أظهر تقرير حكومي بالكويت اطلعت عليه "العربي الجديد"، أن منظومة تطبيق الضرائب بنوعيها المضافة والانتقائية جاهزة للتطبيق لدى وزارة المالية، نافيا ما يروجه البعض من أن الكويت ليس لديها أي توجه أو منظومة لتطبيق الضرائب.
وأشار التقرير إلى أن ما يعطل تطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، هو الموافقة البرلمانية، لكنه توقع الحصول عليها خلال دورة الانعقاد المقبلة التي ستبدأ في مارس/ آذار المقبل، وذلك للضريبة الانتقائية كمرحلة أولى، خاصة بعدما تأخر تطبيقها الذي كان مقرراً مطلع العام الماضي 2018.
ولفت التقرير الذي أعدته إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لوزارة المالية، إلى أن الكويت ستطبق الضريبة الانتقائية بحد أقصى مطلع 2020 أولا، ثم ستطبق القيمة المضافة وفقاً لمرحلتين، ستكون الأولى خلال عام 2021 بتطبيقها على عدد من السلع الاستهلاكية، ومن ثم تعميمها في 2022 على جميع السلع والخدمات التي تشملها.
وكان وزير المالية نايف الحجرف، قد قال في وقت سابق من فبراير/شباط الجاري، إنه في حال وجود قانون ينظم الضريبة في الكويت فسيكون حاله كحال جميع القوانين لا يقر إلا بعد تقديمه لمجلس الأمة (البرلمان) ووفق الأطر التي نص عليها الدستور.
وتواجه ضريبة القيمة المضافة معارضة شديدة من مجلس الأمة الكويتي، ما أدى إلى وجود تباطؤ حكومي في تطبيقها، فعلى الرغم من التزام الكويت باتفاقية وقعتها مع مجلس التعاون الخليجي لتطبيق الضريبة بنسبة 5% على سلع وخدمات محددة مطلع عام 2018، إلا أنه لا يمكن إقرارها دون تصديق مجلس الأمة عليها.
وأظهر التقرير أن تأخر الكويت أو عدم تطبيقها لضريبة القيمة المضافة يفوّت على خزينة الدولة إيرادات سنوية تتجاوز 2.3 مليار دولار، فيما ترى وزارة المالية أن تطبيق الضريبة في عام 2021، لم يعد خياراً بل بات أمراً حتمياً، كونه إحدى آليات الإصلاح المالي المطلوب الإسراع بها، حتى لا يُستنزف الاحتياطي المالي للدولة في سد عجز الميزانية.
وفي هذا السياق، قال الشريك الإداري في شركة "رنست آند يونغ – الكويت" وليد العصيمي، لـ"العربي الجديد"، إن الإمارات والسعودية شرعتا في تطبيق القيمة المضافة اعتبارا من مطلع 2018، بينما لم تلتزم الكويت بتاريخ رسمي لتطبيقها.
وأضاف العصيمي أن لجوء الكويت إلى تطبيق النظام الضريبي لم يعد خياراً، بل بات أمراً حتمياً يجب اللجوء إليه كإحدى آليات الإصلاح المالي المطلوب الإسراع بها، من أجل تنويع مصادر الإيراد في الموازنة العامة للدولة، في ظل اهتزازات أسعار النفط التي لا يمكن التحكم بها.
ويطمئن العصيمي المستهلكين في حال تطبيق ضريبة القيمة المضافة في البلاد، قائلاً: "أثر تطبيق القيمة المضافة سيكون محدوداً على المستهلكين، إذ إن معدل الربط الضريبي في القيمة المضافة هو 5%، تُعفى منها ضروريات وأساسيات الحياة اليومية، وهي الأمور التي تحد من أثر الضريبة، خصوصاً على محدودي الدخل".
وأكد أن فوائد تطبيق الضريبة لا تقتصر فقط على ما ستحصله الدولة من إيرادات، ولكنها ستدفع نحو نموذج اقتصادي جديد للكويت، يساهم في الحفاظ على استدامة المالية العامة، ناهيك عن تمويل متحصلات الضريبة للخدمات التي تمولها الحكومة، ما سيرفع من مستوى جودتها.
