السيد الرئيس

23 سبتمبر 2017
أفرزت المعارك السورية أنانية قيادية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -


مع تكاثر التجمعات والتيارات والهيئات والأحزاب واللجان والجمعيات والمنظمات في وسط المعارضة السورية، والتي وصلت حداً يصعب إحصاؤه، لم تستطع أي من تلك الكيانات أن تحقق شيئاً ملموساً على أرض الواقع، وجلّ ما أنتجته لا يتعدى المواقف والبيانات النظرية غير القابلة للتطبيق وإنشاء هيكليات نظرية وانتاج أسماء كبيرة ومخيفة، معظمها من وزن هيئة عامة لحماية، أو رعاية شؤون، أو تصحيح مسار، أو قيادة قوى الثورة.

ومع تبيان عدم نجاعة عمل تلك الكيانات، راح القائمون عليها أو من فكر بإنشاء كيان جديد، يفكرون بطرق يعتقدون أنها أنجع، فاتبعوا أسلوباً نظرياً أيضاً، وهو اللعب على موضوع التسمية؛ فبدل الهيئة العامة، أصبحنا نشهد كيانات من وزن اتحاد الهيئات العامة، وبدل التيار أصبح تجمع التيارات الفلانية، وبدل اللجنة الاتحاد العام للجان، طبعاً من دون إغفال كلمة "عام" من أي كيان، حتى لو كان مجموعة على "الواتساب"، للإيحاء بأنه كيان جمعي يضم كل السوريين.

وطبعاً لا ننسى المجموعات التي تدعو لمؤتمرات وطنية عامة أو مؤتمرات شعبية عامة، والتي في معظمها تجمعات لا تتجاوز العشرات، ومنها لا يتجاوز أعضاؤها عشرة أشخاص. إلا أن المفارقة في هذه التجمّعات هي في الشخصيات القائمة عليها، والتي أصبح لكل منها اسم كبير كرئيس أو أمين عام أو منسق عام لاتحاد كيانات عامة، قد خلق "أنا" مضخمة جداً لدى تلك الشخصيات، لدرجة أن معظمهم بدأ يتصرف وكأنه فعلياً رئيس للسوريين. ومن خلال الاطلاع على مناقشات داخلية لبعض تلك الكيانات، التي تدّعي بأنها "كيانات جامعة لكل السوريين"، تجد أن هناك مئات الصفحات التي تكتب والتي لا تتعدى الحكم والأمثال التي تدرس في المرحلة الابتدائية، والتي يتم اسقاطها على واقعنا السوري، مع عدد من الوصايا للسوريين، التي تدّعي بأنه فيما لو أخذوا بها، فستكون نجاتهم من خلالها، فيما يكون هناك شخص هو "السيد الرئيس" الذي يقدّم يومياً حكمة تشابه حكم زهير بن أبي سلمى، ويلوم الناس على أنه كتب في العام الفلاني على موقع "فيسبوك" ولكن أحداً لم يستمع إليه، فيما جمهور التجمّع يكيل المديح لكل ما يقول. يبدو أن التحرر من قبضة حكم مستبد كان يتحكم بتوزيع المناصب وماهيتها، قد أفرز "أنا" مضخمة لبعض من أتاح لهم الظرف أن يعملوا بمنصب قيادي.