فيما تقف فنزويلا على أعتاب الإفلاس بسبب انهيار النفط، يواصل الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادرو، جهوده لإقناع أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وكبار المنتجين من خارج أوبك، لعقد قمة نفطية طارئة لخفض الإنتاج، على أمل أن ترتفع أسعار النفط.
وفي هذا الصدد، أجرى مادرو، أمس، وحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية، اتصالاً هاتفياً مع الملك سلمان بن عبدالعزيز.
ورغم أنه لم تصدر تصريحات سعودية رسمية حول الرد السعودي على الاتصال، إلا أن التلميحات السعودية وقراءة خبراء النفط الغربيين، تشيران بوضوح إلى أن السعودية، ترى أن عقد مثل هذه القمة لن يخدم أسعار النفط، في وقت تعيش فيه السوق تخمة نفطية تفوق 3 ملايين برميل يومياً، وأن المتسبب فيها ليس "أوبك"، وإنما المنتجون خارجها.
في هذا الصدد، يقول خبراء غربيون، إن السعوديين لا يرفضون التعاون مع المنتجين الآخرين من خارج أوبك، كما صرحت مراراً، ولكنهم يرون أن عقد قمة نفطية ربما ستكون له آثار مدمرة على أسعار النفط، إذا لم يحدث اتفاق بين أعضاء المنظمة، وربما سترسل إشارة خاطئة إلى الأسواق، تدفع أسعار النفط إلى المزيد من الانهيار.
ولامتصاص الفائض النفطي من الأسواق الذي يفوق الطلب العالمي بقرابة 3 ملايين برميل يومياً، تحتاج المنظمة إلى إجراء خفض كبير يفوق هذا الرقم، وهو ما يبدو شبه مستحيل في الوقت الراهن، ووسط الظروف الحالية التي يمر بها معظم أعضاء "أوبك". فالعراق وإيران يريدان رفع إنتاجهما وليس الخفض، كما أنه لم تبد حتى الآن أي من الدول المنتجة للنفط خارج "أوبك" رغبتها في التعاون مع المنظمة لخفض الإنتاج.
وحتى التلميحات التي صدرت عن روسيا ونشرتها بعض الصحف الروسية، والتي قالت إن روسيا على استعداد لخفض الإنتاج بحوالي 300 ألف برميل يومياً، إذا وافقت منظمة "أوبك" على خفض إنتاجها بحوالي 1.5 مليون برميل يومياً، لم تؤكدها المصادر الحكومية في موسكو.
وعلى صعيد المنتجين الآخرين، وعلى رأسهم شركات النفط الصخري، وهم الأهم، فإنهم لا يخضعون لسلطات الحكومة الأميركية حتى يؤمروا بالتعاون، فإن العامل الوحيد الذي سيجبرهم على خفض الإنتاج هو انهيار أسعار النفط تحت خط الربحية ولتكبد خسائر.
أمام هذا الوضع، فإن دعوة الرئيس الفنزويلي لعقد قمة لكبار منتجي النفط تصبح بلا معنى، وحتى إذا وافقت دول "أوبك" عليها فربما تخرج بخلافات تعصف بمستقبل المنظمة، في ظل الصراعات السياسية في المنطقة، وربما تفوق مضارها كثيراً أية منفعة منها.
ويسعى الرئيس الفنزويلي إلى إيجاد مخرج لأزمته المالية الحادة التي ربما تعصف بحكمه، إذا تواصل انهيار أسعار النفط. فالنفط الفنزويلي يباع حالياً بأقل من 40 دولاراً، ويذهب معظمه للصين. كما أن 50% من الصادرات النفطية الفنزويلية المباعة تذهب لتغطية خدمة الديون الصينية البالغة 50 مليار دولار. وهي ديون مرهونة بالنفط تراكمت منذ أزمة المال العالمية في عام 2007.
ومن بين الدول داخل "أوبك" التي توافق فنزويلا على خفض الإنتاج، كل من الجزائر وإيران. ولكن ما يناقض حرص إيران على خفض الإنتاج، أنها ومنذ توقيع الاتفاق النووي تسعى إلى زيادة إنتاجها، وتقول إنها تعمل على رفع إنتاجها بحوالي 800 ألف برميل يومياً، كما أنها أكدت، على لسان وزير نفطها، أنها ستطالب بحصتها كاملة في اجتماع "أوبك" المقبل، في حال تفعيل الاتفاق النووي من قبل الولايات المتحدة.
وهذا يعني أن إيران عملياً لن تكون عاملاً مساعداً في سحب الفائض من المعروض النفطي في المستقبل. وهو ما يناقض من الناحية العملية موافقتها فنزويلا في عقد اجتماع لخفض الإنتاج.
اقرأ أيضاً: فنزويلا تتحرك دولياً لوقف تهاوي أسعار النفط