لم يعد تجار الملابس في سوق القريعة بالدار البيضاء، ينشغلون بترويج منتجاتهم في هذه الأيام، إذ انصرفوا عن ذلك إلى التداول حول الحملة الحكومية على الأسواق من قبل السلطات المختصة، والتي تستهدف تعقب مزيفي الماركات العالمية في المغرب.
وانخرط التجار في نقاشات طويلة في الأيام الأخيرة حول تلك الحملة، وقرروا إغلاق محلاتهم، اليوم، مع تنظيم وقفة احتجاجية، معتبرين أن هناك غموضا في تلك الحملة يؤدي إلى إلحاق الضرر بهم في ظل ركود يعانون منه في فصل الشتاء، وطالبوا بضرورة مساندتهم من أجل إنعاش الأسواق الراكدة.
سوق القريعة يحظى بشهرة كبيرة، حيث يقصده التجار من كل المدن، وتجاوزت شهرته المغرب إلى الجزائر وبلدان أفريقية أخرى، ولا يتردد المغتربون المغاربة الذين يزورون المملكة في الذهاب لهذا السوق بحثا عن ملابس مقلدة بأسعار لا تتاح لهم في البلدان التي يقيمون بها.
يعتبر التاجر رضوان الحمري، الذي حل بالسوق قادما إليه من مدينة مراكش من أجل التزود لمحله هناك بالملابس، أن استهداف السلع المغشوشة بهذا السوق، من شأنه أن ينعكس على الكثير من المحلات التجارية بمدن مغربية أخرى، على اعتبار أنه مقصد أغلب التجار بالمغرب.
ويلاحظ الحمري في حديثه لـ"العربي الجديد" أن زيارة مراقبين للسوق في الفترة الحالية، تأتي في ظل ركود تعاني منه تجارة الملابس في فصل الشتاء، واستعداد التجار لاستقبال منتجات تستجيب لانتظار الزبائن في الربيع والصيف، مشددا على أن أسواقا مثل القريعة والمدينة القديمة، لا تعرف سوى بالملابس ذات الماركات العالمية المغشوشة، في ظل عدم توفر ما يكفي من الماركات المحلية.
ومن جانبه يؤكد الخبير في قطاع النسيج، رشيد الفدائي، لـ"العربي الجديد" أن السعي لمحاصرة تجارة الملابس المغشوشة المنسوبة لماركات عالمية معروفة، من شأنه أن يؤثر على المئات من المنتجين المحليين، الذين ربطوا مصيرهم بتلك السوق التي تضم أكثر من 500 تاجر يزودون أغلب تجار الملابس في المغرب.
ويشير الفدائي إلى أن الملابس ذات الماركات المغشوشة لا تأتي فقط عبر التهريب من بلدان مثل الصين وتركيا، بل إن هناك منتجين محليين يعملون ضمن القطاع غير الرسمي، دأبوا على تلبية احتياجات التجار، الذين يطلبون ماركات يرتفع عليها الطلب من قبل الزبائن.
ويعتبر أن تلك المعامل الصغيرة التي تنتشر في الأحياء، تساهم في توفير فرص عمل مهمة، رغم عدم تصريحها بالعمال لدى صندوق الضمان الاجتماعي وعدم مساهمتها في المجهود الجبائي للدولة.
وكثفت المديرية العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، حملاتها ضد السلع المغشوشة في العام الماضي، حيث حجزت 2.23 مليون منتج مزيف، مقابل 2.25 مليون منتج مزيف في 2016، وهو ما يؤشر على سعي لمحاصرة الغش الذي تشتكي منه أغلب القطاعات.
وتأتي حملة محاربة الملابس التي تستعمل علامات مزيفة، في وقت يعاني فيه منتجوها من المنافسة الآتية من التهريب، أسوة بالمنتجات في القطاع الرسمي، الذين يعتبرون أن المنتج المحلي يغطي بالكاد ربع احتياجات السوق المحلية.
ويذهب الفدائي إلى أن منتجين في القطاع الرسمي، ينجحون في تصدير منتجاتهم، بينما لا يتمكنون، من تسويقها في السوق المحلية، التي يقدر رقم معاملاتها بحوالي 4.5 مليارات دولار، بسبب التهريب والقطاع غير الرسمي.
ويشير مهنيون إلى أن العديد من الشركات في القطاع الرسمي تحولت إلى القطاع غير الرسمي، ويلاحظ بعضهم أن الشركات بالقطاع غير الرسمي تتوفر على خبرة تمكنها من توفير منتجات مقلدة للماركات العالمية بأسعار منخفضة.
وكانت الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، أوردت في سياق دراسة، أن حوالي 500 ورشة عاملة في القطاع غير الرسمي، تنتح 3 ملايين وحدة في الشهر، بينما تنتج مصانع "زارا" العالمية ما بين 70 و100 ألف وحدة شهرياً.
وتشتكي الجمعية من التهريب الذي يشكل منافسة غير مشروعة لهم، غير أن وزير الصناعة والتجارة، دعا المنتجين المحليين في القطاع الرسمي، إلى إنجاز استثمارات من أجل توفير منتجات محلية تعوض المستورد.