تعد المنطقة العربية، وخصوصاً الخليجية منها، وجهة أساسية للنشاط الاقتصادي حول العالم، بحسب العديد من التقارير الاقتصادية والوكالات الأجنبية، مستفيدة من العائدات النفطية، والارتفاع المتواصل في عدد السكان، والبيئة الآمنة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية.
في السنوات الماضية، وبسبب الأوضاع الأمنية التي عصفت بالمنطقة، انخفضت قيمة الاستثمارات الوافدة إلى الدول العربية. ففي العام 2014، تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة إلى الدول العربية بنسبة 8% لتبلغ 44 مليار دولار مقارنة بالعام 2013، لتمثل ما نسبته 3.6% من الإجمالي العالمي البالغ 1.23 تريليون دولار، و6.4% من إجمالي الدول النامية البالغ 681 مليار دولار.
واستأثرت الإمارات العربية المتحدة، بحسب تقرير شركة ضمان الاستثمارات، بحصة الأسد من الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى المنطقة في العام الماضي بنحو 10 مليارات دولار تمثل 23% من إجمالي الاستثمارات، تليها المملكة العربية السعودية بنحو 8 مليارات دولار وبحصة بلغت 18.3%، وحلت مصر في المرتبة الثالثة بقيمة 4.78 مليارات دولار وبنسبة 10.9%، ثم العراق في المركز الرابع بقيمة 4.78 مليارات دولار وبحصة 10.9%، والمغرب في المركز الخامس بقيمة 3.58 مليارات دولار وبنسبة 8.2%.
ارتفاع العائدات
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن المنطقة العربية وبالرغم من انخفاض الاستثمارات الواردة إليها في السنوات الماضية، إلا أنها تعد من الدول الأكثر جذباً للاستثمارات لعوامل عديدة. ويبيّن الخبير الاقتصادي صالح الطالب، أن الاقتصادات العربية وخصوصاً الخليجية منها، تعتبر من أغنى الاقتصادات في المنطقة العربية، مستفيدة من الطفرة الكبيرة على الصعيد النفطي، والإيرادات العالية التي تحصل عليها.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أحمد الضبع، أن المنطقة العربية أثبتت قدرتها في الفترة الماضية، وبالرغم من التحديات الأمنية، في أن تكون منطقة جاذبة للاستثمارات البينية من الدول الخارجية، مستفيدة من تعدد القطاعات الاقتصادية، والثروات الكبيرة التي تملكها، والعوائد العالية التي تمنحها للمستثمرين في الشركات.
ويبيّن الضبع في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأعوام الماضية شهدت تدفق استثمارات في قطاعات النفط والصناعة والمصارف والتجزئة إلى جميع الدول، وخصوصاً الخليجية منها، والتي تمتاز، بحسب رأيه، بالقدرات المالية العالية التي تملكها، والعدد الكبير من رجال الأعمال الذين يعملون على شراء وكالات العلامات العالمية، وافتتاح فروع لها في دول المنطقة، للاستفادة من المزايا الضخمة التي توفرها لهم.
ويقول الضبع إن الاستثمارات العربية في الخارج تشكلت من قبل الحكومات والمؤسسات المملوكة للدولة، والصناديق السيادية الخليجية والعربية، والأصول الأجنبية التي تضخها المصارف المركزية، فضلاً عن استثمارات المصارف التجارية وافتتاحها الفروع في الدول الغربية، واستثمارات شركات القطاع الخاص العربية والشركات العائلية والأفراد وصناديق التنمية العربية والودائع المصرفية.
استحوذت الولايات المتحدة الأميركية على 45% من الاستثمارات العربية الخارجية، ثم احتلت الدول الأوروبية، كسويسرا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، المرتبة الثانية باستحواذها على نحو 35% من الاستثمارات، وفي المركز الثالث، جاءت كل من ماليزيا وسنغافورة والصين وتايلاند ودول جنوب وشرق آسيا ذات الاقتصادات الصاعدة وأسواق المال النشطة والمستوردة للنفط بشكل رئيسي بنسبة تصل إلى 20% تقريباً.
