ابن مدينة أبي الجعد، والذي رأى النور أول مرة في أحد أيام الربيع سنة 1946، استطاع أن يحصل على المنصب الذي جاء في أجواء سياسية خاصة بالمغرب، حيث تم انتحاب رئيس الغرفة الأولى من البرلمان حتى قبل الإنتهاء من تشكيلة الأغلبية الحكومية.
المالكي بطول قامته وسحنته "المبتسمة" دوماً، وبملامحه التي لا تكشف عما يخالج ذهنه، لم يفوت فرصة "الانقضاض" على منصب رئيس مجلس النواب، بتأييد من أحزاب "الأحرار" و"الحركة الشعبية" والأصالة والمعاصرة" و"الاتحاد الدستوري"، بينما رفضه حزب "الاستقلال"، وصوت في أثناء انتخابه نواب حزبي "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية" بورقة بيضاء.
وعُرف هذا الخبير الاقتصادي بكثرة صمته وقلة كلامه، وندرة ظهوره الإعلامي، فقلما شارك برأيه في قضايا سياسية خلافية، كما لم يُسجل عليه موقف ضد سياسة الدولة أو قراراتها، فلا ينتقد ولا يسود مرآة البلاد، ما جعله شخصاً مقرباً من السلطة في أكثر من محطة.
وتقلد المالكي، الذي يعمل أستاذاً بجامعة الرباط، ورئيسا لمجموعة الدراسات والأبحاث حول البحر الأبيض المتوسط، عدة مناصب وزارية ورسمية، سواء في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، أو العاهل الحالي محمد السادس، أغلبها كانت لها صلة بمجال تخصصه، أي الاقتصاد والتخطيط الاقتصادي.
وهكذا بعد أن تخرج المالكي من جامعة الدار البيضاء، وحصل على شهادة الدكتوراه في جامعة السوربون بفرنسا، عاد إلى المغرب ليعينه الراحل الحسن الثاني في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، أمينا عاما للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، الذي كان يُراد منه محاربة آفة بطالة الشباب خاصة منهم خريجي الجامعات.
وشغل المالكي منصب رئيس "المركز المغربي للظرفية الاقتصادية"، وبعد ذلك بسنتين أصبح المالكي عضوا في "أكاديمية المملكة".
وعاد الحسن الثاني للاستفادة من خدمات المالكي وزيرا في الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري عام 1998، خلال حكومة التناوب التي ترأسها حينئذ من يعرف بأنه "شيخ الاشتراكيين" المغاربة، عبد الرحمن اليوسفي، قبل أن يرحل الحسن الثاني ويترك العرش لخلفه محمد السادس الذي عين المالكي سنة 2002 وزيرا للتعليم والشباب، ثم وزيرا للتربية الوطنية والتعليم العالي عام 2004.
وليست المناصب الوزارية وحدها التي تدرج ابن مدينة أبي الجعد الهامشية في سلالمها، ولكن أيضا المقاعد البرلمانية، فقد تم انتخابه نائباً برلمانياً عن حزب الاتحاد الاشتراكي خلال الولاية النيابية بين 1993 و1997، وحاز أيضاً على مقعد برلماني في المنطقة التي ينحدر منها سنة 1997، وتجددت عضويته خلال انتخابات 2002.
واستمرت الولايات النيابية للمالكي ليحصل على مقعد برلماني في الانتخابات التشريعية لعام 2007، ثم في الفترة بين 2011 و2016، قبل أن يجنح نحو قبة الغرفة الأولى من البرلمان، ليترأس البرلمان في ظل ظروف فريدة تتمثل في انتخاب رئيس مجلس النواب قبل تشكيل الحكومة.
وفي أول تصريح له بعد جلوسه على مقعد رئيس مجلس النواب، توقف المالكي عند "ضرورة نهج سياسة الإنصات والحوار من أجل تطوير أداء المؤسسة التشريعية"، وهي خصال يقول مقربون من الرجل إنها موجودة فيه بالفطرة، حيث يحسن الإنصات، ويتقن فن الحوار، بفضل ما امتلكه من خبرة أكاديمية وتجربة وزارية في قطاعات تنطق بالأرقام أكثر من العواطف.
وبالمقابل يجد آخرون أن المالكي، المعروف بلغة الخشب في تصريحاته ومواقفه، قد لا يضيف شيئا لمجلس النواب، باعتبار أنه لا يميل إلى الآراء القوية والمصادمات السياسية والفكرية مع محالفيه، بقدر ما يجنح نحو "جبر الخواطر"، والابتعاد عن كل ما قد يشوش على مساره أو منصبه.