بين خلاف واختلاف علماء الدين وتباين التوجهات في المجتمع السعودي حول الغناء والموسيقى، يبدو أن المملكة تعيش تخبطاً واضحاً؛ فهناك صراع مضى عليه أكثر من 55 عاماً، بين شيوخٍ بعضهم يحلل الغناء ويقول إنّه لا ضرر في ذلك، وآخرين يفتون بعدم جواز الغناء أو الموسيقى.
هذا الصراع العلني لم يوقف مجموعة من الفنانين الذين مرّوا بأوقات عصيبة عن مواصلة تجاربهم، وفرض أسمائهم في الساحة الفنية. وتذكر الوثائق مجموعة من الفنانين السعوديين الذين مهّدوا للحركة الغنائية، ومنهم عمر كدرس وطلال المداح وعبد القادر الحلواني. بعدها جاء دور "توحة"، فتحية حسن، والتي اعتبِرَت أول مغنية وملحنة سعودية، قدمت أعمالاً غنائية ما زالت رائجة حتى اليوم من التراث السعودي الخليجي. ويُقال إن الفن أو الغناء في السعودية مر بأربع مراحل أوصلته إلى ما هو عليه اليوم، وبنت قاعدة فنية لبعض الوجوه الذين تمتعوا بموهبة جيدة، وزادوا من حضور الأغنية. لكن المرحلة الأخيرة، في بداية القرن الحالي، كرست سعة انتشار وظهور الفن السعودي والخليجي عموماً عبر الفضائيات التي سيطرت وقتها على المشهد الإعلامي وتحكمت في الغناء في العالم العربي.
كان إلغاء فقرة الفنانة المصريّة شيرين عبد الوهاب، في حفل سيقام في السعودية نهاية الشهر الحالي، خبراً متوقعاً من قبل بعض السلطات النافذة في المملكة، والتي عزت الأسباب الكامنة وراء قرار الإلغاء، إلى عدم تقديم التصاريح الرسميَّة الواجبة لاستصدار تراخيص خاصة بالحفل. تبرير غير واضح، يفتح باب التفسيرات، خصوصاً أنَّه لا يزال هناك متسع من الوقت لاستصدار التراخيص الرسمية، طالما أنّ الحفلة رعائيّة خيريّة، وتعود لمؤسسة "سند" التي تُعنى بالأطفال المصابين بمرض السرطان، على أن تُغني شيرين في الصالة المُخصصة للنساء التي تضم الفعالية نفسها.
انتقادات كثيرة طاولت هذا الحفل الملغى لجهة ارتفاع أسعار البطاقات التي وصلت إلى 2500 دولار أميركي، إضافة إلى انتقادات من هيئات دينية ترى أن في ذلك "بدعة" من غير المقبول نشرها داخل المملكة.
وقد شهدت الأشهرُ الأخيرة تطورات وانفتاحاً فنيّاً داخل المملكة، بعد القرار التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، والحديث عن تشييد وافتتاح دور للسينما داخل المملكة في السنوات القليلة المقبلة، وعرض التلفزيون السعودي حفلا مصورا للسيدة أم كلثوم.
غير أن تأثير ذلك بقي ضعيفاً، ولم تُسفر الجهود التي شجعت على مثل هذه الفعاليات والنشاطات في كسب المزيد. وها هي شيرين عبد الوهاب تدفع ثمن هذا التباين في الآراء بين إمكانية الانفتاح و"الالتزام بالعادات والتقاليد".
اقــرأ أيضاً
الهيئة العامة للترفيه قامت منذ تأسيسها، وهي كيان جديد في المملكة، بتنظيم نحو 70 مناسبة منذ إنشائها في العام الماضي. لكن أغلبها كانت في أماكن صغيرة شبه عامة، ووسط حراسة، مع حذر المسؤولين من معارضة ذوي التوجهات الدينية المحافظة.
فالماضي القريب يحمل مجموعة من الوقائع المُتشابهة مع قرار تعليق حفل شيرين عبد الوهاب. إذْ على الرغم من الانفتاح الذي تدعيه المملكة العربية السعودية، فإنها لم تستطع إقامة حفل فنّي، إلا من خلال "استثناءات" حصلت في آخر خمس سنوات، ولأسباب تتقاطع مع مصالح سياسية، تماماً كما حصل حين أحيا المغني الأميركي توبي كيث، حفلاً موسيقياً في مدينة الرياض، تزامناً مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية، في أيار/مايو الماضي.
