الردّ الإسرائيلي في الجولان مستبعد: بنك الأهداف فقير

29 يناير 2015
تسيطر المعارضة السورية على جزء كبير من الجولان(فرانس برس)
+ الخط -
مع فتح جبهة الجولان على كل الاحتمالات، بعد أن بقيت مقفلة على مدى أربعة عقود، بات هناك احتمال كبير، في أن يطال الردّ الإسرائيلي على عملية حزب في منطقة مزارع شبعا المحتلة، أمس الأربعاء، واقع تواجد خبراء وعناصر لـ"حزب الله" داخل الأراضي السورية، ولكن بعيداً عن جبهة الجولان التي تسيطر فصائل المعارضة السورية على أجزاء كبيرة منها.

تقع أقرب نقطة لقوات النظام في الجولان، عن خطوط التماس مع الجانب الإسرائيلي، في قرية خان أرنبة ومدينة البعث، اللتين تبعدان عنها نحو عشرين كيلومتراً. كما أن النظام لا يمتلك قطعاً عسكرية كبيرة في تلك المنطقة، سوى اللواء 90، محدود الإمكانيات، وسريتي استطلاع صغيرتين، بالإضافة إلى لواء صغير (حطين)، التابع لجيش التحرير الفلسطيني، والمكون من عناصر من الفلسطينيين السوريين. وهو لواء محسوب على النظام السوري، ولكنه لم يتدخل حتى الآن في المعارك.


إلا أن النظام نقل في الفترة الأخيرة، طريق تهريب الأسلحة بينه وبين "حزب الله" من منطقة المصنع، المراقبة من القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى قربه من أماكن تواجد فصائل المعارضة، إلى أطراف منطقة شبعا. وهو طريق قد يكون هدفاً للإسرائيليين، الذين توعّدوا سابقاً بضرب أي تحركات لعمليات نقل أسلحة تتعلق بـ"حزب الله".

وقد يستغلّ النظام السوري عملية "حزب الله" والردّ الإسرائيلي عليها، إعلامياً، طالما أنه خارج المعادلة، وذلك من خلال تسويق نفسه كنظام ممانع، وتسويق حليفه الاستراتيجي "حزب الله" كحزب لا تزال فلسطين هي بوصلته، بعد أن شُوّهت صورته وظهوره خلال الثورة السورية، كحزب طائفي.

في المقابل، يشكل التصعيد الإسرائيلي ضد "حزب الله"، وربما النظام السوري، سلاحاً ذا حدّين بالنسبة للمعارضة السورية، التي قد يخفّ الضغط العسكري عليها، في حال انسحاب عناصر "حزب الله" من سورية وانشغالهم بالمواجهة مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه قد يضر بشعبيتها في حال النجاح في تسويق النظام والحزب لنفسيهما كممانعين لإسرائيل.

ومن المستبعد أن تصل حدود ردة الفعل الإسرائيلية على استهداف "حزب الله" القافلة العسكرية الإسرائيلية، إلى حد قيام إسرائيل بحرب شاملة في المنطقة، بسبب انتفاء مصالح كل الأطراف حالياً، بالقيام بمثل هذه الحرب. ومن المرجّح أن يقتصر الردّ الإسرائيلي على قصف لمواقع "حزب الله" قد تتعدّى الحدود اللبنانية، لتطال أماكن تواجد عناصره داخل الأراضي السورية، وقد تجدها إسرائيل فرصة لاستهداف بعض مواقع الأسلحة الاستراتيجية للنظام التي لم تقصفها سابقاً.


نظرياً، قد تشكل عملية "حزب الله"، فرصة لإسرائيل لتوجيه ضربة قوية للحزب الذي لم تفعل حروبها الشاملة سوى تعزيز قوته، وربما لهذا السبب من غير المرجّح أن تُقدم على مثل هذه الخطوة اليوم، بالإضافة إلى أسباب عدة، منها ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، الذي يبدو أنه يفضل النأي بنفسه عن المواجهة الشاملة مع "حزب الله"، طالما أنه يستنزف قواه من خلال حربه ضد قوات المعارضة السورية إلى جانب النظام، وطالما أنه يستنزف سمعته في هذه الحرب، التي أظهرته كحزب طائفي، بعد أن كان يصوّر نفسه حزباً مقاوماً كانت شعبيته تمتد "من الخليج إلى المحيط". وجاء هجوم "حزب الله" على القافلة الإسرائيلية رداً على غارة القنيطرة التي طالت قيادات للحزب وجنرال إيراني. ويتوقع مراقبون أن تعمد القوات الإسرائيلية إلى الردّ على الحزب، لاعتبارات متعلقة بالجمهور الإسرائيلي، ومتناسبة مع حجم الضربة التي وجّهها "حزب الله".

لا يقتصر الأمر على الإسرائيليين، بل إن هناك أسباب تتعلق بعدم رغبة الولايات المتحدة في تحوّل الحرب مع "حزب الله" إلى حرب شاملة، قد تستدعي تدخلاً إيرانياً، الأمر الذي قد يعرقل المفاوضات النووية الإيرانية مع الولايات المتحدة، والتي أحرزت تقدماً كبيراً في الأشهر الأخيرة. مع العلم أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تولي الملف النووي الأولوية القصوى، كإنجاز وحيد لها في الولاية الحالية، وقبل أقل من عامين على نهايتها. كما أن الجانب الإسرائيلي، ومعه الجانب الأميركي، يدركان جيداً أن الدخول في حرب شاملة، في هذا التوقيت، قد يحوّل الاهتمامات باتجاه التوحّد في مواجهة إسرائيل على اعتبار أنها العدو المشترك، الأمر الذي قد يغيّر من الكثير من المعطيات الميدانية والسياسية في المنطقة.