من جهة أخرى، يبيّن الضبع أن العدد الإجمالي للشركات العربية الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والدول الآسيوية يصل إلى 1500 شركة تعمل عبر أكثر من 4600 مشروع للاستثمار المباشر وبكلفة استثمارية تقديرية تبلغ 570 مليار دولار، موفرة نحو مليون فرصة عمل في الدول التي تعمل بها.
ويذكر الضبع أن عدد الشركات الأجنبية العاملة في المنطقة العربية شهد ارتفاعاً لافتاً، حيث بلغ في نهاية أبريل/ نيسان الماضي نحو 6109 شركات، توفر نحو 1.7 مليون فرصة عمل للمواطنين والمقيمين فيها، منوهاً إلى استحواذ كل من الإمارات والسعودية ومصر على ما يزيد عن 76% منها وعلى ما يزيد عن 54% من المشروعات.
نمو لافت
احتلت منطقة الخليج حصة الأسد من حجم الاستثمارات الأجنبية، وتعد هذه المنطقة الأكثر جذباً، بسبب الاستقرار الأمني، والبيئة التشريعية التي تساهم في استقطاب كبريات الشركات العالمية. وتعتبر البورصة في الكويت واحدة من أكثر القطاعات التي تشهد تدفق الاستثمارات من خلال الشركات الأجنبية العاملة في السوق المحلية عن طريق العملاء المحليين. ويبيّن الخبير الاقتصادي أحمد الدويسان، أن الكويت استقبلت في العام الماضي نحو نصف مليار دولار على شكل استثمارات في البورصة والقطاع النفطي والعقار، فضلاً عن شراء حصص من المصارف المحلية.
وبحسب الدويسان، يعود السبب الرئيسي في ارتفاع حجم الاستثمارات إلى الاستقرار الأمني والسياسي.
وفي المقابل، فإن حركة الاستثمارات الكويتية في الخارج، شهدت نمواً في العامين الماضيين. ويشير المدير الإقليمي في شركة "زينل للاستثمار" جاسم زينل، إلى أن الكويت تعتبر الدولة العربية والخليجية الأكثر استثماراً خارج المنطقة، إذ يلجأ المستثمرون داخل القطاع الخاص لتوسيع استثماراتهم في الخارج. كما أن المؤسسات الحكومية والهيئة العامة للاستثمار، تلجأ دوماً للبحث عن الفرص عالية الدخل في الخارج، مبيّناً أن الاعتماد شبه الكلي على النفط أثّر سلباً على الاستثمار في الدولة الذي يكاد ينحصر في قطاعي المصارف والعقار، فضلاً عن البورصة التي تعتبر الوجه الاقتصادي الأول للسوق المحلي.
ويلفت زينل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن عوائد الاستثمارات الكويتية الخارجية وصلت في نهاية العام 2014 إلى ضعفي الاستثمارات الداخلية، حيث بلغت 8% تقريباً في نهاية 2014، ومن المتوقع أن تصل إلى 12% نهاية العام الحالي. ويذكر زينل أن الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى السوق الكويتية تراجعت من 946 مليون دولار لتصل إلى 486 مليون دولار.
من جهة أخرى، تحاول الكويت الخروج من العجز المالي بعد انخفاض أسعار النفط، عن طريق توسيع قاعدة الاستثمارات الخارجية. ويبيّن الخبير الاقتصادي أحمد الدويسان أن المستثمرين الكويتيين يضخون أموالهم في كل من المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية في ظل الفرص المتنوعة التي توفرها، والعوائد العالية على الدوام، مبيّناً أن القطاع الخاص ينشط في الاستثمار الخارجي في القطاعات العقارية والصناعية، فضلاً عن الدخول وشراء حصص مؤثرة في المصارف الأوروبية، وإنشاء مصارف إسلامية في ألمانيا، لافتاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت افتتاح "بيت التمويل الكويتي"، أول مصرف إسلامي في مدينة فرانكفورت الألمانية، لخدمة نحو 4 ملايين مسلم في المدينة. كما تم الانتهاء من شراء البنك الأهلي الكويتي لنحو 80% من أسهم بنك بريوس اليوناني في مصر، مؤكداً أن الكويت على موعد مع افتتاح العديد من الشركات الأجنبية خلال الفترة المقبلة في قطاعات التكنولوجيا، حيث أطلقت شركتان عالميتان نشاطهما رسمياً بحسب قانون الاستثمار الأجنبي المباشر واللتين ستضخان نحو مليار دولار خلال العامين 2016 و2017، من أجل تطوير شبكات الاتصالات وأنظمة الشركات العاملة في السوق المحلي، ما سيؤدي إلى زيادة التنافسية الاقتصادية في الكويت، ورفع ترتيبها على المستوى العالمي.