وشارك في الحفل المجاني الذي اقتصر حضوره على الرجال فقط، يومها، الفنان السعودي رابح صقر، وفق الصحافة السعودية.
وتضمن برنامج عمل المغني توبي كيث، بعض الأغاني التي تتضمن أمورًا يحرّمها الإسلام مثل "فتاة الويسكي"، و"أنا أشرب البيرة".
وبحسب الإعلام السعودي، يومها، فإن ذلك أتى في إطار عدد من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية التي تشهدها العاصمة، مواكبة لزيارة الرئيس الأميركي.
بداية السنة الحالية، قضى السعوديون ست ساعات يستمعون لغناء مواطنهم الفنان محمد عبده، الذي عاد للغناء بعد سبع سنوات من انقطاع الحفلات داخل المملكة. حفل محمد عبده الذي أقيم في مدينة جدة الساحلية، شارك فيه نحو ثمانية آلاف رجل، في إنشاد أغانٍ عاطفية، في أول حفل غنائي بهذا الحجم في المملكة.
هذه السهرة، كانت بمثابة عودة قوية لمغنٍ سعودي يشتاق إليه الجمهور. محمد عبده الملقب بـ"فنان العرب"، والذي قدم حفلات في الخارج على مدى أكثر من عشر سنوات، كان أغلب حضورها من السعوديين، لم يتمكن من الظهور على المسرح في السعودية، وشاركه يومها المغني السعودي رابح صقر، وزميله العراقي ماجد المهندس، الذي يحمل الجنسية السعودية.
ورغم ذلك لم تسقط كل الحواجز، وفرضت التدابير الأمنية الخاصة، ولم يُسمَح بدخول أي شخص لا يحمل دعوة، أو بطاقة خاصة للحفل، ومُنع دخول النساء. بعد ذلك بيومين فقط، أقيم عرض لموسيقى الجاز في مركز الملك فهد الثقافي بالعاصمة الرياض التي لم تشهد حفلاً عاماً منذ 25 عاماً، وقيل إن جميع التذاكر نفدت من الأسواق والتي بلغ عددها حوالي 3300.
هذا الصراع العلني لم يوقف مجموعة من الفنانين الذين مرّوا بأوقات عصيبة عن مواصلة تجاربهم، وفرض أسمائهم في الساحة الفنية. وتذكر الوثائق مجموعة من الفنانين السعوديين الذين مهّدوا للحركة الغنائية، ومنهم عمر كدرس وطلال المداح وعبد القادر الحلواني. بعدها جاء دور "توحة"، فتحية حسن، والتي اعتبِرَت أول مغنية وملحنة سعودية، قدمت أعمالاً غنائية ما زالت رائجة حتى اليوم من التراث السعودي الخليجي. ويُقال إن الفن أو الغناء في السعودية مر بأربع مراحل أوصلته إلى ما هو عليه اليوم، وبنت قاعدة فنية لبعض الوجوه الذين تمتعوا بموهبة جيدة، وزادوا من حضور الأغنية. لكن المرحلة الأخيرة، في بداية القرن الحالي، كرست سعة انتشار وظهور الفن السعودي والخليجي عموماً عبر الفضائيات التي سيطرت وقتها على المشهد الإعلامي وتحكمت في الغناء في العالم العربي.
كان إلغاء فقرة الفنانة المصريّة شيرين عبد الوهاب، في حفل سيقام في السعودية نهاية الشهر الحالي، خبراً متوقعاً من قبل بعض السلطات النافذة في المملكة، والتي عزت الأسباب الكامنة وراء قرار الإلغاء، إلى عدم تقديم التصاريح الرسميَّة الواجبة لاستصدار تراخيص خاصة بالحفل. تبرير غير واضح، يفتح باب التفسيرات، خصوصاً أنَّه لا يزال هناك متسع من الوقت لاستصدار التراخيص الرسمية، طالما أنّ الحفلة رعائيّة خيريّة، وتعود لمؤسسة "سند" التي تُعنى بالأطفال المصابين بمرض السرطان، على أن تُغني شيرين في الصالة المُخصصة للنساء التي تضم الفعالية نفسها.
