31 أكتوبر 2024
المغرب.. مأزق حزب العدالة والتنمية
يعيش حزب العدالة والتنمية المغربي مأزقا حقيقيا في تدبير معظم الجدليات التي وجد نفسه في مواجهتها، بعد منعطف 2011 الذي حمله إلى رئاسة الحكومة المغربية ولايتين اثنتين. ومن ذلك أخفق في إنجاز مصالحة فكرية وسياسية بين جذوره الدعوية المعلومة وخطابه الذي يُفترض أنه قطع أشواطا بعيدة على درب الاقتراب أكثر من ديناميات المجتمع واستيعابها، على الرغم من أن بعضها قد لا يكون على وفاق مع مرجعيته الإسلامية. لا يزال الحزب غير قادر على إدارة هذا التوتر، أو على الأقل تقليصه إلى حدوده الدنيا، بما يُتيح له الانتقال إلى طور آخر في الممارسة السياسية، ينحاز أكثر لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعايش.
إخفاقُ الحزب على هذه المواجهة، والذي تؤشّر عليه هفوات دالّة تصدر، بين حين وآخر، عن بعض أعضائه، يعكس أزمة تنظيمية صامتة، يواجهها الحزب في ظل تنامي الفجوة بينه وبين قواعده التي ترى أن الحزب بدأ يفقد هويته السياسية التي يستمدها من هذه المرجعية، الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة بشأن وحدة الحزب ومستقبله على المدى البعيد.
يُدرك قادة الحزب أن جذوره الإسلامية والمحافظة التي تمثّل مصدرا أساسيا لشعبيته، خصوصا داخل الطبقة الوسطى الحضرية، أصبحت مصدر قلق بالنسبة للدولة العميقة. وفي الوقت نفسه، يدركون أن تبديد هذا القلق، بشكل أو بآخر، سيتوازى، بالضرورة، مع تراجع مضطرد في هذه الشعبية، مع ما يعنيه ذلك من تآكل رصيده لدى قاعدته الانتخابية.
وعلى الرغم من التغيير الذي حصل في قيادة الحزب مع تولي سعد الدين العثماني أمانته العامةَ، خلفا لعبد الإله بنكيران، إلا أن ذلك لا يبدو أنه ساعد الحزب على التصدّي لهذا التناقض، وإعادة إنتاجه بأقل الخسائر الممكنة. وربما يكون ذلك بسبب افتقاده نخبا وكوادر مؤهلة، او بالأحرى لا تنحدر من جناحه الدعوي ممثلا، على وجه التحديد، في حركة التوحيد والإصلاح.
في ضوء ذلك، يمكن فهم مساحةٍ لا يستهان بها، من إخفاق الحزب الإسلامي في إحداث نقلة نوعية داخل السياسة المغربية، على اعتبار أن فوزه في الانتخابات التشريعية التي أعقبت المصادقة على الوثيقة الدستورية الجديدة 2011 لم يكن انتخابيا فقط، بقدر ما فتح، أيضا، آفاقا جديدة لتجديد دينامية التحول الديمقراطي في المغرب بعد انتكاسة 2002، الأمر الذي كان يمكن للحزب أن يستثمره، جيدا، في البحث عن تنزيلٍ ديمقراطي غير مكلف لهذه الوثيقة، يتوافق مع الطبيعة المحافظة والإصلاحية للبنية السياسية المغربية.
لم يُبدِ حزب العدالة والتنمية، طوال الأعوام الثمانية المنصرمة، اكتراثا لهذا التنزيل الذي يُفترض أن يكون أحد المداخل الأساسية للانعراج بمشروع التحوّل الديمقراطي في المغرب نحو دروبٍ أكثر جديةً. وبدا أن مساحة واسعة من أدائه السياسي كانت منصبّة على التطبيع مع الدولة العميقة والقوى الاجتماعية المحافظة. ولعل تصويته على القانون ــ الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، والذي تنص بعض مقتضياته على فسح مجالاتٍ أكثر أمام اللغة الفرنسية داخل هذه المنظومة، يكشف بالملوس تخبّط الحزب، وافتقاده بوصلة فكرية وسياسية واضحة.
ظل الرهان الأساسي للحزب، خلال ولايتي بنكيران والعثماني، منصبا على تحقيق معادلة الاندماج السلس في الحقل السياسي المؤسسي من دون تكاليف كبيرة. وهي المعادلة التي يبدو أنه أخفق في تحقيقها لأسباب كثيرة، أبرزها عجزه عن حل مشكلة جناحه الدعوي الذي أصبح يمثل عبئا حقيقيا بالنسبة له، لا سيما في ما يتعلق ببناء جسور الثقة في اتجاه الفاعلين الآخرين داخل الحقل السياسي. وقد نتج من هذا الوضع افتقاد الحزب القدرة على إنتاج ديناميات سياسية جديدة تُعدّل، ولو نسبيا، منظومة إنتاج السياسات العمومية ذات الصلة بإشكالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية.