ويشير إلى أن الحكومة سبق وتعاقدت مع عدد من الجهات العالمية من أجل تولي تطوير المرافق الحيوية والبنى التحتية فيها، ومن أهمها مشروع تطوير مطار الكويت الدولي، وإقامة محطات كهربائية ومضخات نفطية جديدة في السوق، متوقعاً أن تزداد الاستثمارات الواردة إلى السوق الكويتية، بالإضافة إلى النمو المتواصل في الاستثمارات الخارجة منها، في ظل العدد الكبير من رجال الأعمال الكويتيين، والثروات الضخمة التي يملكونها.
وشكلت سلطنة عمان قبلة أنظار المستثمرين في العام الماضي، وبحسب نشرة إحصاء الاستثمار الأجنبي الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ في العام 2013، حوالي 6 مليارات ريال عماني، مشكلاً ما نسبته 49% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، بمعدل نمو بلغ 4.6% عن العام 2009.
ويقول الخبير الاقتصادي صالح الطالب، إن الإحصاءات والإعلانات التي تصدر عن الجهات الاقتصادية في سلطنة عمان تبيّن أن أغلب الاستثمارات تركزت في القطاع العقاري، ثم القطاع المصرفي الذي استحوذ على نحو 14% من الاستثمارات في الدولة.
الاستثمار المستقبلي
احتلت دول المغرب العربي وشمال أفريقيا من ناحيتها، مرتبة مهمة في جذب الاستثمارات، إذ يوضح الخبير الاقتصادي أحمد الضبع أن الاستثمار في السوق الأفريقية يعد بمثابة الملعقة الذهبية التي يستفيد منها المستثمرون ورجال الأعمال العرب والخليجيين والأجانب على حد سواء، مبيّناً أن هذه الاستثمارات والتي تشكل 8% من الإجمالي العالمي تتوزع على مجالات عديدة، أبرزها الصناعات الثقيلة والتكنولوجية، مثل صناعة السيارات والأجهزة الكهربائية، والتي تنفرد دول الشمال الأفريقي بتصديرها إلى جميع أنحاء العالم. فضلاً عن الاستثمار في الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية ومحطات الكهرباء الحديثة، مع الاستثمار في زراعة المحاصيل والحبوب والتي توفر عوائد عالية على الدوام لجميع المستثمرين.
ويفيد الضبع بأن دول شمال أفريقيا استفادت في الفترة الماضية من الدعم الحكومي للاستثمار فيها، لافتاً إلى أنها شهدت العديد من المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية وعلى رأسها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي ساهم في إطلاق استثمارات في المدن المصرية، في حين شهدت المغرب والجزائر وتونس نشاطاً كبيراً وارتفاعاً كبيراً في عدد رجال الأعمال فيها، الذين يستفيدون من الإعفاءات الضريبية، ويقومون بتنفيذ مشاريع البنى التحتية وتطوير المرافق الحيوية في الدولة والتي تتيح لهم تحقيق أرباح عالية وتطوير المنتج الصناعي والخدمي في هذه البلدان.
