البحر أهوال وأهوال.. لكن ما من نازلة زحزحت إيمان العم عثمان بأنّ "الخالق رازق". اعتاد النزول إلى البحر كلّ مرة ليعود بعد أيام بما جاد به النصيب من خير البحر وحكاياته. من ذلك، يجزم بإمساكه سمكة واحدة ثلاث مرات، وإعادتها في كلّ مرة إما لصغر حجمها، كما يفعل الصيادون الحقيقيون، أو لأنّها من الأنواع النادرة. هو يدرك كما علمه أسلافه أنّ من الخطأ اصطياد النادر من الأنواع. اليوم، يكاد يكفر بما تعلمه ومارسه لعقود من الزمن، فها قد دخل البحر من لا يؤمن بديمومة هذا المورد.. هؤلاء الأجانب ومراكبهم الضخمة، ووسائل صيدهم التي لا تُبقي على صغير أو كبير، ولا تفرق بين الوافر والنادر. بل قد يتعدى صيدهم الأسماك إلى ثروات ظل الأسلاف يحذرونه من المساس بها... فالشعاب المرجانية كما حدثوه ثروة لا تقدر بثمن، وكذلك أنواع محددة من الحيوانات البرية.
وسط غياب الرقابة على المسطحات المائية، تنتشر ظاهرة الصيد الجائر لجميع أنواع الكائنات البحرية، خصوصاً النادرة. امتدت يد الصيادين وأدواتهم وآلياتهم إلى الشعاب المرجانية بما يؤثر على حركة السياحة والدراسات، ضاربين بعرض الحائط ما يوقعون عليه لحظة منحهم تراخيص الصيد من تحذيرات. هذه الظاهرة تسببت في انقراض كثير من الكائنات الحية البحرية، حتى داخل المحميات الطبيعية. وقد ثبت أنّ بعض الصيادين يستخدمون وسائل صيد غير مشروعة مثل الديناميت أو القنابل المتفجرة والشباك الكهربائية، الأمر الذي أسفر عن مجازر للأسماك والأحياء المائية المتواجدة في نطاق الانفجار. كلّ هذا من أجل الحصول على الصيد بسهولة ويسر، وبكميات كبيرة من أجل الاستخدام التجاري.
رأى العم عثمان في ظاهرة الصيادين الأجانب تعدياً سافراً على مقدسات البلاد، قبل أن تكون تعدياً على مملكته البحرية التي صانها فصانته صبياً وكهلاً. حمل شكوى إلى دوائر المسؤولين، لكنّه اصطدم بحجة عدم توفر الدليل المادي. ذهب مرات عديدة على أمل أن يجد عند المسؤول التالي إنصافاً حتى أوقف أخيراً بتهمة إزعاج السلطات من دون دليل.
بعدها، عزم على أن يأتيهم بالدليل. وبالفعل أفلح في التقاط بعض الأسماك النادرة الميتة التي حملها الموج بعيداً عن انفجار، بعدما كان ينتظر على مسافة قريبة من قوارب الصيد الضخمة. لكن ما إن تأكد المسؤول من ندرة نوع الأسماك حتى وجه أصبع الاتهام إلى العم عثمان بوصفه يحمل دليل اتهامه هو شخصياً بنفسه.
هكذا أضيفت إلى تهمة إزعاج السلطات، تهمة صيد نوع نادر من الأحياء البحرية يحرم القانون صيده.
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: بورتسودان النظيفة في برّها وبحرها
وسط غياب الرقابة على المسطحات المائية، تنتشر ظاهرة الصيد الجائر لجميع أنواع الكائنات البحرية، خصوصاً النادرة. امتدت يد الصيادين وأدواتهم وآلياتهم إلى الشعاب المرجانية بما يؤثر على حركة السياحة والدراسات، ضاربين بعرض الحائط ما يوقعون عليه لحظة منحهم تراخيص الصيد من تحذيرات. هذه الظاهرة تسببت في انقراض كثير من الكائنات الحية البحرية، حتى داخل المحميات الطبيعية. وقد ثبت أنّ بعض الصيادين يستخدمون وسائل صيد غير مشروعة مثل الديناميت أو القنابل المتفجرة والشباك الكهربائية، الأمر الذي أسفر عن مجازر للأسماك والأحياء المائية المتواجدة في نطاق الانفجار. كلّ هذا من أجل الحصول على الصيد بسهولة ويسر، وبكميات كبيرة من أجل الاستخدام التجاري.
رأى العم عثمان في ظاهرة الصيادين الأجانب تعدياً سافراً على مقدسات البلاد، قبل أن تكون تعدياً على مملكته البحرية التي صانها فصانته صبياً وكهلاً. حمل شكوى إلى دوائر المسؤولين، لكنّه اصطدم بحجة عدم توفر الدليل المادي. ذهب مرات عديدة على أمل أن يجد عند المسؤول التالي إنصافاً حتى أوقف أخيراً بتهمة إزعاج السلطات من دون دليل.
بعدها، عزم على أن يأتيهم بالدليل. وبالفعل أفلح في التقاط بعض الأسماك النادرة الميتة التي حملها الموج بعيداً عن انفجار، بعدما كان ينتظر على مسافة قريبة من قوارب الصيد الضخمة. لكن ما إن تأكد المسؤول من ندرة نوع الأسماك حتى وجه أصبع الاتهام إلى العم عثمان بوصفه يحمل دليل اتهامه هو شخصياً بنفسه.
هكذا أضيفت إلى تهمة إزعاج السلطات، تهمة صيد نوع نادر من الأحياء البحرية يحرم القانون صيده.
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: بورتسودان النظيفة في برّها وبحرها