بات أداء الحزب، خصوصا بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، يتقاطع مع معظم الأحزاب السياسية التي تبدو أكثر انشغالا بإدارة رهاناتها وأولوياتها المرتبطة بالمواعيد الانتخابية المقبلة، وبالتالي بعيدةً عن تطوير السياسة المغربية وتجديد بنياتها وهياكلها.
إخفاقُ الحزب على هذه المواجهة، والذي تؤشّر عليه هفوات دالّة تصدر، بين حين وآخر، عن بعض أعضائه، يعكس أزمة تنظيمية صامتة، يواجهها الحزب في ظل تنامي الفجوة بينه وبين قواعده التي ترى أن الحزب بدأ يفقد هويته السياسية التي يستمدها من هذه المرجعية، الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة بشأن وحدة الحزب ومستقبله على المدى البعيد.
يُدرك قادة الحزب أن جذوره الإسلامية والمحافظة التي تمثّل مصدرا أساسيا لشعبيته، خصوصا داخل الطبقة الوسطى الحضرية، أصبحت مصدر قلق بالنسبة للدولة العميقة. وفي الوقت نفسه، يدركون أن تبديد هذا القلق، بشكل أو بآخر، سيتوازى، بالضرورة، مع تراجع مضطرد في هذه الشعبية، مع ما يعنيه ذلك من تآكل رصيده لدى قاعدته الانتخابية.
وعلى الرغم من التغيير الذي حصل في قيادة الحزب مع تولي سعد الدين العثماني أمانته العامةَ، خلفا لعبد الإله بنكيران، إلا أن ذلك لا يبدو أنه ساعد الحزب على التصدّي لهذا التناقض، وإعادة إنتاجه بأقل الخسائر الممكنة. وربما يكون ذلك بسبب افتقاده نخبا وكوادر مؤهلة، او بالأحرى لا تنحدر من جناحه الدعوي ممثلا، على وجه التحديد، في حركة التوحيد والإصلاح.
في ضوء ذلك، يمكن فهم مساحةٍ لا يستهان بها، من إخفاق الحزب الإسلامي في إحداث نقلة نوعية داخل السياسة المغربية، على اعتبار أن فوزه في الانتخابات التشريعية التي أعقبت المصادقة على الوثيقة الدستورية الجديدة 2011 لم يكن انتخابيا فقط، بقدر ما فتح، أيضا، آفاقا جديدة لتجديد دينامية التحول الديمقراطي في المغرب بعد انتكاسة 2002، الأمر الذي كان يمكن للحزب أن يستثمره، جيدا، في البحث عن تنزيلٍ ديمقراطي غير مكلف لهذه الوثيقة، يتوافق مع الطبيعة المحافظة والإصلاحية للبنية السياسية المغربية.
لم يُبدِ حزب العدالة والتنمية، طوال الأعوام الثمانية المنصرمة، اكتراثا لهذا التنزيل الذي يُفترض أن يكون أحد المداخل الأساسية للانعراج بمشروع التحوّل الديمقراطي في المغرب نحو دروبٍ أكثر جديةً. وبدا أن مساحة واسعة من أدائه السياسي كانت منصبّة على التطبيع مع الدولة العميقة والقوى الاجتماعية المحافظة. ولعل تصويته على القانون ــ الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، والذي تنص بعض مقتضياته على فسح مجالاتٍ أكثر أمام اللغة الفرنسية داخل هذه المنظومة، يكشف بالملوس تخبّط الحزب، وافتقاده بوصلة فكرية وسياسية واضحة.
ظل الرهان الأساسي للحزب، خلال ولايتي بنكيران والعثماني، منصبا على تحقيق معادلة الاندماج السلس في الحقل السياسي المؤسسي من دون تكاليف كبيرة. وهي المعادلة التي يبدو أنه أخفق في تحقيقها لأسباب كثيرة، أبرزها عجزه عن حل مشكلة جناحه الدعوي الذي أصبح يمثل عبئا حقيقيا بالنسبة له، لا سيما في ما يتعلق ببناء جسور الثقة في اتجاه الفاعلين الآخرين داخل الحقل السياسي. وقد نتج من هذا الوضع افتقاد الحزب القدرة على إنتاج ديناميات سياسية جديدة تُعدّل، ولو نسبيا، منظومة إنتاج السياسات العمومية ذات الصلة بإشكالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية.
بات أداء الحزب، خصوصا بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، يتقاطع مع معظم الأحزاب السياسية التي تبدو أكثر انشغالا بإدارة رهاناتها وأولوياتها المرتبطة بالمواعيد الانتخابية المقبلة، وبالتالي بعيدةً عن تطوير السياسة المغربية وتجديد بنياتها وهياكلها.