المرأة العربية في تقرير "هيومن رايتس ووتش": حقوق ناقصة وتمييز وقمع

15 يناير 2020
احتجاز أربعة من ناشطات حقوق المرأة السعودية (فرانس برس)
+ الخط -
خلص التقرير السنوي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، الصادر اليوم الأربعاء، إلى أن المرأة العربية تعاني من مشكلات متعددة تتباين بحسب البلد الذي تعيش فيه، لكن انتقاص حقوقها والتعامل معها بأسلوب تمييزي يعد سمة مشتركة في كل المجتمعات العربية.

ورصد التقرير الحقوقي موجتين من الاعتقالات الجماعية خلال عام 2019 في السعودية، بالتزامن مع تطورات متعلقة بالنساء، شملت إلغاء القيود المفروضة على سفرهن، ومنحهن سيطرة أكبر على مسائل الأحوال المدنية، في حين ما زالت أربع مدافعات بارزات عن حقوق المرأة رهن الاحتجاز، ويواجهن محاكمات جائرة بتهم مرتبطة بانتقادهن العلني للحكومة، أو العمل الحقوقي السلمي.

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بيج: "الإصلاحات المتعلقة بالنساء السعوديات لا تمحو المضايقات والاعتقالات المتفشية للنشطاء والمفكرين السعوديين، بمن فيهم نشطاء حقوق المرأة الذين عبَّروا عن آرائهم سرا أو علانية. إذا كان لدى السعودية أي أمل في إعادة تلميع صورتها الملطخة، فعلى السلطات الإفراج فورا عن جميع المحتجزين بسبب انتقاداتهم السلمية. في مفارقة قاسية تتمتع النساء السعوديات بحريات جديدة بينما تقبع بعض من قاتلن بشدة من أجلهن وراء القضبان، أو يواجهن محاكمات جائرة بشكل سافر".

وفي الجزء المخصص لليمن في التقرير، قالت هيومن رايتس ووتش إنه كان للنزاع الدائر أثر مدمر على حياة اليمنيين العاديين، وعرّض ملايين الناس إلى خطر المجاعة، ولم يعُد هناك دخل ثابت لمئات الآلاف من الأسر، ولم يتلق أغلبية الموظفين الحكوميين رواتبهم بانتظام منذ سنوات عدة.

وأضاف التقرير أن جميع أطراف النزاع ارتكبوا جرائم اعتقال الأشخاص تعسفيا، ومن بينهم الأطفال، كما تمت ممارسة الضرب والاغتصاب والتعذيب ضدّ المهاجرين المحتجزين، وطالبي اللجوء من القرن الأفريقي، بمن فيهم النساء والأطفال.

ليبيا

وفي ليبيا، قدر تقرير مسرب للأمم المتحدة أن الصراع حول العاصمة طرابلس، أسفر عن مقتل 284 مدنيا على الأقل، ونزوح أكثر من 128 ألفا حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفي شهر يونيو/حزيران، أدت غارة جوية على مركز احتجاز مهاجرين في تاجوراء، إلى مقتل أكثر من 43 مدنيا، وفي غارة جوية في 14 أكتوبر/تشرين الأول، قُتِلت ثلاث فتيات في منزلهن في طرابلس.

ولا تزال نائبة البرلمان، سهام سرقيوة، مفقودة بعدما اختطفتها جماعة مسلحة لها صلات بقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، من منزلها في بنغازي، في يوليو/تموز الماضي، لأنها كانت تُجاهر بمعارضتها للهجوم على طرابلس، كما يُواجه عدة آلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين أوضاعا غير إنسانية في السجون التي تديرها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، والمهربين والمتاجرين، ويتعرّضون لخطر العمل القسري والضرب والاعتداء الجنسي.

مصر

وفي الشأن المصري، قالت "هيومن رايتس ووتش"، إن النشطاء والأشخاص العاديين أظهروا خلال 2019 مقاومة للقمع الحكومي الوحشي، وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تحدّت الاحتجاجات في الشوارع الحظر شبه التام لحرية التجمع، بينما اعتبرت السلطات جميع أشكال المعارضة والانتقاد إرهابا.

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك: "شدّد الرئيس السيسي خلال 2019 قبضته على السلطة، لكن تميّز العام أيضا بتصرفات شجاعة من المصريين الطامحين إلى الحرية وسيادة القانون".


