كشف تقرير حكومي، عن بدء الكويت في تحويل الأصول المملوكة للدولة شركاتٍ مساهمة خلال العام المالي المقبل، الذي يبدأ في الأول من أبريل/ نيسان، ليتم طرح 3 مشروعات في قطاعات الكهرباء والاتصالات والبريد.
وأوضح تقرير صادر عن اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الإصلاح في وزارة المالية، والذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن الأصول المقرر طرحها في المرحلة الأولى تشمل محطة الشعيبة الشمالية للكهرباء، وخطوط الهاتف الثابت، والخدمات البريدية، مشيراً إلى مواصلة الإعداد لإعلان عملية الطرح.
ولفت إلى أنه يتم تأسيس مجموعة عمل حكومية تتعلق بمشروعات الخصخصة الثلاثة، للإشراف على الإجراءات والتأكد من سلامتها وفق المعايير الحكومية الموضوعة في هذا الشأن، على أن تتبع هذه المجموعة مجلس الوزراء.
ووفق التقرير الحكومي، ستشمل المرحلة الثانية خصخصة المراكز الصحية والاتصالات الدولية والمراكز العلمية ومراكز الشباب والأندية الرياضية.
كذلك، تُجري الحكومة مشاورات حالية مع مجلس الأمة (البرلمان) لوضع برنامج الخصخصة ضمن أولويات الجلسات المقبلة لأخذ الموافقات اللازمة عليه، قبل انتهاء دور الانعقاد الجاري نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وكلف المجلس الأعلى للتخصيص التابع لمجلس الوزراء، مطلع عام 2017، أحد المكاتب الاستشارية الأجنبية بإعداد دراسة حول أثر خصخصة المرافق الحكومية والآلية المناسبة لتنفيذ هذه الخطوة.
ووفقاً لتقرير وزارة المالية حول الخصخصة، لا يمكن لأي دولة أياً كانت أن تنغلق على ذاتها وتنشئ لها اقتصاداً مغلقاً، "لثبات فشل هذا النظام وعدم جديته".
وذكر أن "الدولة القوية هي القادرة على حماية التعاقدات وضمان الالتزامات، والتي تستطيع أن تنفذ الإصلاح المتكامل لتهيئة الظروف المناسبة، مع الأخذ في الحسبان مبدأ الحيطة والحذر منعاً للاحتكار وهروب المدخرات".
وتأتي الخطوات الكويتية لخصخصة بعض الأصول الحكومية، في إطار تعزيز تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط الذي تعتمد عليه إيرادات الدولة في شكل شبه كامل، وهو ما يلقى تأييداً من صندوق النقد الدولي.
وكان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، ستيفان روديه، قال في ورقة بعنوان "أسئلة أساسية عن الكويت"، نُشرت على الموقع الإلكتروني لصندوق النقد في 18 يناير/ كانون الثاني 2017: "حتى يتسنى إعطاء دفعة للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل للكويتيين، يتعين إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص وزيادة تنوع النشاط الاقتصادي".
وأضاف روديه أن "زيادة استخدام الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص، ستساعد في رفع الإنتاجية، وزيادة استثمارات القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، وينبغي أن يقترن ذلك مع تقدم أكبر في تحسين بيئة الأعمال، وهو ما يشمل إصلاحات لتيسير الحصول على الأراضي والتمويل، وتخفيف عبء الإجراءات الإدارية واللوائح التنظيمية المرهقة، وتشجيع المنافسة، وزيادة قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الحصول على التمويل".
وتابع أن "إصلاحات سوق العمل وجهود تنمية دور القطاع الخاص، تمثل عنصراً مهماً من عناصر الإصلاح الذي يدعمه الصندوق".
ويرى مدير إدارة الأصول في شركة الشرق للاستثمار، يحيى كمشاد، أن الخصخصة ستعود بالمنفعة على القطاعين العام والخاص، في ظل خطة التنمية، لنقل الكويت من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج يتم تحريكه بواسطة القطاع الخاص.
وقال كمشاد في تصريح لـ"العربي الجديد": "أتوقع أن يكون للخصخصة دوراً بارزاً في دعم المشاركة الإيجابية في خطة التنمية، التي هي بحاجة ملحة إلى مثل هذا الإجراء في الوقت الراهن، لتعزيز إيرادات الدولة".
وكانت الكويت قد أعلنت، اعتزامها طرح 4 شركات نفطية تابعة لمؤسسة البترول الكويتية للاكتتاب العام، وفق وزير المالية الكويتي السابق أنس الصالح، الذي أكد في تصريحات صحفية أخيراً، أن الشركات هي: "البترول الكويتية العالمية" و"ناقلات النفط" و"الكويت للاستكشافات الخارجية" و"الصناعات البتروكيماوية"، بغرض توفير مزيد من السيولة وتحسين وتطوير عمليات الشركات النفطية.
ووفق وكيل وزارة المالية خليفة حمادة، تعتزم الحكومة طرح ما بين 20% و30% من أسهم الشركات النفطية الأربع للاكتتاب، في خطوة من شأنها استقطاب مليارات الدولارات، مشيرا إلى أن هذه الخطة ستمكن المواطن والمستثمر الأجنبي من الحصول على حصة ضمن الأسهم المطروحة.
ويُجري الصندوق السيادي الكويتي حالياً مراجعة شاملة لمساهمته في العديد من الشركات المحلية، لبيع حصصه في العديد من الشركات الكبرى، فيما تسعى الحكومة إلى توفير سيولة مالية، في ظل العجز الناجم عن تراجع عائدات النفط منذ منتصف 2014، والتي تراجعت بحدّة منذ ذلك التاريخ، ليهوي سعر البرميل من 115 دولاراً إلى نحو 70 الآن.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات لخفض العجز في موازنتها، ففي الأول من أغسطس/ آب الماضي، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار الوقود نحو 80% للمرة الأولى منذ قرابة عقدين، إلى جانب تحرير أسعار الديزل والفيول ورفع أسعار المياه والكهرباء للمقيمين.
ويهدف رفع الأسعار إلى إعادة هيكلة تسعير منتجات البنزين، تماشياً مع متوسط الأسعار في دول مجلس التعاون الخليجي، ضمن خطة الحكومة الإصلاحية للتأقلم مع انخفاض الإيرادات.
وتتوقع الحكومة أن يصل العجز خلال العام المالي الحالي إلى 7.9 مليارات دينار (26 مليار دولار)، لتشارك عمليات الخصخصة بخفضه بما يعادل 1.58 مليار دينار (5.2 مليارات دولار)، وفق التقديرات الحكومية.
وكانت الاحتياطيات المالية الكبيرة ومستوى المديونية المنخفض، ساعدت الكويت في احتواء أثر انخفاض النفط، ومنحتها حيزاً للحركة من أجل تنفيذ الضبط المالي المطلوب تدريجاً، وفق تقرير رئيس بعثة صندوق النقد ستيفان روديه. وتشير تقارير رسمية إلى أن احتياطي الكويت يقدر حالياً بنحو 548 مليار دولار.
وتسعى الحكومة إلى تنشيط بيئة الاستثمار لتنويع مصادر الدخل. وأكدت تقارير حكومية صادرة عن وزارة التجارة والصناعة، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن الحكومة ستبدأ في تنفيذ خطة استراتيجية جديدة العام الجاري لتحسين بيئة الأعمال ضمن رؤيتها الاقتصادية 2035 الرامية إلى جعل البلد الغني بالنفط مركزاً تجارياً ومالياً عالمياً.