قل خبراء وناشطون مصريون، "إن المشروع الذي أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الثلاثاء لتنمية محور قناة السويس، استنساخ لمشروع الرئيس المعزول، محمد مرسي، الذي أطاحه الجيش في 3 يوليو/تموز عام 2013"، وأكدوا أن الاختلاف الرئيسي يتمثل في سيطرة الجيش علي المشروع بحجة حماية الأمن القومي، بحيث يصبح المستفيد الأكبر من الإيرادات.
وكان السيسي، أكد في مؤتمر صحافي، عُقد أمس الثلاثاء، لافتتاح المشروع في الإسماعيلية، أنهم "رفضوا المشروع، إبان عهد مرسي، لدواع أمنية".
وشن عضو لجنة التنسيق والحوار بيان القاهرة، عبد الرحمن سمير، هجوماً على احتفاء وسائل الإعلام بالمشروع خلافاً لما كان عليه الحال في عهد مرسي.
وتساءل سمير، في مشاركة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، ساخراً: ألم يكن هذا المشروع هو نفسه الذي تم تقديمه في عهد مرسي ووصفه "إعلام النكسة" آنذاك بأنه "مشروع تقسيم مصر؟.
وتابع سمير: الآن تحول لمشروع قومي متكامل، لم يكن كذلك في عهد مرسي لأنه افتقد أهم شروطه، وتتمثل في أن المجلس العسكري لم يكون مسؤولاً عن جمع الإيرادات، أما الآن سينتهي المشروع خلال عام وستمتليء جيوب اللواءات بأمواله".
أزمة التمويل
أما الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سامح راشد، فقال لـ"العربي الجديد": إن حديث السيسي، عن رفض القوات المسلحة مشروع تنمية محور قناة السويس الذي تم تقديمه في عهد مرسي، لدواع الأمن القومي، ليس صحيحاً، وإن القوات المسلحة لم ترفض المشروع وقتها بل طالبت بتوضيح بعض الأمور".
واستبعد وجود أي اختلافات بين المشروع الذي تم الإعلان عنه والسابق الذي تم تقديمه في عهد مرسي.
وأضاف "إذا كان هناك ثمة اختلافات جوهرية بين المشروعين فعلى السيسي الإعلان عنها".
وفيما يتعلق بتمويل المشروع، قال راشد "أؤيد عدم مشاركة شركات أو جهات أجنبية في تمويل المشروع لاعتبارات أمنية، لكن هذا لا يعني مطالبة المصريين، الذين تضاعفت معاناتهم بسبب قرارات رفع الدعم، بالتبرع لتمويل المشروع لأنهم لا يملكون شيئا".
وأكد أن "مطالبة السيسي المصريين بالتبرع بأموالهم في شكل أسهم وسندات يكشف عدم تقديره لمعاناتهم جراء قراراته الأخيرة برفع الدعم وزيادة أسعار الوقود والغاز الطبيعي والكهرباء".
وأردف قائلا "على السيسي دعوة رجال الأعمال للتبرع بجزء من أموالهم، كما يمكن أن تساهم القوات المسلحة في تمويل المشروع لاسيما أنها شريك أساسي فيه وتشرف على تنفيذه".
وطالب السيسي، المصريين، بتمويل المشروع من خلال التبرع لصندوق دعم مصر، وشراء أسهم وسندات بقيمة 100 جنيه للأفراد و10 جنيهات للطلاب.
وعن مطالبة السيسي الهيئة الهندسية المكلفة بتنفيذ المشروع بالانتهاء منه خلال 12 شهرا بدلا من 3 سنوات، قال راشد "لا تتحمل البلاد خلال هذه المرحلة الدقيقة هذه المظهرية وادعاء البطولة"، منتقداً "غياب الشفافية ونقص المعلومات عن تفاصيل المشروع ومراحله".
أوهام بيع القناة لقطر
وقال الخبير والمحلل السياسي، أمجد الجباس،: إن هناك اختلافاً في السياق؛ ففي عهد مرسي كان هناك نقاش وسماع لجميع الآراء بالظهور، وظهرت حينها الكثير من الاعتراضات القانونية على المشروع، بدعوى أنه سيخلق إقليماً جديداً داخل الدولة، ولكن اليوم لا يوجد مثل هذا المناخ من الحرية التي تسمح بالانتقاد أو المعارضة.
وتابع، في تصريحات لـ "العربي الجديد": لم تستند الشائعات التي انتشرت في عهد مرسي لأية أدلة، لاسيما الشائعات المتعلقة بإدارة دولة قطر وتركيا للمشروع، وما تردد حينها عن أن دولة الإمارات معترضة على المشروع لأنه سيؤثر بشكل كبير على استثماراتها ومشاريع جبل علي".
وأشار إلى أن "مشاركة الإمارات اليوم في هذا المشروع، تدل على أن الاعتراضات لم تكن على المشروع في حد ذاته، وللأسف ومع كل ذلك فالإعلام المصري الآن لا يتحدث عن أي تدخل للإمارات في الشأن المصري".
وأكد أن "السيسي سار على درب أسلافه من العسكريين، مع الفارق، فأي مشروع كانوا يقومون به كان يتم الترويج له باعتباره منقذاً لمصر".
مشروع دعائي
وتابع الجباس "في السبعينيات من القرن الماضي تحدث النظام عن مشروع "منخفض القطارة"، وفي عهد المخلوع حسني مبارك أنفق على مشروع "توشكى" مليارات الدولارات، دون تحقيق أي إنجازات على الأرض سوى تبديد أموال الشعب".
وانتقد المحلل الساسي الأجواء الاحتفالية التي صاحبت إطلاق المشروع، وقال إن "السيسي يريد أن يثبت لنفسه إنه رئيس يتمتع بشعبية وله شرعية، ولذلك يكون حريصاً على دعوة فئات مختلفة من المواطنين ليعطي إيحاءا بأن هناك التفافاً شعبياً حوله".
وتساءل "هل العالم بحاجة بالفعل لمثل هذا المجرى الملاحي الموازي؟ فحركة المجرى لا تشهد كثافة، بحيث نقول إن هناك حاجة لقناة جديدة".
وأكمل "سيكون للجيش الدور الأكبر في هذا تنفيذ المشروع، وبالتالي فإن كثيراً من الشباب المسجلين في التجنيد الإلزامي، ستتحول الفترة التي من المفترض أن يقضوها في خدمة الوطن، إلى فترة سُخرة" في اشارة الي ما حدث عند حفر قناه السويس في بداية القرن ال19.