واحتشد أنصار الحوثيين وسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، الاثنين، في أكبر ميادين صنعاء، على وقع أنباء الصواريخ، حيث رُفعت خلال المهرجان، وفقاً لمشاركين لـ"العربي الجديد"، اللافتات والشعارات المنددة بحرب التحالف، أو ما يصفونه بـ"العدوان"، في ذكرى ثلاث سنوات على انطلاقها، وأخرى تستنكر الموقف الدولي حيال الوضع الإنساني في البلاد، واستمرار الحرب والحصار، وتؤيد خطوات الجماعة في مواجهة التحالف، بما فيها التصعيد الصاروخي باتجاه الرياض.
وكان الحوثيون، وفي خطوة حملت العديد من الدلالات والرسائل، دشنوا أول أيام العام الرابع للحرب بأكبر موجة من الصواريخ ضربت أربع مناطق سعودية، وأبرزها العاصمة الرياض، التي أكد المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، أن الحوثيين أطلقوا باتجاهها ثلاثة صواريخ باليستية، من النوع الشهير الذي استخدمته الجماعة لاستهداف مطار الرياض وقصر اليمامة، في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول العام الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الجماعة، بصواريخ باليستية قصيرة المدى، مطارات ومواقع في مناطق جيزان، وعسير ونجران، وهي المناطق الثلاث الحدودية مع اليمن من الجهة الشمالية الغربية.
وعلى مدى الـ24 ساعة الماضية، وللمرة الأولى، عاشت الرياض على أصداء حديث الصواريخ وما رافقها من مشاهد، حيث سقطت شظايا قرب تقاطع جسر الملك فهد مع الملك عبدالله وتوفي مقيم مصري على الأقل، فيما كانت المشاهد والمقاطع المصورة التي تناقلها السعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس لحظاتٍ من الرعب عاشتها الأحياء القريبة من المنطقة على الأقل، ما فُسر بأنه إخفاقٌ على ما يبدو لصاروخ دفاع جوي انطلق لاعتراض الصواريخ وعاد ليرتطم بالأرض.
ونجح الحوثيون في إيصال الرسالة بعد ثلاث سنوات من عمليات التحالف تحت مسمى "عاصفة الحزم"، حيث انتقلوا إلى المبادرة، بتدشين التصعيد الصاروخي، وحققوا عامل المفاجأة، بإطلاق أكبر عددٍ من الصواريخ (عددها سبعة وفقاً لمتحدث التحالف) على أهداف داخل السعودية، وهي الرسالة التي يريد الحوثيون من خلالها القول إن عشرات الآلاف من الضربات الجوية التي نفذها التحالف على مدى ثلاث سنوات لم تحقق هدفها بكسر إرادة الجماعة أو بتحييد قدرتها وتدمير قدرتها العسكرية.
وعلى العكس من ذلك، فإن الصواريخ المستخدمة، ليلة الأحد/ الاثنين، تعتبر بمدى أبعد، لم يكن معروفاً بامتلاك الجيش اليمني في ترسانته العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون، وهو ما ينطبق على الصواريخ التي انطلقت نحو الرياض من نوع "بركان 2"، أما الصواريخ التي قصفت منطقتي نجران وجازان فكانت من نوع جديد، أعلنت عنه الجماعة منذ أيام، تحت مسمى صواريخ "بدر1" البالستية قصيرة المدى، لتتضح الرسالة من التصعيد بأن الحرب وحدها لم تستطع القضاء على قوة الجماعة، وأنها في ذكرى "عاصفة الحزم" باتت أقدر على تحقيق مفاجأة داخل العاصمة السعودية الرياض.
من جانب آخر، وفيما يتعلق برد التحالف خلال الـ24 ساعة الماضية، فقد بدا اعتيادياً، حيث اتهم إيران بخرق القرارات الدولية ذات الصلة باليمن، وتزويد الحوثيين بقدرات نوعية.
ومع ذلك، فإن الصواريخ تدشن، على الأرجح، مرحلة لها ما بعدها، إذ من المتوقع أن يرد التحالف بخطوات تصعيدية في الأيام المقبلة أو يستجيب لدعوات المفاوضات، وهو الاحتمال الأضعف في ظل المعطيات المختلفة.
من جانب آخر، لا تخلو الصواريخ التي أطلقها الحوثيون من رسائل داخلية للأطراف اليمنية ولأتباعها برفع الحالة النفسية مع دخول الحرب العام الرابع، وبالتأكيد على أنها باتت أقوى من أي وقتٍ، على الرغم من خسارة حليفها السابق، الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وما ترتب على اشتباكات صنعاء من تطورات، جعلت الجماعة طرفاً وحيداً يسيطر على العاصمة اليمنية ويقف خصماً بوجه التحالف.
وكانت الرسالة ذاتها أحد أهداف الحشد الجماهيري في ميدان السبعين، بحيث تقول للخارج إنها تتمتع بتأييد جماهيري في مناطق سيطرتها، وأنها تجاوزت أزمة انهيار تحالفاتها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وباتت تستغل العديد من القيادات والشخصيات التي كانت محسوبة على صالح.
يذكر أنه، وعقب أول صاروخ من نوع "بركان2"، الذي استهدف مطار الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن التحالف إغلاق كافة منافذ اليمن لأسبوعين، وبدأ موجة تصعيد، كان من بينها إعلان قائمة بأسماء 40 مطلوباً من قيادات الحوثيين وغيرها من الخطوات التصعيدية، إلا أن الرد اختلف مع إطلاق الجماعة الصاروخ الثاني من النوع نفسه، باتجاه قصر اليمامة، الذي يعد مقر الحكومة السعودية، وقد أعلن التحالف اعتراض كلا الصاروخين وإسقاطهما دون أضرار، واتهم إيران بتهريب هذا النوع من الصواريخ إلى الجماعة.
وعلى ضوء مختلف التطورات خلال الـ48 ساعة الماضية، تبرز العديد من التساؤلات عن الخيارات التي سيلجأ إليها التحالف في مواجهة التصعيد والتحدي من قبل الحوثيين، بالإضافة إلى مصير جهود استئناف المفاوضات، وما إذا كان التصعيد مؤشراً قوياً نحو اللاعودة باستمرار الحرب إلى حين، أو أنه أحد عوامل العودة إلى السلام، كما يأمل الحوثيون.
وكان رئيس "المجلس السياسي الأعلى"، واجهة السلطة في مناطق سيطرة الحوثيين، صالح الصماد، أعلن، في خطابه أمام الحشود، أن الصواريخ بمثابة وفود إلى عواصم التحالف.