استمع إلى الملخص
- فرض التعريفات الجمركية أدى لزيادة التكاليف على المستهلكين الأميركيين واضطرابات في سلاسل التوريد، بينما أظهر قطاع التكنولوجيا الصيني مرونة واستثماراً في البدائل المحلية وزيادة في الاستثمار الأجنبي.
- العقوبات الأميركية عززت تحالفات الصين الاستراتيجية، مما قلل من نفوذ الولايات المتحدة، وساعدت مبادرة الحزام والطريق في توسيع نطاق الصين الاقتصادي والتكنولوجي، مع تقدم ملحوظ في الاتصالات والذكاء الاصطناعي.
يرجح محللون أن أميركا قد تخسر حرب التقنية ضد بكين هذه المرة إذا نفذ ترامب سياسة محاصرة الصين تقنياً كما فعل في فترة رئاسته الأولى. وذلك وفق تحليل متخصص مساء الجمعة بوكالة بلومبيرغ. ويلاحظ أن الحرب التكنولوجية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين اتسمت بسلسلة من النزاعات التجارية والتعريفات الجمركية والقيود التي تهدف إلى كبح التقدم التكنولوجي في الصين. وفي ظل إدارة الرئيس ترامب السابقة، تم اتخاذ تدابير قوية لمعالجة ما كان يُنظر إليه على أنه ممارسات تجارية غير عادلة وسرقة للملكية الفكرية من قبل الصين. ولكن اعتبارًا من عام 2024، تطور المشهد بشكل كبير، مما يثير تساؤلات عما إذا كان ترامب يستطيع الفوز بفعالية في الحرب التكنولوجية هذه المرة على الصين.
وحذر تشو باوليانغ، كبير الاقتصاديين السابق في وكالة التخطيط الاقتصادي الصينية يوم الخميس، من أنه إذا نفذ ترامب التعريفات الجمركية المقترحة التي تصل إلى 60% على البضائع الصينية، فقد يؤثر ذلك بشكل كبير على صادرات الصين والناتج المحلي الإجمالي. ولكن هذه التعريفات الجمركية يمكن أن تؤدي أيضًا إلى إجراءات انتقامية من جانب بكين قد تؤدي إلى تصعيد الصراع التكنولوجي بشكل أكبر.
وفي تقرير حديث في نوفمبر الجاري، سلط بنك جيه بي مورغان تشيس الضوء على الاتجاهات التي تشير إلى زيادة الاستثمار الأجنبي في قطاع التكنولوجيا في الصين. وأشار البنك إلى أن المستثمرين يدركون إمكانات النمو في المشهد التكنولوجي في الصين، لا سيما في مجالات مثل تقنيات الطاقة المتجددة وحلول التمويل الرقمي. يشير تدفق رأس المال هذا إلى اعتقاد متزايد بين المستثمرين بأن صناعة التكنولوجيا في الصين ستستمر في الازدهار بغض النظر عن القيود أو التعريفات الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة. وتعكس رؤى جيه بي مورغان شعورا أوسع بأن موقف ترامب المتشدد قد يعزز موقف الصين عن غير قصد بدلاً من إضعافه.
وركز تحليل مصرف مورغان ستانلي على آثار الحرب التكنولوجية على سلاسل التوريد العالمية. وأشار إلى أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات تعيد تقييم سلاسل التوريد الخاصة بها بسبب التوترات الجيوسياسية، لكنها تجد صعوبة في الانفصال التام عن الصين دون تكبد تكاليف كبيرة أو فقدان الوصول إلى الأسواق الرئيسية. وأشار البنك إلى أن قدرات التصنيع الهائلة للصين ودورها كلاعب حاسم في سلاسل توريد الإلكترونيات العالمية تجعل من الصعب على الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها الابتعاد بشكل كامل عن الموردين الصينيين. وهذا الترابط يقوض استراتيجية ترامب المتمثلة في عزل الصين تكنولوجياً.
