عيد الفطر في السودان...إفطار جماعي وزيارات وفتّة عن روح الفقيد
نكهة خاصة تميّز عيد الفطر في السودان عن بقية الدول المسلمة، بدءأ من طقوس وقفة العيد، وليلة العيد، وفطور الصباح الذي يليها، إذ يحرص السودانيون على الإفطار معا في الأحياء والشوارع العامة صبيحة يوم العيد، فضلا عن تقديم التهاني والتبريكات لبعضهم بعضا في مجموعات تعج بهم الطرقات.
فعند "وقفة العيد"، ومع آخر يوم جمعة في رمضان يحرص السودانيون على إقامة ما يعرف محليا ب"الرحمتات"، إذ يعمد كل من فقد عزيز حتى لو مرّ على فقده عشرات السنين، يحرص على إعداد وجبة الفتّة وهي من أصناف الشوربة التي تطبخ باللحمة، وتوضع على قطع خبز صغيرة ويضاف لها الأرز بعد طهيها". وتقدم الفتّة للأطفال يوم الوقفة، أو عند آخر جمعة في رمضان، فضلا عن تقديمها للفقراء والمساكين عن روح الفقيد.
ويطوف الأطفال في يوم الوقفة في حيّهم، ويرددون أغانٍ محددة بصوت عالٍ، ويضربون على آلات تقليدية، وتحث تلك الأغاني أهل الفقيد على تقديم "الرحمتات" لهم.
وتنتشر تلك الظاهرة في أحياء الخرطوم الشعبية، لكن العادة يزيد انتشارها في الريف. وإن بدأت عادة تجوال الأطفال في الأحياء بالخبط والزمر تختفي تدريجيا، إلا أن الأهالي يرسلون الفتّة التي يعدونها للمساكين أو المشردين.
ويأخذ الاحتفال في صبيحة أول أيام العيد شكلا مختلفا، ويحتفي السودانيون ويلتقون معا بمختلف طبقاتهم، يرتدون الزي القومي، الجلابية للرجال، والثوب السوداني للنساء، كذلك يلبس الأطفال ثياب العيد التقليدية، ويغلب على الأزياء اللون الأبيض، للدلالة على أنه يوم يتصافى المتخاصمون وينهون القطيعة. فالعيد عند السودانيين مناسبة للتسامح والتراحم وصلة الأرحام.
يتبادل السودانيون الزيارات في صبيحة العيد، وتظل أبواب المنازل مشرعة لاستقبال الزوار. ففي العيد تطلى المنازل ويجدد الأثاث وتفرش الملايات الجديدة، وتكون الحلوى والخبائز بانتظار الزائرين.
وعند العاشرة صباحا، تفرش البروش أي "سجاد من البلاستيك"، ويتوافد سكان الحي الواحد كلّ يحمل ما لذّ وطاب من الطعام للإفطار المشترك. ويغلب على إفطار العيد السمك المقلي والعصيدة مع "الويكة"، وهي أكلة شعبية تطهى بالبامية المجففة المطحونة مع اللحمة المفرومة والصلصة والبصل والبهارات. وتوضع العصيدة المكونة من دقيق الذرة المخمر في أوانٍ دائرية، والويكة على حوافها.
وبعد زيارات الجيران في الحي تبدأ زيارات الأقارب الأهالي، فالعيد فرصة سانحة لصلة الرحم لأن ظروف الحياة الاقتصادية تبقي غالبية الأسر السودانية منغمسة في العمل.
ويحرص السودانيون في أيام العيد على التنزه في الساحات العامة والحدائق، وتنظيم الرحلات العائلية عند النيل. وتكون الحفلات فرصة للقاء الشبان والشابات، والتعارف، والتي يؤدي بعضها إلى الزواج.
لكن أغلبية السودانيين يكتفون بمعايدة الأهل والجيران، بعضهم بسبب الظروف المادية، وبعضهم الآخر طمعا بالفوز بأكبر قدر من الراحة قبل العودة لدوام العمل المرهق من جديد.
ويحرص معظم المغتربين السودانيين لاسيما في دول الخليج على قضاء العيد مع أهاليهم في البلاد، ويوقتّون إجازاتهم السنوية مع العيد. وتكثر في عيد الفطر حفلات الزواج في السودان، التي تتزامن مع إجازات المغتربين.
تقول رانيا أحمد (26 عاما) أنها تحرص في العيد دائما على لقاء صديقاتها من أيام الدراسة، يتجمعن في إحدى الحدائق العامة لتبادل الأخبار واسترجاع الذكريات، مشيرة إلى أن أيام العيد تحفل بتبادل الزيارات مع الأهل والجيران.
أما محمد كامل (19 عاما) فيؤكد أنه يتفق مع أصدقائه على برنامج العيد، وتتضمن السينما وحضور حفلات، فضلا عن الخروج في رحلة نيلية مع العائلة.
المساهمون
المزيد في مجتمع