استفادت مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ بتوجيه أنظار المستثمرين، خاصة الخليجيين، إلى ضخ رؤوس أموالهم في مشاريع استثمارية. ويبيّن الخبير الاقتصادي محمد الهاجري ارتفاع الاستثمارات الواردة إلى القاهرة، والتي بلغت 87 مليار دولار، استثمرت في إنشاء مصانع ومرافق سياحية، وودائع ضخت في المصرف المركزي، فضلاً عن تمويل وبناء محطة قناة السويس الجديدة. وبحسب تصريحه لـ"العربي الجديد"، يقول الهاجري إن المشروع الأخير سيساهم في توفير فرص العمل للمصريين، فضلاً عن رفع الناتج المحلي.
بيئة جاذبة
أورد تقرير الاستثمار العالمي في 2015 لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى لبنان بنسبة 6.60% في العام 2014 إلى 3.07 مليارات دولار، في مقابل 2.88 مليار دولار في العام 2013، ليحتلّ لبنان بذلك المرتبة الخامسة بين دول منطقة غرب آسيا.
وبحسب التقرير، استحوذ لبنان على حصة 7.13% من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى المنطقة.
ويقول الخبير الاقتصادي غازي وزني: "استفاد لبنان من ارتفاع الاستثمارات الأجنبية الواردة إليه في العام الماضي، بسبب ضخ رجال الأعمال السوريين الذين نزحوا إلى المناطق اللبنانية رؤوس أموال".
وبحسب وزني، فإن لبنان استقطب 5 مليارات دولار على شكل استثمارات في القطاعات العقارية والتجارية والصناعية، لافتاً إلى أن 45% من الاستثمارات الجديدة تركزت في العقار، في حين توزعت المشاريع الأخرى على المجمعات التجارية وعلى القطاعات الإنتاجية.
ويقول وزني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الارتفاع المتواصل في عدد السكان ساهم في التركيز على زيادة المشاريع العقارية في جميع المناطق، ومؤكداً أن السهولة في الحصول على التراخيص تعد من العوامل الجاذبة للاستثمار في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية.
ويتوقع وزني أن يرتفع حجم الاستثمارات الأجنبية في السنوات المقبلة نتيجة الاكتشافات النفطية، حيث سيساهم الملف النفطي في فتح السوق أمام استثمارات ضخمة في الفترة المقبلة بعد إقرار المراسيم في الحكومة اللبنانية.
في السنوات الماضية، وبسبب الأوضاع الأمنية التي عصفت بالمنطقة، انخفضت قيمة الاستثمارات الوافدة إلى الدول العربية. ففي العام 2014، تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة إلى الدول العربية بنسبة 8% لتبلغ 44 مليار دولار مقارنة بالعام 2013، لتمثل ما نسبته 3.6% من الإجمالي العالمي البالغ 1.23 تريليون دولار، و6.4% من إجمالي الدول النامية البالغ 681 مليار دولار.
واستأثرت الإمارات العربية المتحدة، بحسب تقرير شركة ضمان الاستثمارات، بحصة الأسد من الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى المنطقة في العام الماضي بنحو 10 مليارات دولار تمثل 23% من إجمالي الاستثمارات، تليها المملكة العربية السعودية بنحو 8 مليارات دولار وبحصة بلغت 18.3%، وحلت مصر في المرتبة الثالثة بقيمة 4.78 مليارات دولار وبنسبة 10.9%، ثم العراق في المركز الرابع بقيمة 4.78 مليارات دولار وبحصة 10.9%، والمغرب في المركز الخامس بقيمة 3.58 مليارات دولار وبنسبة 8.2%.
ارتفاع العائدات
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن المنطقة العربية وبالرغم من انخفاض الاستثمارات الواردة إليها في السنوات الماضية، إلا أنها تعد من الدول الأكثر جذباً للاستثمارات لعوامل عديدة. ويبيّن الخبير الاقتصادي صالح الطالب، أن الاقتصادات العربية وخصوصاً الخليجية منها، تعتبر من أغنى الاقتصادات في المنطقة العربية، مستفيدة من الطفرة الكبيرة على الصعيد النفطي، والإيرادات العالية التي تحصل عليها.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أحمد الضبع، أن المنطقة العربية أثبتت قدرتها في الفترة الماضية، وبالرغم من التحديات الأمنية، في أن تكون منطقة جاذبة للاستثمارات البينية من الدول الخارجية، مستفيدة من تعدد القطاعات الاقتصادية، والثروات الكبيرة التي تملكها، والعوائد العالية التي تمنحها للمستثمرين في الشركات.
