منذ أكثر من 5 سنوات، فإن الجهات المختصة لا تزال تخفي معدل الفقر الحقيقي، إذ إن النسبة المعلنة عام 2010 والبالغة 14.4% هي المتداولة حتى اليوم في الأردن عند الحديث عن مشكلة الفقر في البلاد.
مسح بلا نتائج
وكانت الحكومة أجرت قبل عامين مسحاً للتعرف إلى معدل الفقر الجديد لكنها لم تعلن عن النتائج، حيث كشفت مصادر حينها أن ذلك يعود إلى ارتفاع النسبة بشكل كبير. وبحسب المراقبين، فإن الحكومة تحاول جاهدة الخروج على المواطنين بنسب فقر منخفضة بخلاف الواقع، وذلك من خلال اعتماد منهجيات جديدة للمسوحات التي ستجريها بهذا الخصوص.
وقال مدير عام دائرة الإحصاءات العامة قاسم الزعبي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تعتزم تنفيذ مسح جديد لنفقات ودخل الأسرة بداية الشهر المقبل وفق منهجيات جديدة، وإن المعلومات التي سيتم جمعها هي لأغراض مسحية وإحصائية فقط.
وأضاف أن مثل هذه المسوحات ستجري بشكل دوري وعدة مرات في العام الواحد حتى يتم توفير قاعدة بيانات محدثة عن الفقر والبطالة.
بدوره، شرح وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد الفاخوري، أن هذا المسح يساعد الحكومة في وضع السياسات المناسبة لمعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحديد التدخلات التنموية المناسبة بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف في تصريح له أخيراً، أن تقليص مستويات الفقر والبطالة يشكل واحداً من أهم أولويات الحكومات المتعاقبة في الأردن، وهذا يتطلب الوقوف على واقع مستويات معيشة المواطنين وتمكين الحكومة من وضع السياسات المناسبة.
والمسح ينفذ على عينة من الأسر يصل عددها إلى حوالي 20 ألف أسرة موزعة على كافة محافظات الأردن. وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، فإن أهداف المسح هي توفير قاعدة بيانات شاملة حول نسب الفقر وشدته وأنماط الاستهلاك السائدة في المجتمع ومتوسط الدخل والإنفاق، تمهيداً لإعداد خريطة الفقر في البلاد. كما يوفر المسح بيانات ومؤشرات حول قطاعات التعليم والصحة والبنية الأساسية والبيئية وخصائص المسكن.
مشكلة بلا حلول
وارتفع خط الفقر في الأردن إلى أكثر من ألف دولار خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب الزيادة التي طرأت على الأسعار، بعد رفع الحكومة الدعم عن السلع والخدمات وتراجع فرص العمل وثبات الرواتب والأجور.
ورأى رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أحمد الصفدي، أن الفقر والبطالة من أهم المشاكل التي تواجه الأردن، وللأسف أنهما في ارتفاع متواصل، رغم البرامج والخطط الحكومية التي تنفذ منذ سنوات طويلة.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي العام في البلاد انعكس سلباً على معدلات الفقر والبطالة، حيث ما زالت نسبة النمو أقل من 3%، وذلك يعود لعدة أسباب، من بينها التحديات الناتجة عن المشاكل المالية الداخلية وتباطؤ الاستثمارات والظروف المحيطة بالأردن وعدم قدرة الاقتصاد على توفير المزيد من فرص العمل.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن مديونية البلاد ارتفعت إلى أكثر من 37.4 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع العجز المالي وخسائر شركة الكهرباء الحكومية وسلطة المياه، وكذا أعباء اللجوء السوري. وأشار إلى انخفاض الصادرات بنسبة بلغت حوالي 9% العام الماضي... ما أدى إلى ارتفاع واضح في معدلات الفقر والبطالة.
الخبير الاقتصادي عيسى مقطش، قال لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع نسب الفقر والبطالة يؤكد إخفاق السياسات والبرامج الحكومية في معالجة هاتين المشكلتين وتقليل معدلاتهما "وكثيراً ما سمعنا عن تعدد تلك الخطط، ولكن النتائج على أرض الواقع سلبية".
وأضاف أن ارتفاع الفقر والبطالة في الأردن ليس بالأمر الجديد وهو ليس وليد الساعة ولا يمكن ربطه فقط بالظروف المحيطة التي تعمق المشكلة، لكن هناك عوامل أخرى لم تتم معالجتها بالأساس، مثل تحفيز الاستثمار وتوزيع عوائد التنمية بشكل أفضل على مختلف المناطق، والاهتمام أكثر بمناطق جيوب الفقر وإعادة النظر بسياسة التعليم والتركيز على التعليم المهني وربطه بسوق العمل.
