السفارة اللبنانية في القدس: بين المزايدة السياسية والخطوة الرمزية

14 ديسمبر 2017
مشاورات مع عباس سبقت اقتراح وزير الخارجية (راتب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -
قرر مجلس الوزاء اللبناني، اليوم الخميس، تشكيل لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ الاقتراحات الواردة في كتاب وزير الخارجية، جبران باسيل، الذي يتضمن اقتراحاً لافتتاح سفارة لبنانية في القدس، تكريساً لكونها عاصمة لدولة فلسطين، وذلك بعد أن أعلن باسيل عن توجيه الكتاب إثر مباحثات مع الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، في هذا الشأن، ولتقديم عقار للبنان في "القدس الشرقية".

استند باسيل، بحسب ما أخبرت مصادر في وزارة الخارجية "العربي الجديد"، إلى قرار وزاري مُعلّق، أعلنته حكومة الرئيس، فؤاد السنيورة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، قضى بـ"إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين، على أن يتم فتح سفارة تحل محل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية الموجود حاليًا في بيروت". وتضمن نص القرار إشارة إلى "ترك تقرير مسار الإجراءات الثنائية (اللبنانية - الفلسطينية) لتقدير الحكومة"، وذلك بعد "اعتراض التيار الوطني الحر (الذي يرأسه باسيل حالياً) ومعه حزب الله"، كما يؤكد أحد الوزراء المشاركين في الحكومة عام 2008 لـ"العربي الجديد".

ويقول الوزير ذاته، إن "التيار والحزب اعترضا بشدة، ولم يتمكنا من التمييز بين الاعتراف بفلسطين كدولة، وبين الموقف السياسي لهذين الفريقين من السلطة الفلسطينية التي تم توصيفها بالمتآمرة خلال الجلسة". ويستطرد الوزير مستذكرًا مجريات النقاش في تلك الجلسة: "تعطيل وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر بحث عقد (اتفاقية المقر) التي تمنح السلطات الفلسطينية الحق الفعلي في افتتاح سفارة في بيروت، وهو ما أدى لصدور القرار دون عقود إجرائية". ويعتبر الوزير أن "الرد الفعلي على قرار الرئيس ترامب يجب أن يكون بمنح الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين ووقف التذرع بخطر التوطين، بدل ممارسة المزايدة السياسية ومحاولة تسجيل النقاط".


ومع سلوك كتاب باسيل الطريق القانوني للبحث، من خلال اللجنة الوزارية التي سيتم تشكيلها، تُطرح مجموعة أسئلة عن الإمكانية الفعلية لافتتاح سفارة لبنانية في القدس الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي. وعن ذلك، يقول الخبير القانوني، ورئيس منظمة "جوسيتسيا"، البروفيسور بول مرقص، إن "القرار لا يحمل أبعاداً إجرائية بسبب الصعوبات العديدة التي تحول دون افتتاح سفارة فعلية في القدس"، مُرجّحاً أن يبقى القرار في إطار "الرمزية السياسية".


ويشير مرقص، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "إقامة سفارة في منطقة خاضعة لسلطة كيان يتبادل العداء مع لبنان أمر غير ممكن، كما أن وصول سفير لبناني إلى هناك غير ممكن أيضاً، وأساساً لا توجد معاملات أو خدمات دبلوماسية يمكن لطاقم لبناني أن يقدمها في القدس بسبب حظر زيارة المواطنين اللبنانيين إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل".

ويقول مرقص، إنه وفي حال الإصرار على إعطاء القرار بعداً تنفيذياً "ولو جزئياً"، يمكن اللجوء إلى خيار تعيين سفير لبناني لدى فلسطين وتكليفه متابعة مهامه من السفارة اللبنانية في العاصمة الأردنية، عمّان، كونها الأقرب إلى القدس. ​

تجدر الإشارة إلى أن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان ممنوعون من التملك ومن ممارسة أكثر من 70 مهنة حرة. كما تُمنع المرأة اللبنانية من منح الجنسية اللبنانية لأبنائها في حال كانت متزوجة من أجنبي، وهو ما يحرم النساء اللبنانيات المتزوجات من فلسطينيين من الحق الأساسي في منح الجنسية ومن الحق في الحصول على الخدمات الصحية والتربوية لأبنائها.

كما يعاني اللاجئون من تقلّص الخدمات المقدمة لهم من "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين" (أونروا) بسبب النقص في التمويل، ومن التعاطي الأمني معهم من قبل السلطات اللبنانية التي تمنع إدخال مواد البناء والترميم إلى المخيمات. وإلى جانب المعاناة العامة للاجئين، لا يزال قسم من سكان مخيم عين الحلوة للاجئين، شمالي لبنان، مُهجّراً حتى اليوم، بسبب تأخر عملية إعادة إعمار المخيم، بعد أن دمّره الجيش اللبناني بشكل كامل خلال المعارك مع تنظيم "فتح الإسلام" المُتطرف عام 2007.