لا يملك العراق حتى الآن أيّ قانون يحمي المرأة والطفل من العنف الأسري، على الرغم من حوادث تقع بين حين وآخر، لا سيّما ما يتعلق بمقتل عشرات النساء في جنوب البلاد من جرّاء التعنيف. ويأتي ذلك تحت مسميات وتبريرات عدّة، منها جرائم الشرف والموت المفاجئ وغيرهما للإفلات من العقوبات القضائية. في الدورات البرلمانية السابقة في العراق، لم تنجح جهود القوى المدنية الشعبية ولا أصوات النواب العلمانيين الذين لم يتخطّ عددهم الخمسة طوال الأعوام الماضية، في تمرير قانون "الحماية من العنف الأسري" بسبب الكتل الإسلامية ومنها التابعة لـ"حزب الدعوة الإسلامية العراقي" و"حزب الفضيلة الإسلامية العراقي" اللذَين يجدان في القانون تعارضاً مع مبادئ الإسلام في تربية الزوجة والأولاد. مجدداً، أثير "قانون الحماية من العنف الأسري" عبر لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان، لكنّه ما إن طُرح للقراءة الأولى حتى تمّ تأجيل المناقشة فيه، علماً أنّ القانون معتمد من قبل حكومة إقليم كردستان العراق. وخلّف طرح القانون مجدداً سلسلة ردود فعل في بغداد، منها مؤيّدة وهي الأضعف، ومنها معارضة وهي الأقوى إذ إنّها الأكثر. ومن نماذج رفض مشروع القانون، البيان الأخير لرئيس "كتلة النهج الوطني" عمار طعمة، الذي أشار فيه إلى أنّ المشروع يحوي "مضامين خطيرة على استقرار العائلة المسلمة العراقية ويستنسخ تجارب غربية لتطبيقها، وأنّ رعاية الأولاد وحمايتهم يترتب عليه فصل الابن أو البنت القاصرَين من مسكن أبوَيهما ونقلهما إلى مركز إيواء بعيداً عن متابعة ورعاية والديهما، ويجعلهما في معرض خطر سيطرة الغرباء وأخطار الانخراط في علاقات مريبة مع ذوي الشذوذ الأخلاقي ومدمني المخدرات ومرتادي أماكن الرذيلة". أضاف طعمة في بيانه أنّ "القانون يدعو إلى أنّ أيّ خلاف أو إشكال يقع بين أفراد العائلة يتحوّل إلى موضوع في المحكمة، وهل تستقر العائلة المبنية علاقتها على المودة والتراحم إذا استبدلت مساعي الصلح والإصلاح الأسري بشكاوى ومراكز الشرطة".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقول هيفاء الأمين وهي عضوة في لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التأجيل الأخير لقراءة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري جاء بطلب رسميّ من اللجنة، لأنّ ما عُرض في البرلمان كان النسخة القديمة من مشروع القانون التي أعدّت في عام 2015. وقد أدخلت تعديلات من دائرة تمكين المرأة العراقية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من أجل تدعيم القرارات وأُرسِلت إلى مجلس القضاء الأعلى". تضيف الأمين أنّ "ثمّة سوء فهم لمشروع القانون من قبل إسلاميين يرون أنّه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وهذا أمر غير منطقي. ومجلس القضاء الأعلى، بحدّ ذاته، أقرّ بأنّ القانون لا يتعارض مع أيّ نص ديني". وتتابع الأمين أنّ "العمل مستمرّ من أجل تمرير مشروع القانون، مع علمنا بأنّ اعتراضات كثيرة سوف تواجهنا من قبل الإسلاميين. لكنّ ثمّة دعماً كبيراً للقانون من قبل رئاسة مجلس النواب وكتل كبيرة في البرلمان، بالإضافة إلى دعم رئاستَي الجمهورية والوزراء وبعض المرجعيات الدينية التي ترفض العنف في داخل الأسرة، فالقانون لا يقتصر على المرأة فقط إنّما يشمل الحماية من العنف ضدّ الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة".