وأظهرت سلطات الإمارات استخفافا خطيرا بسيادة القانون خلال 2019، مع اعتقالات تعسفية، ومحاكمات معيبة بشكل خطير، وانتهاكات واسعة ضد المحتجزين، وقالت هيومن رايتس ووتش إنه "رغم إعلان 2019 عام التسامح، عزّز حكام الإمارات قمعهم لجميع أشكال المعارضة السلمية من خلال استمرارهم في احتجاز النشطاء الذين أنهوا عقوباتهم دون أساس قانوني".
وأضاف التقرير: "تستمر قوانين الإمارات في التمييز ضد المرأة، والمثليين، ومزدوجي التوجه الجنسي، ومتغيري النوع الاجتماعي، ولا تحميهم من العنف"، وقال مايكل بيج إن "جهود الإمارات المُكلفة لإظهار نفسها كدولة محترمة على الساحة العالمية ستظل جوفاء ما لم تدعم كلماتها الفارغة وحيلها اللامعة بإصلاحات فعلية حقيقية".

موريتانيا

قال المدير التنفيذي بالإنابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إريك جولدستين: "على الرئيس الموريتاني ولد الغزواني، اتخاذ خطوات حاسمة لضمان حصول النساء والفتيات ضحايا العنف على الدعم الذي يحتجنه لعيش حياتهن، وإعطاء الأولوية للإصلاح الذي طال انتظاره للقانون الجنائي القاسي الذي ينص على عقوبة الإعدام في قضايا الزندقة، والتي تُستخدم فعليا لتكميم حرية التعبير".

وبموجب التشريعات الموريتانية الحالية، تُجرَّم جميع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، ولا يوجد قانون ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتواجه النساء والفتيات العديد من الحواجز أمام الوصول إلى العدالة، إذ تواجه النساء اللاتي يبلّغن عن تعرضهن للاغتصاب خطر المحاكمة بتهمة إقامة علاقة جنسية خارج الزواج (الزنا) إذا لم يتمكنّ من إثبات وقوع الجنس بدون تراض.

وقال التقرير إن "على الحكومة أن تكف عن المقاضاة والاحتجاز في ما يسمى بقضايا الزنا، وأن تعتمد قانونا بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي يتماشى مع المعايير الدولية، وعليها إنشاء وحدات متخصصة في النيابة العامة لمساعدة ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، وضمان وصول أكبر إلى الرعاية الطبية، وتقديم خدمات دعم مباشر للناجيات".

الأردن

رفض المشرعون الأردنيون خلال 2019، تعديلا مقترحا لقانون الأحوال الشخصية كان من شأنه رفع الحد الأدنى لسن الزواج من 15 إلى 16 سنة. وفي مايو/أيار، أقر البرلمان تعديلات على قانون العمل تُعفي أبناء الأردنيات من متطلبات الحصول على تصريح العمل، لكنّ الأردن يواصل التمييز ضد المرأة الأردنية بعدم السماح لها بمنح جنسيتها لأبنائها على قدم المساواة مع الرجل.


واستضاف الأردن أكثر من 657 ألف لاجئ سوري وأكثر من 90 ألف لاجئ من جنسيات أخرى في 2019، لكنّ السلطات لم تسمح لسوريين آخرين بدخول الأردن لطلب اللجوء منذ منتصف 2016، كما لم تسمح السلطات بإيصال المساعدات لعشرات الآلاف من السوريين في مخيم الركبان النائي على الحدود، وابتداء من يناير/كانون الثاني، منعت السلطات الأردنية مفوضية شؤون اللاجئين الأممية من تسجيل طالبي اللجوء الذين دخلوا البلاد لتلقي العلاج الطبي أو الدراسة أو العمل.

وحول قطر، قالت "هيومن رايتس ووتش" إن "العمال الوافدين، وطالبي اللجوء، وعديمي الجنسية، والنساء ظلوا عرضة للإساءة في 2019، رغم القوانين واللوائح الجديدة التي تهدف إلى حماية الحقوق بشكل أفضل".
وأضاف التقرير: "طوال العام الماضي، هددت إدارة البحث والمتابعة التابعة لوزارة الداخلية شخصَيْن بالترحيل مرارا لأسباب غامضة، رغم رغبتهما المعلنة بطلب اللجوء بموجب قانون صدر في 2018".

لبنان

أكد التقرير أن النساء اللاتي لعبن دورا رياديا في الاحتجاجات المتواصلة في لبنان، يواجهن تمييزا منهجيا بموجب القانون، كما لا يحمي قانون العمل نحو 250 ألف عاملة منزلية مهاجرة، ويتركهن عُرضة للاستغلال والإساءة، كما استخدمت القوى الأمنية القوة المفرطة ضد المحتجين، وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، ورشتهم بخراطيم المياه، وضربت بعضهم بعنف شديد. وأشار إلى قرارات متعددة زادت الضغط على اللاجئين السوريين في لبنان، بما في ذلك ترحيل الذين دخلوا بطريقة غير شرعية، وهدم مساكن اللاجئين، وملاحقة من يعملون بدون تصريح.