أعلنت الحكومة المغربية، عن استثمارات عمومية مهمة عبر الموازنة وتدابير يراد من ورائها إنعاش خزانة الشركات المدينة للدولة، وذلك في سياق متسم بالرغبة في دعم النمو المحدث فرص العمل.
وقال وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، أمس الثلاثاء في مؤتمر صحافي، إن الاستثمار العمومي سيصل في العام المقبل بالمغرب إلى 20.5 مليار دولار، موزعا بين استثمارات الوزارات ومؤسسات وشركات الدولة والجماعات المحلية.
وتتطلع الدولة عبر الاستثمار العمومي إلى حفز النمو الاقتصادي، المتوقع في العام الحالي في حدود 3.2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وهو مستوى قاصر عن محاصرة اتساع دائرة البطالة.
ويحوم معدل البطالة العام حولي 10 في المائة، غير أن ذلك المعدل يبلغ 26.5 في المائة بين الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط، التي تشير إلى أن البطالة تطاول أكثر الحاصلين على تعليم عال، بنسبة تصل إلى 25 في المائة.
وأفاد بنشعبون، بأن الاستثمارات التي ستنجز عبر موازنة الدولة والحسابات الخاصة بها، ستقفز إلى 8.16 مليارات دولار في العام المقبل، بزيادة بنسبة 10.9 في المائة، فيما ينتظر أن تستثمر شركات ومؤسسات الدولة 10.4 مليارات دولار، منخفضة بنسبة 9.2 في المائة.
وستوجه استثمارات تلك الشركات للطاقة والمعادن والماء والبيئة بنسبة 35 في المائة، والبنيات التحتية والنقل بنسبة 30 في المائة والسكن والزراعة بنسبة 30 في المائة.
ويرتقب أن تنجز الجماعات المحلية المنتخبة في العام المقبل، استثمارات في حدود 1.94 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 5.7 في المائة، مقارنة بالعام الحالي.
ويعتبر المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، أن الاستثمار العمومي من بين الأعلى في العالم بنسبة 33 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، إلا أن مردوديته دون المجهود المبذول من قبل الدولة.
وحث رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، عند مثوله أمس الثلاثاء أمس أمام البرلمان الحكومة على تبني نهج جديد للاستثمار العمومي يسترشد بمعايير النجاعة والمردودية والحوكمة، ويساهم في تحقيق تنمية متوازنة ومنصفة توفر فرص الشغل وتنمي الدخل.
ولاحظ جطو، عند تناول موازنة العام الماضي، أن مستوى تنفيذ نفقات الاستثمارا يبقى متواضعا، وهي استثمارات تعتمد على التحويلات من عام لآخر.
وفي سياق متسم بمحدودية إيرادات الدولة والخوف من انفلات عجز الموازنة، كشف وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، عن تجريب آلية جديدة لتمويل الاستثمارات العمومية في العام المقبل، ما سيخول تعبئة 1.26 مليار دولار.
وأوضح أن هذه العملية، التي تعتمد لأول مرة بالمغرب، يمكن أن تتم عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث قد يتعلق الأمر بشركات تأمين أو صندوق تقاعد أو مؤسسة عمومية يعهد إليها بتمويل استثمارات لفائدة الدولة.
غير أن الحكومة لا تعول فقط على الاستثمار العمومي، بل تتطلع إلى إنعاش الاستثمار الخاص، في ظل حديث رجال أعمال عن عدم وضوح الرؤية في الأشهر الأخيرة.
والتزم وزير الاقتصاد والمالية، بالتصفية الكلية لدين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم في الأعوام الأخيرة، بالنسبة للشركات الخاصة والعامة، حيث سيضخ ذلك سيولة جديدة في خزانتها.
ووصلت مستحقات تلك الشركات في ذمة الدولة إلى 40 مليار دولار، وهو ما دفع رئيس المجلس الأعلى للحسابات للدعوة إلى الوفاء بذلك الدين.
ويذهب إدريس جطو إلى أن مديونية الخزانة العامة للمملكة في العام الماضي، لا تستحضر مديونية الدولة تجاه الشركات والمؤسسات العمومية والشركات الخاصة.
وشدد على أن الديون الضريبية التي راكمتها الدولة إزاء كل من القطاعين العام والخاص بلغت حجما إجماليا وصل إلى حوالي 50 مليار درهم مع نهاية 2017، أي ما يناهز 4,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمس الثلاثاء، أن الوفاء بـ40 مليار دولار، يتم عبر المصارف، التي ستتولى سداد تلك المستحقات مكان الدولة.
وتقضي هذه الآلية بأن تتولى مصارف أداء تلك المستحقات لفائدة الشركات العمومية، على أن تصبح الدولة مدينة لتلك المصارف، وهو دين سيتم أداؤه على مدى خمسة أو عشرة أعوام عبر الموازنة بفوائد في حدود 3.5 في المائة.
وأشار بنشعبون إلى أن هذه الآلية أتاحت للدولة الوفاء بدين بـ20.5 مليار دولار لفائدة المجمع الشريف للفوسفات، الرائد العالمي في هذا القطاع.