في ذات الصدد، أشار محللو مصرف غولدمان ساكس إلى أنه على الرغم من العقوبات الأميركية وضوابط تصدير التكنولوجيا إلى الصين، فقد أظهر قطاع التكنولوجيا الصيني مرونة وقدرة على التكيف بشكل ملحوظ. وشددوا في تحليلهم على أن الشركات الصينية تستثمر بشكل متزايد في البدائل المحلية للتكنولوجيا الأميركية، مما يقلل من اعتمادها على الشركات الأميركية. ويدعم هذا التحول الدعم الحكومي الكبير لمبادرات البحث والتطوير في الصين التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيات الحيوية مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي. وشدد التقرير على أنه في حين أن الإجراءات الأميركية قد تؤدي إلى إبطاء قطاعات معينة بشكل مؤقت، فمن غير المرجح أن توقف طموحات الصين التكنولوجية طويلة المدى.
تأثير التعريفات الجمركية
على صعيد فرض التعريفات الجمركية، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، تم فرض رسوم جمركية على بضائع صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات. وبينما كانت هذه التعريفات تهدف إلى حماية الوظائف والصناعات الأميركية مما وصفه ترامب وقتها بالمنافسة غير العادلة، إلا أنها كانت لها أيضًا عواقب سلبية كبيرة على الاقتصاد الأميركي، منها على سبيل المثال: زيادة التكاليف على المستهلكين الأميركيين، حيث أدت التعريفات الجمركية إلى رفع أسعار السلع المستوردة، مما أثر على المستهلكين الأميركيين بشكل مباشر. كما أدت التعريفات الجمركية إلى اضطرابات سلسلة التوريد، حيث واجهت العديد من الشركات الأميركية التي اعتمدت على المكونات الصينية تكاليف متزايدة أو اضطرابات في سلاسل التوريد الخاصة بها. كما شجعت العقوبات كذلك بعض الشركات الأميركية على نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة، لكن هذه العملية كانت معقدة ومكلفة. وعلى الرغم من جهود ترامب لتوطين الصناعة، هناك أدلة تشير إلى أن التعريفات الجمركية عززت عن غير قصد تصميم الصين على تطوير تقنياتها الخاصة بدلاً من الاعتماد على الواردات من الولايات المتحدة.
التحالفات الاستراتيجية
عززت العقوبات الأميركية قدرة الصين على إقامة تحالفات استراتيجية مع دول أخرى، حيث تتجه دول مثل روسيا والعديد من الدول في أفريقيا وجنوب شرق آسيا بشكل متزايد نحو الصين لإقامة شراكات واستثمارات في مجال التكنولوجيا. ولا يؤدي هذا التحول إلى تعزيز القدرات التكنولوجية للصين فحسب، بل يقلل أيضًا نفوذ الولايات المتحدة على مستوى العالم. علاوة على ذلك، سمحت مبادرة الحزام والطريق للصين بتوسيع نطاقها الاقتصادي وأسواقها العالمية مع الترويج لمعاييرها التكنولوجية في الخارج. ومع تبني المزيد من الدول للتكنولوجيا الصينية، يصبح من الصعب على نحو متزايد أن تقوم الولايات المتحدة بعزل الصين تكنولوجياً.
التقدم التكنولوجي
على مدى العقد الماضي، حققت الصين تقدماً كبيراً في مختلف القطاعات التكنولوجية، بما في ذلك الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، وتصنيع أشباه الموصلات. ولقد استثمرت الحكومة الصينية بكثافة في البحث والتطوير من خلال مبادرات مثل "صنع في الصين 2025"، والتي تهدف إلى جعل الصين رائدة عالمية في صناعات التكنولوجيا الفائقة. وكان هذا الاعتماد على الذات مدفوعاً جزئياً بالتوترات التجارية السابقة مع الولايات المتحدة، والتي أجبرت الشركات الصينية على الابتكار بشكل مستقل بدلاً من الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.