وشهدت الكويت، يوم الإثنين الماضي، المؤتمر السنوي للمستجدات الضريبية في الدولة، الذي نظمته شركة "أرنست آند يونغ"، فيما دعا العصيمي، خلال كلمة له، الشركات الكويتية إلى ضرورة الاستعداد لتطبيق القوانين الضريبية المستقبلية عبر تهيئة البنية التحتية الضريبية وتجهيز الأنظمة المحاسبية، التي تؤهلها لمواجهة التغيرات.
وقال العصيمي إن الأوضاع الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة تتطلب الحاجة إلى تنويع الموارد الاقتصادية في ظل انخفاض أسعار النفط والتغيرات التنظيمية ذات التأثير على الأنشطة التجارية في الكويت.
من جانبه، قال عضو مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية الكويتية (مستقلة)، وليد الجمعان، لـ"العربي الجديد"، إن الكويت لم تتعاف بشكل كامل من صدمة أسعار النفط التي حدثت في عام 2014، وإن عودة الأسعار التي تشكل أكثر من 90% من ميزانية البلاد إلى سابق عهدها بالمستقبل القريب غير متوقعة بشكل كبير.
وأضاف الجمعان: "بسبب تراجع العائدات النفطية ينخفض العجز المالي في ميزانية الكويت ببطء شديد، لذلك أصبح من الضروري التركيز على تنويع مصادر الإيرادات بالتحول إلى الاقتصاد غير النفطي، وأيضا بتطبيق الضرائب التي لا تضر المواطنين والمستهلكين بشكل كبير، وكلها تعود بالنفع والإيجابية على ميزانية الدولة، كتطبيق القيمة المضافة والضريبة الانتقائية".
في المقابل، قال عضو مجلس الأمة وعضو اللجنة المالية البرلمانية مبارك الحريص، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يمكن الموافقة على إقرار تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الكويت حاليا في ظل المعاناة المعيشية والغلاء الذي يعاني منه المواطنون الكويتيون.
وأضاف الحريص: "لن نقبل بتحميل جيوب المواطنين كلفة سد عجز ميزانية الدولة، وفشل الجهات الحكومية في تطبيق الإصلاح المالي والاقتصادي في البلاد، فقد مضت نحو 4 سنوات على انخفاض أسعار النفط وظهور العجز في ميزانية الكويت، وإلى الآن لم تتحرك الحكومة بشكل جاد لتطبيق إصلاح مالي واقتصادي يحل الأزمة.
وتابع أن "الحكومة تتجه في كل مرة إلى جيب المواطن ليسد عنها ما عجزت عن إصلاحه، وقد سبق وحدث ذلك في زيادة أسعار البنزين، لذلك لن نقبل بحدوث ذلك مرة أخرى عن طريق فرض الضرائب على المواطنين".
وكشفت وزارة المالية في يناير/كانون الثاني الماضي، عن مشروع قانون الميزانية العامة للسنة المالية 2020/2019، التي تبدأ في إبريل/نيسان المقبل.
وتوقع مشروع الموازنة عجزاً بقيمة 6.11 مليارات دينار (20.1 مليار دولار) قبل استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة، و7.7 مليارات دينار (25.3 مليار دولار) بعد الاستقطاع. وحسب مؤشرات الموازنة الجديدة فقد بلغ إجمالي الإيرادات المقدرة 54 مليار دولار، والمصروفات 74 مليار دولار.
وتقدر الكويت جملة الإیرادات خلال العام المالي المقبل بنحو 16.4 ملیار دینار، منھا نحو 14.5 ملیار دینار إیرادات نفطیة، و1.86 ملیار دینار إیرادات غیر نفطیة.
وحددت وزارة المالية نقطة التعادل في الميزانية الجديدة عند 75 دولاراً لبرميل النفط قبل استقطاع احتياطي الأجيال القادمة، و85 دولاراً للبرميل بعد الاستقطاع.
وتعاني ميزانية الكويت من هيمنة الإيرادات النفطية عليها بنسبة تقترب من 90%، وفي كل عام تعلن الحكومة رغبتها في تقليص بند هذه الإيرادات وتوسيع الإيرادات غير النفطية.
وتستقطع الكويت سنوياً نسبة 10% من إيراداتها، ويتم تحويلها لصندوق الأجيال القادمة الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار التي تمثل الصندوق السيادي للبلاد.