في السياق، يؤكد عضو في مفوضية حقوق الإنسان (هيئة حكومية) فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد"، أنّ "العنف موجود بشكل كبير في المجتمع العراقي، وإقرار هذا القانون سوف ينظم أحكام قضايا العنف في المحاكم، إذ إنّ المحاكم العراقية لا تعرف كيف تتعامل مع ضحايا العنف الأسري ومرتكبيه على حدّ سواء". ويوضح أنّ "سبب التأخير هو الاعتراضات البرلمانية من قبل الإسلاميين الذين يصنّفونه قراراً غربياً كُفرياً، وهذا أمر غير صحيح، مع الإشارة إلى أنّ قوانين جرائم المعلوماتية والإلكترونيات هي قوانين غربية إلا أنّها لا تشهد أيّ اعتراض عليها". يضيف المصدر نفسه أنّ "أكثر ما يقلق منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وحتى منظمة حقوق الإنسان، هو عدم امتلاكها إحصاءات رسمية لعدد المعنّفين من قبل أسرهم. فوزارتا الداخلية والعدل تُداران من قبل إسلاميين يظنّون أنّ ضرب الزوجة وتعنيف الأولاد أمور صالحة وجزء من التربية. لكنّنا حصلنا معلومات تفيد بأنّ فرداً واحداً أو اثنَين من بين خمسة أفراد في الأسرة العراقية يتعرّضان للعنف".
أمّا الحقوقية العراقية رواء الموسوي، فتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "البرلمان كان يعمد إلى تأجيل مناقشة القانون في خلال الأعوام والدورات الماضية بسبب المعترضين الذين يتحرّكون بناءً على خلفياتهم الدينية والمؤمنين بالسلطة الذكورية، مع العلم بأنّ بلداناً عربية عدّة تعتمد مثل هذا القانون وكذلك الحال في إقليم كردستان العراق. ولو طُبّق القانون فإنّه سوف يكون رادعاً للرجال العنيفين مع زوجاتهم وأخواتهم، والأمر ينطبق على الأطفال كذلك". تضيف الموسوي أنّ "في حال إقرار القانون، فإنّ الحكومة سوف تُجبَر على توفير دور إيواء للنساء المعنفات وإنقاذ الضحايا ومحاسبة المتورّطين، خصوصاً أنّ التعنيف في العراق وصل إلى مراحل متفاقمة. في جنوب البلاد على سبيل المثال، تُسجّل حوادث تؤدّي إلى الوفاة، لكن سرعان ما يتمّ تدارك الأمر والقول إنّها جرائم شرف". وتلفت الموسوي إلى أنّ "تطبيق القانون وإقراره لا يعنيان انتهاء العنف الأسري، إلا أنّ نتائجه سوف تظهر على المدى البعيد وسوف تُرفَع قضايا أمام المحاكم من قبل أطفال ونساء وحتى رجال في بعض المناطق". وتوضح أنّ "القانون سوف يدعم المحاكم بقوانين مختصة بمثل تلك الحوادث لتنظيم عملها، لأنّها حالياً تعتمد على قوانين العقوبات العامة".
اقــرأ أيضاً
بالنسبة إلى الناشط مصطفى الصوفي، فإنّ "مشكلات القوانين العراقية متعلقة بالتطبيق والتزام المجتمع بها وتقديم الأفراد الشكاوى واعتمادهم على القضاء". ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحقوقيين يرون أنّ مسائل العنف الأسري قابلة للمعالجة بالقوانين الحالية عبر تفسير المحاكم، لكنّهم لا يخفون أنّ عدم اللجوء إلى القضاء حالة سائدة في المجتمع العراقي الذي يميل إلى حلّ المشكلات عشائرياً". يضيف الصوفي أنّ "وضع قانون مفصّل حول العنف سوف يكون إيجابياً في اتجاه حماية الأفراد من العنف الأسري، لكنّ المشكلة تتمثّل بكيفيّة كسر الأعراف والتقاليد التي تمنح صلاحيات مطلقة لأولياء الأمور بضرب أبنائهم أو الزوج بضرب زوجته، بالإضافة إلى التحدّي الاجتماعي المتعلق بتقديم شكوى قضائية ضدّ الزوج أو الأب أو الأم كون هذا الأمر مخالفاً للأعراف والأخلاقيات الاجتماعية في العراق".
من جهتها، تقول هيفاء الأمين وهي عضوة في لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التأجيل الأخير لقراءة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري جاء بطلب رسميّ من اللجنة، لأنّ ما عُرض في البرلمان كان النسخة القديمة من مشروع القانون التي أعدّت في عام 2015. وقد أدخلت تعديلات من دائرة تمكين المرأة العراقية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من أجل تدعيم القرارات وأُرسِلت إلى مجلس القضاء الأعلى". تضيف الأمين أنّ "ثمّة سوء فهم لمشروع القانون من قبل إسلاميين يرون أنّه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وهذا أمر غير منطقي. ومجلس القضاء الأعلى، بحدّ ذاته، أقرّ بأنّ القانون لا يتعارض مع أيّ نص ديني". وتتابع الأمين أنّ "العمل مستمرّ من أجل تمرير مشروع القانون، مع علمنا بأنّ اعتراضات كثيرة سوف تواجهنا من قبل الإسلاميين. لكنّ ثمّة دعماً كبيراً للقانون من قبل رئاسة مجلس النواب وكتل كبيرة في البرلمان، بالإضافة إلى دعم رئاستَي الجمهورية والوزراء وبعض المرجعيات الدينية التي ترفض العنف في داخل الأسرة، فالقانون لا يقتصر على المرأة فقط إنّما يشمل الحماية من العنف ضدّ الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة".