انتقادات كثيرة طاولت هذا الحفل الملغى لجهة ارتفاع أسعار البطاقات التي وصلت إلى 2500 دولار أميركي، إضافة إلى انتقادات من هيئات دينية ترى أن في ذلك "بدعة" من غير المقبول نشرها داخل المملكة.
وقد شهدت الأشهرُ الأخيرة تطورات وانفتاحاً فنيّاً داخل المملكة، بعد القرار التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، والحديث عن تشييد وافتتاح دور للسينما داخل المملكة في السنوات القليلة المقبلة، وعرض التلفزيون السعودي حفلا مصورا للسيدة أم كلثوم.
غير أن تأثير ذلك بقي ضعيفاً، ولم تُسفر الجهود التي شجعت على مثل هذه الفعاليات والنشاطات في كسب المزيد. وها هي شيرين عبد الوهاب تدفع ثمن هذا التباين في الآراء بين إمكانية الانفتاح و"الالتزام بالعادات والتقاليد".
الهيئة العامة للترفيه قامت منذ تأسيسها، وهي كيان جديد في المملكة، بتنظيم نحو 70 مناسبة منذ إنشائها في العام الماضي. لكن أغلبها كانت في أماكن صغيرة شبه عامة، ووسط حراسة، مع حذر المسؤولين من معارضة ذوي التوجهات الدينية المحافظة.
فالماضي القريب يحمل مجموعة من الوقائع المُتشابهة مع قرار تعليق حفل شيرين عبد الوهاب. إذْ على الرغم من الانفتاح الذي تدعيه المملكة العربية السعودية، فإنها لم تستطع إقامة حفل فنّي، إلا من خلال "استثناءات" حصلت في آخر خمس سنوات، ولأسباب تتقاطع مع مصالح سياسية، تماماً كما حصل حين أحيا المغني الأميركي توبي كيث، حفلاً موسيقياً في مدينة الرياض، تزامناً مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية، في أيار/مايو الماضي.
وشارك في الحفل المجاني الذي اقتصر حضوره على الرجال فقط، يومها، الفنان السعودي رابح صقر، وفق الصحافة السعودية.
وتضمن برنامج عمل المغني توبي كيث، بعض الأغاني التي تتضمن أمورًا يحرّمها الإسلام مثل "فتاة الويسكي"، و"أنا أشرب البيرة".
وبحسب الإعلام السعودي، يومها، فإن ذلك أتى في إطار عدد من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية التي تشهدها العاصمة، مواكبة لزيارة الرئيس الأميركي.
بداية السنة الحالية، قضى السعوديون ست ساعات يستمعون لغناء مواطنهم الفنان محمد عبده، الذي عاد للغناء بعد سبع سنوات من انقطاع الحفلات داخل المملكة. حفل محمد عبده الذي أقيم في مدينة جدة الساحلية، شارك فيه نحو ثمانية آلاف رجل، في إنشاد أغانٍ عاطفية، في أول حفل غنائي بهذا الحجم في المملكة.
هذه السهرة، كانت بمثابة عودة قوية لمغنٍ سعودي يشتاق إليه الجمهور. محمد عبده الملقب بـ"فنان العرب"، والذي قدم حفلات في الخارج على مدى أكثر من عشر سنوات، كان أغلب حضورها من السعوديين، لم يتمكن من الظهور على المسرح في السعودية، وشاركه يومها المغني السعودي رابح صقر، وزميله العراقي ماجد المهندس، الذي يحمل الجنسية السعودية.
ورغم ذلك لم تسقط كل الحواجز، وفرضت التدابير الأمنية الخاصة، ولم يُسمَح بدخول أي شخص لا يحمل دعوة، أو بطاقة خاصة للحفل، ومُنع دخول النساء. بعد ذلك بيومين فقط، أقيم عرض لموسيقى الجاز في مركز الملك فهد الثقافي بالعاصمة الرياض التي لم تشهد حفلاً عاماً منذ 25 عاماً، وقيل إن جميع التذاكر نفدت من الأسواق والتي بلغ عددها حوالي 3300.