ويبيّن الضبع في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأعوام الماضية شهدت تدفق استثمارات في قطاعات النفط والصناعة والمصارف والتجزئة إلى جميع الدول، وخصوصاً الخليجية منها، والتي تمتاز، بحسب رأيه، بالقدرات المالية العالية التي تملكها، والعدد الكبير من رجال الأعمال الذين يعملون على شراء وكالات العلامات العالمية، وافتتاح فروع لها في دول المنطقة، للاستفادة من المزايا الضخمة التي توفرها لهم.
ويقول الضبع إن الاستثمارات العربية في الخارج تشكلت من قبل الحكومات والمؤسسات المملوكة للدولة، والصناديق السيادية الخليجية والعربية، والأصول الأجنبية التي تضخها المصارف المركزية، فضلاً عن استثمارات المصارف التجارية وافتتاحها الفروع في الدول الغربية، واستثمارات شركات القطاع الخاص العربية والشركات العائلية والأفراد وصناديق التنمية العربية والودائع المصرفية.
استحوذت الولايات المتحدة الأميركية على 45% من الاستثمارات العربية الخارجية، ثم احتلت الدول الأوروبية، كسويسرا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، المرتبة الثانية باستحواذها على نحو 35% من الاستثمارات، وفي المركز الثالث، جاءت كل من ماليزيا وسنغافورة والصين وتايلاند ودول جنوب وشرق آسيا ذات الاقتصادات الصاعدة وأسواق المال النشطة والمستوردة للنفط بشكل رئيسي بنسبة تصل إلى 20% تقريباً.
من جهة أخرى، يبيّن الضبع أن العدد الإجمالي للشركات العربية الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والدول الآسيوية يصل إلى 1500 شركة تعمل عبر أكثر من 4600 مشروع للاستثمار المباشر وبكلفة استثمارية تقديرية تبلغ 570 مليار دولار، موفرة نحو مليون فرصة عمل في الدول التي تعمل بها.
ويذكر الضبع أن عدد الشركات الأجنبية العاملة في المنطقة العربية شهد ارتفاعاً لافتاً، حيث بلغ في نهاية أبريل/ نيسان الماضي نحو 6109 شركات، توفر نحو 1.7 مليون فرصة عمل للمواطنين والمقيمين فيها، منوهاً إلى استحواذ كل من الإمارات والسعودية ومصر على ما يزيد عن 76% منها وعلى ما يزيد عن 54% من المشروعات.
نمو لافت
احتلت منطقة الخليج حصة الأسد من حجم الاستثمارات الأجنبية، وتعد هذه المنطقة الأكثر جذباً، بسبب الاستقرار الأمني، والبيئة التشريعية التي تساهم في استقطاب كبريات الشركات العالمية. وتعتبر البورصة في الكويت واحدة من أكثر القطاعات التي تشهد تدفق الاستثمارات من خلال الشركات الأجنبية العاملة في السوق المحلية عن طريق العملاء المحليين. ويبيّن الخبير الاقتصادي أحمد الدويسان، أن الكويت استقبلت في العام الماضي نحو نصف مليار دولار على شكل استثمارات في البورصة والقطاع النفطي والعقار، فضلاً عن شراء حصص من المصارف المحلية.
وبحسب الدويسان، يعود السبب الرئيسي في ارتفاع حجم الاستثمارات إلى الاستقرار الأمني والسياسي.