تنظيم سوق العمل
من جانبه، قال المستشار لدى وزارة التنمية الاجتماعية فواز رطروط، لـ"العربي الجديد"، إن الاهتمام الحكومي كبير في ما يتعلق بمعدل الفقر تحديداً، وتعمل الجهات المختصة على تخفيض نسبته وفق آليات معينة، من ضمنها تقديم معونات مالية شهرية للأسر المعوزة تبلغ حوالي 300 دولار للعائلة الواحدة وكذلك مساعدات عينية من حين لآخر.
وأشار إلى وجود مئات الجمعيات التي تختص بمحاربة الفقر وتقدم المعونات للمحتاجين، لكن التحديات أكبر من قدرة الحكومة على كبح جماح آفة الفقر وتخفيضها بشكل كبير في هذه الفترة.
وكشف استطلاع للرأي في الأردن عن أن 85.6% من الأردنيين يتقاضون رواتب تقل عن 700 دولار.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل الأردنية محمد الخطيب، لـ"العربي الجديد"، أن واحدة من الاستراتيجيات التي تعمل الحكومة على أساسها لمواجهة الفقر والبطالة هي تنظيم سوق العمل والحد من استقدام الأيدي العاملة من الخارج وإغلاق بعض المجالات أمام الوافدين.
وأضاف أن وزارة العمل لا تزال تنفذ حملة واسعة على العمال المخالفين وتسفيرهم وذلك لتوفير فرص عمل للأردنيين.
وتقدر وزارة العمل العمال الوافدين في الأردن بحوالي مليون عامل معظمهم مخالفون لشروط وتصاريح العمل ويعملون في مجالات محصورة بالأردنيين. وفي حال شمول اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن والبالغ عدد 1.3 مليون شخص، فإن نسبة الفقر ستقفز كثيراً.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، رأى أن أحد مظاهر الفقر في الأردن هو تآكل الطبقة الوسطى، حيث تراجعت مداخيل هذه الفئة لعدة أسباب، أهمها ارتفاع الأسعار. إذ إن عدداً كبيراً ممن ينتمون لهذه الفئة هم من الموظفين وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وأكد على أهمية العمل على إحياء هذه الطبقة التي تؤسس لحالة توازن في المجتمع وتخفض نسبة الفقر المرتفعة وبالتالي تخفض الفجوة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء.
اقــرأ أيضاً
مسح بلا نتائج
وكانت الحكومة أجرت قبل عامين مسحاً للتعرف إلى معدل الفقر الجديد لكنها لم تعلن عن النتائج، حيث كشفت مصادر حينها أن ذلك يعود إلى ارتفاع النسبة بشكل كبير. وبحسب المراقبين، فإن الحكومة تحاول جاهدة الخروج على المواطنين بنسب فقر منخفضة بخلاف الواقع، وذلك من خلال اعتماد منهجيات جديدة للمسوحات التي ستجريها بهذا الخصوص.
وقال مدير عام دائرة الإحصاءات العامة قاسم الزعبي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تعتزم تنفيذ مسح جديد لنفقات ودخل الأسرة بداية الشهر المقبل وفق منهجيات جديدة، وإن المعلومات التي سيتم جمعها هي لأغراض مسحية وإحصائية فقط.
وأضاف أن مثل هذه المسوحات ستجري بشكل دوري وعدة مرات في العام الواحد حتى يتم توفير قاعدة بيانات محدثة عن الفقر والبطالة.
بدوره، شرح وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد الفاخوري، أن هذا المسح يساعد الحكومة في وضع السياسات المناسبة لمعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحديد التدخلات التنموية المناسبة بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف في تصريح له أخيراً، أن تقليص مستويات الفقر والبطالة يشكل واحداً من أهم أولويات الحكومات المتعاقبة في الأردن، وهذا يتطلب الوقوف على واقع مستويات معيشة المواطنين وتمكين الحكومة من وضع السياسات المناسبة.
والمسح ينفذ على عينة من الأسر يصل عددها إلى حوالي 20 ألف أسرة موزعة على كافة محافظات الأردن. وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، فإن أهداف المسح هي توفير قاعدة بيانات شاملة حول نسب الفقر وشدته وأنماط الاستهلاك السائدة في المجتمع ومتوسط الدخل والإنفاق، تمهيداً لإعداد خريطة الفقر في البلاد. كما يوفر المسح بيانات ومؤشرات حول قطاعات التعليم والصحة والبنية الأساسية والبيئية وخصائص المسكن.
