ذكر تقرير جديد صدر عن منظمة الصحة العالمية وشركائها، أنّ أكثر من 3000 مراهق يموتون كل يوم، ليصل إجمالي الوفيات إلى 1.2 مليون حالة وفاة سنوياً لأسباب يمكن تفاديها إلى حد كبير، وأهمها الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق، وعدوى الجهاز التنفسي السفلي والانتحار.
وكشف التقرير أنه يمكن الحد من معظم هذه الوفيات من خلال توفير الخدمات الصحية الجيدة والتعليم والدعم الاجتماعي. ولكن في كثير من الحالات، لا يمكن للمراهقين الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو تعاطي مواد الإدمان أو سوء التغذية الحصول على خدمات الوقاية والرعاية الأساسية التي تمس حاجتهم إليها، إما بسبب عدم وجود الخدمات، أو لأنهم لا يعرفون عنها شيئاً.
وأوضح أن العديد من السلوكيات التي تؤثر على الصحة في وقت لاحق من العمر من قبيل الخمول البدني، وسوء التغذية، والسلوكيات الجنسية المحفوفة بالمخاطر، تبدأ في مرحلة المراهقة.
وقالت الدكتورة فلافيا بوستريو، المديرة العامة المساعدة لمنظمة الصحة العالمية: "لطالما أغفلت الخطط الصحية الوطنية المراهقين تماماً لعقود طويلة. والاستثمارات الصغيرة نسبياً التي تركز على المراهقين لن تساعد فقط في إعداد بالغين يتمتعون بالصحة والتمكين والازدهار والمساهمة بشكل إيجابي في مجتمعاتهم، ولكنها ستؤدي أيضا إلى أجيال مستقبلية أوفر صحة، وهو ما سيحقق بدوره عوائد هائلة".
وتُظهر البيانات الواردة في التقرير عملية تسريع العمل العالمي من أجل صحة المراهقين، إرشادات لدعم التنفيذ في البلدان، وجود اختلافات صارخة في أسباب الوفيات عند الفصل بين فئات المراهقين حسب العمر (المراهقون الأصغر سناً الذين تراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة والمراهقون الأكبر سناً الذين تراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة) وحسب نوع الجنس. ويتضمن التقرير أيضاً مجموعة من التدخلات – من القوانين المتعلقة بأحزمة الأمان وصولاً إلى التربية الجنسية الشاملة - والتي يمكن للبلدان تنفيذها لتحسين صحتهم ومعافاتهم وتقليص الوفيات بدون داع بشكل كبير.
وبحسب التقرير، فإن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق هي السبب الرئيسي لوفيات المراهقين، وتؤثر بشكل كبير على الصبية.
وفي عام 2015، كانت الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق هي السبب الرئيسي لوفيات المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، ما أسفر عن وفاة حوالي 115 ألفاً من المراهقين. وتحمل المراهقون من الصبية الأكبر سناً والذين تراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً العبء الأكبر. فمعظم الشباب الذين لقوا حتفهم في حوادث الطرق هم من مستخدمي الطرق المعرضين للخطر، من قبيل المشاة وراكبي الدراجات وراكبي الدراجات النارية.
ومما جاء في التقرير، أنه في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في أفريقيا فقط، نجد أن الأمراض السارية من قبيل مرض الإيدز والعدوى بفيروسه، وعدوى الجهاز التنفسي السفلي، والتهاب السحايا، وأمراض الإسهال تأتي قبل حوادث المرور على الطرق كأكبر سبب للوفيات بين المراهقين. وتؤثر العدوى التنفسية السفلى ومضاعفات الحمل كثيراً على صحة الفتيات.
وتختلف الصورة بالنسبة للفتيات اختلافاً كبيراً. فالسبب الرئيسي لوفيات الفتيات المراهقات الأصغر سناً اللاتي تراوح أعمارهن بين 10 و14 سنة هو عدوى الجهاز التنفسي السفلي من قبيل الالتهاب الرئوي، وغالباً ما يكون نتيجة لتلوث الهواء في الأماكن المغلقة من جراء الطهي باستخدام أنواع وقود غير نظيفة. وتعتبر مضاعفات الحمل، مثل النزيف، والولادات المتعسرة، والمضاعفات الناجمة عن الإجهاض غير المأمون، هي السبب الرئيسي لوفيات الفتيات اللاتي تراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً.
وكان الانتحار والوفيات العرضية من جراء الإيذاء الذاتي يمثلان ثالث سبب لوفيات المراهقين في عام 2015، حيث أسفرا عن نحو 67000 حالة وفاة. ويحدث الإيذاء الذاتي إلى حد كبير بين المراهقين الأكبر سناً، وعلى الصعيد العالمي يمثل ثاني سبب رئيسي لوفيات المراهقات الأكبر سناً، وهو السبب الرئيسي أو ثاني سبب رئيسي لوفيات المراهقين في أوروبا وجنوب شرق آسيا.
وأكد التقرير أن "الاحتياجات الصحية للمراهقين تزيد بشكل كبير في الحالات الإنسانية والأوضاع الهشة. وكثيراً ما يضطلع الشباب بمسؤوليات البالغين بما في ذلك رعاية الأشقاء الأكبر سناً أو العمل، وقد يضطرون إلى التسرب من المدارس، أو الزواج المبكر، أو الانخراط في الجنس المتعلق بالمعاملات لتلبية احتياجاتهم الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة. ونتيجة لذلك، فقد يعانون من سوء التغذية والإصابات غير المتعمدة وحالات الحمل وأمراض الإسهال والعنف الجنسي والأمراض المنقولة جنسياً ومسائل الصحة النفسية".
وقال الدكتور أنتوني كوستيلو، مدير الإدارة المعنية بصحة الأم والوليد والطفل والمراهق، في منظمة الصحة العالمية: "يمثل تحسين الطريقة التي تخدم بها النظم الصحية المراهقين جزءاً واحداً فقط من تحسين صحتهم". وأضاف "يعتبر الآباء والأمهات والأسر والمجتمعات المحلية في غاية الأهمية، حيث يكونون هم الأكثر قدرة على التأثير بشكل إيجابي على سلوك المراهقين وصحتهم".
وتوصي منظمة الصحة بإجراء تدخلات في مختلف القطاعات، بما في ذلك التثقيف الجنسي الشامل في المدارس، ورفع السن المصرح به لتعاطي الكحول، والتكليف باستخدام أحزمة الأمان والخوذات بمقتضى القانون، والحد من إمكانية الحصول على الأسلحة النارية وإساءة استعمالها، والحد من تلوث الهواء في الأماكن المغلقة من خلال استخدام وقود أنظف للطهي، وزيادة فرص الحصول على المياه المأمونة والنظافة.
(العربي الجديد)