وفي المقابل، فإن حركة الاستثمارات الكويتية في الخارج، شهدت نمواً في العامين الماضيين. ويشير المدير الإقليمي في شركة "زينل للاستثمار" جاسم زينل، إلى أن الكويت تعتبر الدولة العربية والخليجية الأكثر استثماراً خارج المنطقة، إذ يلجأ المستثمرون داخل القطاع الخاص لتوسيع استثماراتهم في الخارج. كما أن المؤسسات الحكومية والهيئة العامة للاستثمار، تلجأ دوماً للبحث عن الفرص عالية الدخل في الخارج، مبيّناً أن الاعتماد شبه الكلي على النفط أثّر سلباً على الاستثمار في الدولة الذي يكاد ينحصر في قطاعي المصارف والعقار، فضلاً عن البورصة التي تعتبر الوجه الاقتصادي الأول للسوق المحلي.
ويلفت زينل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن عوائد الاستثمارات الكويتية الخارجية وصلت في نهاية العام 2014 إلى ضعفي الاستثمارات الداخلية، حيث بلغت 8% تقريباً في نهاية 2014، ومن المتوقع أن تصل إلى 12% نهاية العام الحالي. ويذكر زينل أن الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى السوق الكويتية تراجعت من 946 مليون دولار لتصل إلى 486 مليون دولار.
من جهة أخرى، تحاول الكويت الخروج من العجز المالي بعد انخفاض أسعار النفط، عن طريق توسيع قاعدة الاستثمارات الخارجية. ويبيّن الخبير الاقتصادي أحمد الدويسان أن المستثمرين الكويتيين يضخون أموالهم في كل من المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية في ظل الفرص المتنوعة التي توفرها، والعوائد العالية على الدوام، مبيّناً أن القطاع الخاص ينشط في الاستثمار الخارجي في القطاعات العقارية والصناعية، فضلاً عن الدخول وشراء حصص مؤثرة في المصارف الأوروبية، وإنشاء مصارف إسلامية في ألمانيا، لافتاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت افتتاح "بيت التمويل الكويتي"، أول مصرف إسلامي في مدينة فرانكفورت الألمانية، لخدمة نحو 4 ملايين مسلم في المدينة. كما تم الانتهاء من شراء البنك الأهلي الكويتي لنحو 80% من أسهم بنك بريوس اليوناني في مصر، مؤكداً أن الكويت على موعد مع افتتاح العديد من الشركات الأجنبية خلال الفترة المقبلة في قطاعات التكنولوجيا، حيث أطلقت شركتان عالميتان نشاطهما رسمياً بحسب قانون الاستثمار الأجنبي المباشر واللتين ستضخان نحو مليار دولار خلال العامين 2016 و2017، من أجل تطوير شبكات الاتصالات وأنظمة الشركات العاملة في السوق المحلي، ما سيؤدي إلى زيادة التنافسية الاقتصادية في الكويت، ورفع ترتيبها على المستوى العالمي.
ويشير إلى أن الحكومة سبق وتعاقدت مع عدد من الجهات العالمية من أجل تولي تطوير المرافق الحيوية والبنى التحتية فيها، ومن أهمها مشروع تطوير مطار الكويت الدولي، وإقامة محطات كهربائية ومضخات نفطية جديدة في السوق، متوقعاً أن تزداد الاستثمارات الواردة إلى السوق الكويتية، بالإضافة إلى النمو المتواصل في الاستثمارات الخارجة منها، في ظل العدد الكبير من رجال الأعمال الكويتيين، والثروات الضخمة التي يملكونها.
وشكلت سلطنة عمان قبلة أنظار المستثمرين في العام الماضي، وبحسب نشرة إحصاء الاستثمار الأجنبي الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ في العام 2013، حوالي 6 مليارات ريال عماني، مشكلاً ما نسبته 49% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، بمعدل نمو بلغ 4.6% عن العام 2009.
ويقول الخبير الاقتصادي صالح الطالب، إن الإحصاءات والإعلانات التي تصدر عن الجهات الاقتصادية في سلطنة عمان تبيّن أن أغلب الاستثمارات تركزت في القطاع العقاري، ثم القطاع المصرفي الذي استحوذ على نحو 14% من الاستثمارات في الدولة.