مشكلة بلا حلول
وارتفع خط الفقر في الأردن إلى أكثر من ألف دولار خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب الزيادة التي طرأت على الأسعار، بعد رفع الحكومة الدعم عن السلع والخدمات وتراجع فرص العمل وثبات الرواتب والأجور.
ورأى رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أحمد الصفدي، أن الفقر والبطالة من أهم المشاكل التي تواجه الأردن، وللأسف أنهما في ارتفاع متواصل، رغم البرامج والخطط الحكومية التي تنفذ منذ سنوات طويلة.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي العام في البلاد انعكس سلباً على معدلات الفقر والبطالة، حيث ما زالت نسبة النمو أقل من 3%، وذلك يعود لعدة أسباب، من بينها التحديات الناتجة عن المشاكل المالية الداخلية وتباطؤ الاستثمارات والظروف المحيطة بالأردن وعدم قدرة الاقتصاد على توفير المزيد من فرص العمل.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن مديونية البلاد ارتفعت إلى أكثر من 37.4 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع العجز المالي وخسائر شركة الكهرباء الحكومية وسلطة المياه، وكذا أعباء اللجوء السوري. وأشار إلى انخفاض الصادرات بنسبة بلغت حوالي 9% العام الماضي... ما أدى إلى ارتفاع واضح في معدلات الفقر والبطالة.
الخبير الاقتصادي عيسى مقطش، قال لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع نسب الفقر والبطالة يؤكد إخفاق السياسات والبرامج الحكومية في معالجة هاتين المشكلتين وتقليل معدلاتهما "وكثيراً ما سمعنا عن تعدد تلك الخطط، ولكن النتائج على أرض الواقع سلبية".
وأضاف أن ارتفاع الفقر والبطالة في الأردن ليس بالأمر الجديد وهو ليس وليد الساعة ولا يمكن ربطه فقط بالظروف المحيطة التي تعمق المشكلة، لكن هناك عوامل أخرى لم تتم معالجتها بالأساس، مثل تحفيز الاستثمار وتوزيع عوائد التنمية بشكل أفضل على مختلف المناطق، والاهتمام أكثر بمناطق جيوب الفقر وإعادة النظر بسياسة التعليم والتركيز على التعليم المهني وربطه بسوق العمل.
تنظيم سوق العمل
من جانبه، قال المستشار لدى وزارة التنمية الاجتماعية فواز رطروط، لـ"العربي الجديد"، إن الاهتمام الحكومي كبير في ما يتعلق بمعدل الفقر تحديداً، وتعمل الجهات المختصة على تخفيض نسبته وفق آليات معينة، من ضمنها تقديم معونات مالية شهرية للأسر المعوزة تبلغ حوالي 300 دولار للعائلة الواحدة وكذلك مساعدات عينية من حين لآخر.
وأشار إلى وجود مئات الجمعيات التي تختص بمحاربة الفقر وتقدم المعونات للمحتاجين، لكن التحديات أكبر من قدرة الحكومة على كبح جماح آفة الفقر وتخفيضها بشكل كبير في هذه الفترة.
وكشف استطلاع للرأي في الأردن عن أن 85.6% من الأردنيين يتقاضون رواتب تقل عن 700 دولار.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل الأردنية محمد الخطيب، لـ"العربي الجديد"، أن واحدة من الاستراتيجيات التي تعمل الحكومة على أساسها لمواجهة الفقر والبطالة هي تنظيم سوق العمل والحد من استقدام الأيدي العاملة من الخارج وإغلاق بعض المجالات أمام الوافدين.
وأضاف أن وزارة العمل لا تزال تنفذ حملة واسعة على العمال المخالفين وتسفيرهم وذلك لتوفير فرص عمل للأردنيين.
وتقدر وزارة العمل العمال الوافدين في الأردن بحوالي مليون عامل معظمهم مخالفون لشروط وتصاريح العمل ويعملون في مجالات محصورة بالأردنيين. وفي حال شمول اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن والبالغ عدد 1.3 مليون شخص، فإن نسبة الفقر ستقفز كثيراً.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، رأى أن أحد مظاهر الفقر في الأردن هو تآكل الطبقة الوسطى، حيث تراجعت مداخيل هذه الفئة لعدة أسباب، أهمها ارتفاع الأسعار. إذ إن عدداً كبيراً ممن ينتمون لهذه الفئة هم من الموظفين وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وأكد على أهمية العمل على إحياء هذه الطبقة التي تؤسس لحالة توازن في المجتمع وتخفض نسبة الفقر المرتفعة وبالتالي تخفض الفجوة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء.