بدأ ناشطون في مدن الجنوب في الجزائر التحرك والتشاور لاتخاذ خطوات احتجاجية ضد قرار الحكومة بمباشرة عمليات التنقيب عن الغاز الصخري، وتوقيع اتفاقات مع شركات غربية لاستغلاله جنوبي الجزائر.
ودعا اليوم الأربعاء، ناشطون معارضون لاستغلال الغاز الصخري إلى تنظيم وقفة احتجاجية يوم السبت المقبل وسط مدينة ورقلة جنوبي البلاد ضد قرار الحكومة باستغلال الغاز الصخري، واعتراضاً على توقيع شركة "سوناطراك" للمحروقات في الجزائر اتفاقاً يوم الإثنين الماضي، مع شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية و"إيكينور" النرويجية لاستكشاف واستغلال الموارد غير التقليدية (الغاز الصخري) في الأحواض جنوبي الجزائر.
وباشر الناشطون تحركات ميدانية بهذا الصدد، وقال الناشط محاد قاسمي، لـ"العربي الجديد"، "إن الاتفاق المعلن عنه يدفعنا إلى إعادة إحياء النضال من أجل منع استغلال الغاز الصخري والإضرار بالبيئة"، مشيراً إلى وجود مساعٍ لتشكيل هيئة تمثيلية للمنطقة تجمع الناشطين وخبراء ومتخصصين، لمقارعة الحكومة سياسياً وعلمياً بشأن الأضرار الكبرى التي ستترتب على البيئة في المنطقة في حال نفذ قرار التنقيب عن الغاز الصخري.
وأضاف قاسمي: "لدينا مخاوف من أن تذهب السلطة في قرارها إلى الحد الأقصى، وقضيتنا قضية أرض، وهي قضية عادلة أخلاقياً وسياسياً وعلمياً"، مشيراً إلى أنه يتعين على سكان مناطق ورقلة وعين صالح ومناطق الجنوب الوقوف ضد هذا التوجه الحكومي.
وشدد على الخوف من تأثير تلك المشاريع على البيئة والزراعة وعلى المياه الجوفية، بفعل المواد الكيميائية التي تستعمل عادة في استخراج الغاز الصخري، وهي المواد التي يعتقد المحتجون أنها ستمس المياه الجوفية والأراضي الزراعية والواحات التي تعج بها المنطقة.
وفي شهر يونيو/حزيران 2014 اندلعت احتجاجات عارمة في منطقة ورقلة ضد قرار الحكومة التنقيب عن الغاز الصخري، وتلتها احتجاجات في سبتمبر/أيلول في العام نفسه في منطقة عين صالح أقصى الجنوب، حين حاولت شركة "سوناطراك" إجراء تنقيب تجريبي عن الغاز الصخري في المنطقة.
كذلك نظم السكان اعتصاماً دام من سبتمبر 2014 حتى شهر مارس/آذار 2015، للمطالبة بوقف عمليات التنقيب، ونجح الناشطون الذين قادوا حراكاً احتجاجياً في المنطقة، في دفع الحكومة إلى تأجيل قرار استغلال الغاز الصخري، ودفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لمطالبة الحكومة بتقديم شروحات وتطمينات أكبر لسكان مناطق الجنوب بشأن الالتزام بمعايير حماية البيئة في عملية استغلال الغاز الصخري.
والإثنين الماضي دافعت الحكومة الجزائرية عن الحاجة إلى استغلال الغاز الصخري. وقال وزير الطاقة مصطفى قيطوني، في مؤتمر حول الطاقة عُقد في الجزائر أن "الاستثمار في مجال الغاز الصخري قيد الدراسة على أن يبدأ بعد 5 سنوات على أكثر تقدير"، مشيراً إلى أن "أكثر الدول في العالم تستخدم الغاز الصخري في هذا الوقت".
وتعهد وزير الطاقة الجزائري باعتماد المعايير البيئية، رداً على جملة المخاوف التي يطرحها الناشطون في منطقة الجنوب. وقال "الجزائر تعمل على اتباع التدابير العالمية للحفاظ على البيئة وحماية السكان، نحن نتعامل مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال مثل شركة توتال لاستغلال الغاز الصخري".
وتشير دراسة نشرتها "سوناطراك" الحكومية، وأجرتها بالتعاون على خمسة أحواض بالصحراء، إلى أن الجزائر تحوز على احتياطيات من الغاز الصخري تقدر بنحو 4.940 ترليون قدم مكعب، من بينها 740 ترليون قدم مكعب يمكن استرجاعها على أساس نسبة استرجاع 15 بالمائة، تتوزع كلها في مناطق أحنات وتيميمون وإليزي ومويدير وبركين في أقصى جنوبي الجزائر. في حين يشير تقرير للوكالة الدولية للطاقة حول الغاز الصخري صدر في 2013، إلى أن الجزائر تحتل المرتبة الرابعة عالمياً لجهة احتياطات الغاز الصخري بعد كل من الولايات المتحدة التي تتراوح نسبة الاسترجاع فيها بين 20 و50 بالمائة حسب الحقل، والصين والأرجنتين.