الاستثمار المستقبلي
احتلت دول المغرب العربي وشمال أفريقيا من ناحيتها، مرتبة مهمة في جذب الاستثمارات، إذ يوضح الخبير الاقتصادي أحمد الضبع أن الاستثمار في السوق الأفريقية يعد بمثابة الملعقة الذهبية التي يستفيد منها المستثمرون ورجال الأعمال العرب والخليجيين والأجانب على حد سواء، مبيّناً أن هذه الاستثمارات والتي تشكل 8% من الإجمالي العالمي تتوزع على مجالات عديدة، أبرزها الصناعات الثقيلة والتكنولوجية، مثل صناعة السيارات والأجهزة الكهربائية، والتي تنفرد دول الشمال الأفريقي بتصديرها إلى جميع أنحاء العالم. فضلاً عن الاستثمار في الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية ومحطات الكهرباء الحديثة، مع الاستثمار في زراعة المحاصيل والحبوب والتي توفر عوائد عالية على الدوام لجميع المستثمرين.
ويفيد الضبع بأن دول شمال أفريقيا استفادت في الفترة الماضية من الدعم الحكومي للاستثمار فيها، لافتاً إلى أنها شهدت العديد من المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية وعلى رأسها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي ساهم في إطلاق استثمارات في المدن المصرية، في حين شهدت المغرب والجزائر وتونس نشاطاً كبيراً وارتفاعاً كبيراً في عدد رجال الأعمال فيها، الذين يستفيدون من الإعفاءات الضريبية، ويقومون بتنفيذ مشاريع البنى التحتية وتطوير المرافق الحيوية في الدولة والتي تتيح لهم تحقيق أرباح عالية وتطوير المنتج الصناعي والخدمي في هذه البلدان.
استفادت مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ بتوجيه أنظار المستثمرين، خاصة الخليجيين، إلى ضخ رؤوس أموالهم في مشاريع استثمارية. ويبيّن الخبير الاقتصادي محمد الهاجري ارتفاع الاستثمارات الواردة إلى القاهرة، والتي بلغت 87 مليار دولار، استثمرت في إنشاء مصانع ومرافق سياحية، وودائع ضخت في المصرف المركزي، فضلاً عن تمويل وبناء محطة قناة السويس الجديدة. وبحسب تصريحه لـ"العربي الجديد"، يقول الهاجري إن المشروع الأخير سيساهم في توفير فرص العمل للمصريين، فضلاً عن رفع الناتج المحلي.
بيئة جاذبة
أورد تقرير الاستثمار العالمي في 2015 لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى لبنان بنسبة 6.60% في العام 2014 إلى 3.07 مليارات دولار، في مقابل 2.88 مليار دولار في العام 2013، ليحتلّ لبنان بذلك المرتبة الخامسة بين دول منطقة غرب آسيا.
وبحسب التقرير، استحوذ لبنان على حصة 7.13% من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى المنطقة.
ويقول الخبير الاقتصادي غازي وزني: "استفاد لبنان من ارتفاع الاستثمارات الأجنبية الواردة إليه في العام الماضي، بسبب ضخ رجال الأعمال السوريين الذين نزحوا إلى المناطق اللبنانية رؤوس أموال".
وبحسب وزني، فإن لبنان استقطب 5 مليارات دولار على شكل استثمارات في القطاعات العقارية والتجارية والصناعية، لافتاً إلى أن 45% من الاستثمارات الجديدة تركزت في العقار، في حين توزعت المشاريع الأخرى على المجمعات التجارية وعلى القطاعات الإنتاجية.
ويقول وزني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الارتفاع المتواصل في عدد السكان ساهم في التركيز على زيادة المشاريع العقارية في جميع المناطق، ومؤكداً أن السهولة في الحصول على التراخيص تعد من العوامل الجاذبة للاستثمار في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية.
ويتوقع وزني أن يرتفع حجم الاستثمارات الأجنبية في السنوات المقبلة نتيجة الاكتشافات النفطية، حيث سيساهم الملف النفطي في فتح السوق أمام استثمارات ضخمة في الفترة المقبلة بعد إقرار المراسيم في الحكومة اللبنانية.