في السياق، يؤكد عضو في مفوضية حقوق الإنسان (هيئة حكومية) فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد"، أنّ "العنف موجود بشكل كبير في المجتمع العراقي، وإقرار هذا القانون سوف ينظم أحكام قضايا العنف في المحاكم، إذ إنّ المحاكم العراقية لا تعرف كيف تتعامل مع ضحايا العنف الأسري ومرتكبيه على حدّ سواء". ويوضح أنّ "سبب التأخير هو الاعتراضات البرلمانية من قبل الإسلاميين الذين يصنّفونه قراراً غربياً كُفرياً، وهذا أمر غير صحيح، مع الإشارة إلى أنّ قوانين جرائم المعلوماتية والإلكترونيات هي قوانين غربية إلا أنّها لا تشهد أيّ اعتراض عليها". يضيف المصدر نفسه أنّ "أكثر ما يقلق منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وحتى منظمة حقوق الإنسان، هو عدم امتلاكها إحصاءات رسمية لعدد المعنّفين من قبل أسرهم. فوزارتا الداخلية والعدل تُداران من قبل إسلاميين يظنّون أنّ ضرب الزوجة وتعنيف الأولاد أمور صالحة وجزء من التربية. لكنّنا حصلنا معلومات تفيد بأنّ فرداً واحداً أو اثنَين من بين خمسة أفراد في الأسرة العراقية يتعرّضان للعنف".
أمّا الحقوقية العراقية رواء الموسوي، فتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "البرلمان كان يعمد إلى تأجيل مناقشة القانون في خلال الأعوام والدورات الماضية بسبب المعترضين الذين يتحرّكون بناءً على خلفياتهم الدينية والمؤمنين بالسلطة الذكورية، مع العلم بأنّ بلداناً عربية عدّة تعتمد مثل هذا القانون وكذلك الحال في إقليم كردستان العراق. ولو طُبّق القانون فإنّه سوف يكون رادعاً للرجال العنيفين مع زوجاتهم وأخواتهم، والأمر ينطبق على الأطفال كذلك". تضيف الموسوي أنّ "في حال إقرار القانون، فإنّ الحكومة سوف تُجبَر على توفير دور إيواء للنساء المعنفات وإنقاذ الضحايا ومحاسبة المتورّطين، خصوصاً أنّ التعنيف في العراق وصل إلى مراحل متفاقمة. في جنوب البلاد على سبيل المثال، تُسجّل حوادث تؤدّي إلى الوفاة، لكن سرعان ما يتمّ تدارك الأمر والقول إنّها جرائم شرف". وتلفت الموسوي إلى أنّ "تطبيق القانون وإقراره لا يعنيان انتهاء العنف الأسري، إلا أنّ نتائجه سوف تظهر على المدى البعيد وسوف تُرفَع قضايا أمام المحاكم من قبل أطفال ونساء وحتى رجال في بعض المناطق". وتوضح أنّ "القانون سوف يدعم المحاكم بقوانين مختصة بمثل تلك الحوادث لتنظيم عملها، لأنّها حالياً تعتمد على قوانين العقوبات العامة".
بالنسبة إلى الناشط مصطفى الصوفي، فإنّ "مشكلات القوانين العراقية متعلقة بالتطبيق والتزام المجتمع بها وتقديم الأفراد الشكاوى واعتمادهم على القضاء". ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحقوقيين يرون أنّ مسائل العنف الأسري قابلة للمعالجة بالقوانين الحالية عبر تفسير المحاكم، لكنّهم لا يخفون أنّ عدم اللجوء إلى القضاء حالة سائدة في المجتمع العراقي الذي يميل إلى حلّ المشكلات عشائرياً". يضيف الصوفي أنّ "وضع قانون مفصّل حول العنف سوف يكون إيجابياً في اتجاه حماية الأفراد من العنف الأسري، لكنّ المشكلة تتمثّل بكيفيّة كسر الأعراف والتقاليد التي تمنح صلاحيات مطلقة لأولياء الأمور بضرب أبنائهم أو الزوج بضرب زوجته، بالإضافة إلى التحدّي الاجتماعي المتعلق بتقديم شكوى قضائية ضدّ الزوج أو الأب أو الأم كون هذا الأمر مخالفاً للأعراف والأخلاقيات الاجتماعية في العراق".