وباتت القوات العراقية على مشارف مركز المدينة القديمة، ولا يفصلها سوى 400 متر تقريباً عن جامع النوري الكبير ومنارة الحدباء التاريخية، وذلك بعد تمكن قوات الشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب من تحقيق مزيد من التقدم في المعارك ضد عناصر تنظيم "داعش" خلال اليومين الماضيين.
وأحرزت قوات مكافحة الإرهاب تقدمًا متسارعًا وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل، بسيطرتها على أجزاء واسعة من حيّي المطاحن واليرموك المحاذيين لمركز المدينة القديمة، بعد هجومها الذي شنته من محورين منذ عدة أيام، وذلك بحسب قائد العمليات الخاصة الثانية، اللواء معن السعدي.
بموازاة ذلك، عززت قوات الشرطة الاتحادية من مواقعها في المناطق السكنية الصغيرة ضمن منطقة الموصل القديمة، حيث أكد النقيب بسام حميد من قوات الشرطة الاتحادية، لـ"العربي الجديد"، وصول تعزيزات عسكرية للشرطة الاتحادية قادمة من العاصمة بغداد لدعم العمليات العسكرية التي تشنها قوات الشرطة وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل.
ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن "أوامر من القيادة العسكرية العليا ستصدر خلال الساعات القليلة المقبلة بالتحرك نحو مركز منطقة الموصل القديمة من المحاور كافة، لاستعادتها من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وأضافت المصادر أن "القوات العراقية أتمت كافة الاستعدادات لاقتحام مركز المدينة القديمة، وفق خطة جديدة جرت مناقشتها يوم أمس بحضور قادة القوات العراقية الأمنية المشاركين في العمليات العسكرية في الموصل"، مؤكدين "حضور ضباط أميركيين يعملون ضمن قوات التحالف الدولي الاجتماع، وقد تمت مناقشة جوانب الخطة العسكرية الجديدة من دون تحديد موعد التحرك".
وأكدت المصادر ذاتها أن الاقتحام لمنطقة الموصل القديمة قد يتم خلال الثماني والأربعين ساعة القادمة، على أمل أن تحسم القوات الأمنية العراقية معارك الساحل الأيمن قبل حلول شهر رمضان.
كما أكد شهود عيان من مدينة الموصل دخول قوات أميركية مقاتلة إلى منطقة المحطة، المجاورة لمركز المدينة القديمة، ترافقها عشرات المدرعات وناقلات الجند لدعم القوات العراقية التي تحاول اقتحام مركز المدينة خلال الأيام القادمة.
ومع استمرار المعارك في غرب الموصل، فرّ آلاف المدنيين من المناطق الغربية إلى مناطق سيطرة القوات العراقية، بعد أن أجبرهم القصف العشوائي والجوع والعطش على ترك منازلهم والفرار بحثًا عن مأوى آمن.
ونقل سكان محليون من مدينة الموصل، نزحوا مؤخرًا من مناطق العروبة والآبار، ما تعرضوا له خلال تواجدهم في منازلهم، فقد أكد أحد النازحين من غرب الموصل لـ"العربي الجديد" أنه أجبر على البقاء في قبو منزله لمدة عشرة أيام، قبل أن يتمكن من الفرار بعد دخول مجموعة من عناصر تنظيم "داعش" لمنزله، واستخدامها سطح المنزل لاستهداف القوات الأمنية التي كانت تحاول السيطرة على المنطقة.
وأضاف الشاهد ذاته: "كنت أخشى أن يتم قصف المنزل بالكامل من قبل طيران التحالف، بسبب وجود عناصر داعش فوق سطح المنزل، وندُفن في قبو المنزل كما حصل مع غيرنا من سكان الموصل".
وأعلن مصدر طبي محلي لـ"العربي الجديد أن "عددًا من المدنيين سقطوا بين قتيل وجريح، بعد قيام تنظيم داعش بقصف منطقة المهندسين شرق الموصل بقذائف الهاون". وأضاف المصدر أن "أربعة مدنيين قتلوا بقصف للقوات الأمنية العراقية استهدف منطقة الصحة غرب الموصل".
وأشار نازح آخر إلى أن "القصف العشوائي ليس هو السبب الوحيد لنزوح سكان الموصل من غرب المدينة، بل إن انعدام المياه، ونفاد الطعام في منازل سكان غرب الموصل، قد أجبرا العوائل أيضًا على النزوح بحثًا عن الطعام والشراب".
وطالب عدد من النازحين السلطات المحلية والمنظمات الإغاثية بإيصال المساعدات الإغاثية إلى سكان المناطق التي سيطرت عليها القوات الأمنية، لكي لا يضطروا للنزوح.
وقد أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، في بيان لها، أن "أعداد النازحين من مناطق غرب الموصل وصلت إلى أكثر من 350 ألف نازح، تم استقبالهم في المخيمات التي أقيمت لهم في مناطق حمام العليل والقيارة جنوب الموصل".
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت عن انطلاق معركة السيطرة على مدينة الموصل في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بمشاركة 50 ألف فرد من القوات العراقية الحكومية، مدعومين من مليشيات "الحشد الشعبي"، وبإسناد جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.