بعدما تسبب الاحتلال ببتر ساقه عندما أصابه بطلق ناري متفجر على الحدود الشرقية لمخيم البريج في 17 إبريل/ نسيان الماضي، يعود اليوم ليقضي على ما تبقى من أحلام الطفل الفلسطيني عبد الرحمن نوفل (12 عاماً)، بمنعه من الدخول عبر معبر بيت حانون (إيريز)، لإكمال علاجه في الضفة الغربية.
تعيش أسرة عبد الرحمن نوفل ظروفاً صعبة، مترقبة أي تدخل خارجي أو محلي من الجهات التنسيقية مع الاحتلال الإسرائيلي للسماح لابنها بالسفر لإكمال علاجه. لكنهت تبلغت عن طريق وزارة الشؤون المدنية قبل 4 أيام بأن عبد الرحمن لن يسمح له بالدخول عبر إيريز لعدم وجود مبرر لعلاجه في الخارج، كما يشير والده.
ويحتاج عبد الرحمن لمراجعة كاملة وعلاج طبيعي لتهيئة قدمه اليسرى للطرف الصناعي الذي يساعده على التنقل بين المدرسة والبيت مع أصدقائه دون الحاجة للعكازين. هو حلم يراود عبد الرحمن بأن يلعب كرة القدم بالساق الصناعية، بعد بترها جراء إصابته على الحدود.
والد عبد الرحمن، يامن نوفل (35 عاماً)، يقول إنه كان من المفترض أن يتلقى طفله العلاج منذ 30 مايو/أيار الماضي، لكنه لم يحصل على رد من الشؤون المدنية التي كانت تنتظر بدورها الردّ من جهة الاحتلال، وها هي فترة الانتظار تمتد ثلاثة أسابيع أخرى، ليبلّغ بعدها بالرفض.
يضيف لـ"العربي الجديد": "تحدثنا مع كثيرين في القيادة الفلسطينية للتدخل في قضية عبد الرحمن وخروجه للعلاج في المستشفى الاستشاري العربي. والأطباء المعالجون يشعرون بالحزن لأن عدم تلقيه العلاج سريعاً يسبب تآكل الساق، وأنا لا زلت أناشد الجميع وسأناضل حتى يخرج طفلي للعلاج ويحقق حلمه بقدم صناعية".
رغم منعه من السفر، إلا أن عبد الرحمن لا يزال يبعث الأمل من حوله ويأمل بالعودة إلى مدرسته المقرر بدؤها في منتصف أغسطس/آب المقبل، أي بعد شهر و20 يوماً. وهو يخبر أطفال الحي كل يوم بأن موعد تركيب طرف صناعي له اقترب وأن يحفظوا مكانه في فريق الحارة للعب معهم ضمن دورات فئة الناشئين في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة.
يسمع عبد الرحمن مناشدات المرضى الذين يمنعهم الاحتلال من العلاج في الخارج عبر الإذاعات المحلية، ويقول إنه ليس أول طفل يمنع من العلاج في الخارج، وإن الاحتلال يدعم الأطفال الإسرائيليين بالكامل، ولأنه طفل فلسطيني من غزة فهم لا يحبونه ولا يتمنون له السلامة. هكذا تحدث لوسائل الإعلام، مشيراً إلى أنه عندما يكبر سيصبح صحافياً ويصور جرائمهم.
ويوضح عبد الرحمن لـ"العربي الجديد"، أن "العكازان يساعداني كثيراً صحيح، لكنني أريد أن أركّب طرفاً صناعياً وأبدو أمام زملائي قوياً عند عودتي للمدرسة. لا أريد أن يشفق عليّ أحد، وأطلب من كل المعنيين في العالم ان يجبروا الاحتلال على السماح لي للعلاج في رام الله، ولا يعرقل مرة أخرى مسيرة علاجي".
من جهته، يوضح مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ياسر عبد الغفور، أن الاحتلال يستخدم المعابر كأداة ضغط على من يشارك في مسيرات العودة والتضييق على الجرحى منهم، وكي يشهدوا على رفض وانتظار علاجهم في الخارج، هو يسلب حقهم في العلاج من خلال سيطرته على الحواجز، منتهكا قواعد القانون الدولي التي تلزم الاحتلال بصفته قوة محتلة بتسهيل علاج المرضى.
ووفق تقرير منظمة الصحة العالمية في بداية مايو/أيار الماضي، قُدم 27 طلباً مستعجلاً لمغادرة القطاع لتلقّي العلاج الطبّي، جرت الموافقة على طلب واحد على الأقلّ بعد التماس للمحكمة العليا الإسرائيلية. في حين رُفض 18 طلبًا، أمّا البقيّة فتمّت الموافقة عليها بعد إجراءات صعبة، منها التوجّه إلى منظّمات حقوق الإنسان، ومنها إلى النيابة العامّة الإسرائيلية.
ويشير التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية وافقت على 54 في المائة فقط من طلبات التصاريح للمواعيد الطبية خلال عام 2017، وهو أدنى معدل منذ أن بدأت منظمة الصحة العالمية في جمع الأرقام عام 2008.