اتّهم خبراء حقوق الإنسان، وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، بتجاهل التوجيهات القانونية، في محاولتها لاستهداف طالبي اللّجوء الأطفال، الذين لا يملكون أي وثائق تثبت أنّهم دون سن الـ18 عاماً.
وكشفت رسالة من وزارة الداخلية، اطلعت عليها صحيفة "أوبزرفر"، أنّ الحكومة تضغط على الأخصائيين الاجتماعيين، لتسريع تقييم عمر القاصرين غير المصحوبين بذويهم، وإرسالها إلى مجالس البلدية التي تواجه تحديات قانونية نتيجة لذلك.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تظهر فيه أدلة جديدة، تثبت أنّه تم ترحيل مئات الأشخاص خلال فترة الإغلاق بسبب فيروس كورونا، على الرغم من المخاطر الصحية المحتملة.
تعلّق نادية أومارا، ضابطة السياسات والحملات في جمعية "ليبرتي"، لحماية الحقوق أثناء فترة انتشار الوباء، على هذه الإجراءات، وتقول إنّ احتجاز وترحيل مئات الأشخاص خلال ذروة الوباء أمر غير مسؤول. وإنّ الاستمرار في فرض بيئة معادية أثناء الإغلاق يمنع الأشخاص الذين ليس لديهم وضع هجرة آمن، أو أولئك الذين يشعرون بالقلق على الأصدقاء والعائلة، من الوصول إلى الخدمات الصحية من دون الشعور بالخوف من الاحتجاز والترحيل.
وتظهر رسالة وزارة الداخلية، التي تمّ توقيعها أيضاً من قبل مسؤولين في وزارة التعليم، أنّ الحكومة تعتزم التدخل في مهمة تقييم العمر الحسّاسة، من خلال الضغط على المجالس البلدية، لتسريع هذه العملية. وقد أرسلت الرسالة بتاريخ 20 أغسطس/آب، بعد أيام من إعلان بلدية مقاطعة كينت، عجزها عن استيعاب أو رعاية المزيد من الأطفال اللاّجئين غير المصحوبين بذويهم الذين وصلوا إلى ميناء دوفر.
وبحسب ما أوردت صحيفة "ذا غارديان" اليوم، تطمئن الرسالة المجالس البلدية، أنّ وزارة الداخلية ستساعد في تمويل أي طعن قانوني قد ينتج عن تقييم أعمار الأطفال. وتنصّ الرسالة على ما يلي: "فيما يتعلق بمسألة العمر، من جميع السلطات التي لديها أطفال غير مصحوبين بذويهم (الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم) الذين يشتبه بأنّهم قد تجاوزوا سن الـ18 عاماً، إجراء تقييم عاجل لهم". وتردف أنّ وزارة الداخلية، "ستساعد في الجوانب العملية، وستقدم الدعم فيما يتعلق بأي تحديات قانونية لاحقة".
ويقول المنتقدون، إنّ الاستناد إلى الشكل الجسماني أو المظهر الخارجي، لإثبات تجاوز سن الـ 18 عاما، إنّما يتجاهل التوجيه القانوني بشأن مثل هذه القضايا. ففي العام الماضي، أفاد حكم قضائي بشأن معاملة طالبي اللجوء الشباب، أنّه كي يتم تقييم شخص كبالغ في مثل هذه الظروف، يجب أن يشير مظهره الجسدي وسلوكه بشدة إلى أنه يبلغ من العمر 25 عاماً أو أكثر.
ويأتي هذا النهج الذي وصف بالعدواني في أعقاب انتقادات شديدة، لمقطع فيديو أصدرته وزارة الداخلية يوم الأربعاء الماضي، يصف المحامين الذين يمثّلون طالبي اللجوء بالـ "ناشطين".
وقال النقاد إنّ حملة القمع الأخيرة، تحمل خطر إلحاق الأذى النفسي والجسدي، بالأطفال طالبي اللجوء الذين يتم تصنيفهم أشخاصاً بالغين في تقييمات متسرّعة.
وفي هذا السياق، يقول دان سوهيج، مدير مجموعة الدفاع عن حقوق الإنسان، " Stand for all"، والمتخصّص في قانون اللاجئين إنّه من المفترض أن تكون هذه العملية دقيقة وصارمة للغاية، وإذا أرادت وزارة الداخلية المضي قدماً، فستكون هناك أخطاء. ولفت إلى أنّ وزارة الداخلية تحاول فقط الظهور بمظهر صارم نظرا لحسابات سياسية.
في المقابل، تحذّر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أنّ النزاعات المتعلقة بالعمر، لها "تأثير مدمّر" على الأطفال اللاّجئين أو طالبي اللجوء غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم. وتوثّق المفوضية، العديد من الحالات التي صدرت فيها أحكام خاطئة بحق طالبي اللّجوء في البداية،حيث تمّ تصنيفهم كأشخاص بالغين، ليتبين لاحقاً أنهم بالكاد بلغوا الـ 15 عاماً. وتقول، إنّ هذه الأخطاء تؤدي إلى وضع هؤلاء المراهقين، في أماكن إقامة للبالغين خطيرة لمن هم في سنّهم، كما تحرمهم من الالتحاق بالمدارس والحصول على التعليم المناسب.
وتحثّ رسالة وزارة الداخلية، المزيد من السلطات المحلية، على توفير أماكن لإيواء الشباب من وحدة بلدية كينت في دوفر. حيث يعتني مجلس مقاطعة كينت حالياً بـ 602 شخص تحت سن 18، و 945 بالغين، تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عاماً.
ويرى النقاد أنّ وزارة الداخلية، تستغل فترة الإغلاق بسبب جائحة كوفيد - 19، لذلك ندّد نشطاء بترحيل مئات الأشخاص خلال هذه الفترة. وتُظهر بيانات مكتب الإحصاء الوطني، أنه في إبريل/نيسان ومايو/ أيار، ويونيو/حزيران، عندما انخفضت الرحلات الجوية بشكل كبير، تمّ ترحيل 366 شخصاً قسراً. ووافق 371 آخرون على العودة إلى ديارهم، كما تمّ إرسال 1819 إلى مراكز احتجاز المهاجرين.