أدت الخلافات بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان (شمال) إلى تعطيل صادرات نفط كركوك رغم مرور أكثر من 6 شهور على بسط القوات العراقية سيطرتها على المدينة الغنية بالنفط.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد لـ"العربي الجديد"، إن "نفط كركوك حالياً يستخدم محليا فقط ولا يصدّر منه شيء بسبب خلافات بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية".
وأضاف جهاد أن "وزارة النفط راغبة ومستعدة لاستئناف الصادرات مرة أخرى عبر المنفذ الشمالي ولكن تعقيدات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم تسبب في عدم تحقق ذلك"، متهما الإقليم بقيامه بإبرام عقود وتفاهمات مع شركات نفطية مختلفة دون الرجوع إلى الحكومة العراقية أو وزارة النفط.
واعتبر المتحدث باسم وزارة النفط أن توقف الصادرات الشمالية يضر بالاقتصاد الوطني ويسبب خسائر كبيرة له ويجب تغليب المصلحة الوطنية ووضعها فوق كل اعتبار في هذا الشأن" وفقًا لقوله.
وحول كمية النفط التي من المفترض أن تصدر يومياً عبر حقول كركوك للعالم قال "إنها نحو 550 ألف برميل نفط بمبالغ مالية ضخمة كان يمكن أن تعود على العراقيين بنفع كبير".
وأوضح أن إنتاج نفط كركوك تذهب كميات منه الى مصافي الكسك والصينية وكركوك، ومن المؤمل قريبا أن يتم ضخ جزء من هذا النفط إلى بغداد بعد تأهيل الأنبوب الرابط بين بغداد وكركوك، كما أنه من المتوقع أن يتم قريبا تصدير جزء عبر الصهاريج من خلال إيران.
وتابع جهاد أن الوزارة عرضت مشروع تأهيل خط النفط القديم من كركوك لصلاح الدين إلى نينوى ثم لتركيا من خلال الاستثمار أمام الشركات، تقوم الشركة الراغبة بتأهيله وترميمه وتجهيزه بالاتفاق مع الوزارة بتسديد ثمن ذلك من خلال اتفاق معين مع الشركة، مضيفاً: لقد تقدمت عدد من الشركات بعروضها ونعمل على اختيار الأفضل كون الأنبوب الاستراتيجي السابق تضرر كثيرا بفعل هجمات عصابات تنظيم "داعش".
وأكد المسؤولون، الذين رفضوا ذكر اسمهم، أن هذه الكميات النفطية ومع تحسن أسعار النفط كان من الممكن أن تحقق عائدات مالية كبيرة تساهم في عملية إعمار المدن المدمرة وإطلاق استراتيجيتي التخفيف من الفقر وتوفير وظائف.
وأضاف المسؤولون أن الاكراد يحاولون تضمين بند النفط في شروطهم في التحالفات الانتخابية الأخيرة، وهو ما يعتبر عملية ابتزاز واضحة للكتل السياسية في بغداد.
ولفتوا إلى أنه من غير المرجح أن يستأنف التصدير خلال الأشهر الثلاثة القادمة على أقل تقدير وقد تستمر الحالة حتى بعد تشكيل الحكومة العراقية، وفقا لقوله.
من جهته قال الخبير النفطي العراقي والأستاذ بمعهد النفط في البصرة عمار خالد، لـ"العربي الجديد "، إن "وزارة النفط العراقية طالبت خلال المفاوضات مع حكومة أربيل بتسليم جميع صادرات النفط إلى شركة سومو العراقية باعتبارها الشركة الرسمية القابضة على جميع ثروات النفط بالعراق إلا أن حكومة الإقليم ترفض تسليم صادراتها ولديها تعاملات نفطية مشبوهة مع شركات تعمل عبر البحر المتوسط وجزء من هذا النفط يذهب للكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية"، مضيفاً أنه "لا يزال مصير صادرات نفط كركوك الذي صدر من قبل إقليم كردستان منذ 2014 يعتبر واحدة من الملفات الغامضة، حيث تقدر عائدات النفط المصدرة بمليارات الدولارات".
وذكر خالد أن إدارة الملف النفطي في الإقليم يشوبها الكثير من الغموض حول مصير الإيرادات النفطية، والمشاكل المالية مع بعض الشركات، وديون وقروض من شركات ودول، وهذا ما أثارته بعض القوى السياسية داخل الإقليم التي تطالب بالكشف عن حجم الصادرات والأموال المتحققة من بيع النفط.
وشدد على أن حكومة إقليم كردستان أثقلت نفسها بعقود النفط الروسية وغيرها من الشركات النفطية التي تسعى للسيطرة على ملف النفط والغاز في الإقليم.
وأكد خالد أن الإقليم يصدر الآن بحدود 250 ألف برميل يومياً عبر ميناء جيهان ولا توجد إحصاءات رسمية تعلن بشفافية حول هذا الموضوع، مشيراً إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في الإقليم وعدم دفع رواتب الموظفين و"هي ملفات بحاجة للمراجعة".
من جهته، قال المختص بشؤون النفط في إقليم كردستان العراق، داستان خورشيد شواني لـ"العربي الجديد"، إن "صادرات الإقليم النفطية تباع في الأسواق العالمية ولكن لا أحد يعرف بشكل محدّد حجم الصادرات وأسعار البيع ومن يتحدث في هذا الملف يكن مستهدفاً من قبل الأحزاب المتنفذة المستفيدة من أموال بيع النفط".
وأكد شواني أن الأحزاب في كردستان مستفيدة ومتورطة في عمليات فساد مالي واستيلاء على أموال النفط، مطالباً المسؤولين في كردستان بفتح ملف مبيعات النفط واعتماد مبدأ الشفافية في هذا المجال.
ويعاني إقليم كردستان، خلال الفترة الأخيرة، من أزمات مالية خانقة أدت إلى تعطل دفع الرواتب وتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.