مع اقتراب موسم الامتحانات، يعاني الطلاب من النسيان، رغم ما يبذلونه من جهد وعرق في المذاكرة والتحصيل. نحاول هنا استعراض بعض أسباب هذه المشكلة، وأفضل الطرق للمساعدة في حلها.
توتر وقلق
للنسيان أسباب كثيرة يلقي الضوء عليها الخبير التربوي عماد جابر، ويقول لـ"العربي الجديد": "النسيان مشكلة مزعجة للطلبة، ولا يمكن التغلب عليها إلا بمعرفة أسبابها، وأولها العوامل النفسية، وتتعلق بظاهرة الخوف والقلق من الامتحان، وعدم الثقة في النفس، والخوف من الرسوب، وتوقع الحصول على درجات متدنية. وكذلك وجود ضغوط نفسية على الطالب، مثل التهديدات الأسرية بمعاقبته بالضرب أو الإهانة في حال رسوبه".
كذلك، فإن وجود مشاحنات ومشاجرات أسرية داخل البيت، سبب رئيسي لضعف التحصيل والاستيعاب، وسرعة النسيان وضعف التركيز. لذلك ننصح الطلاب بالتخلص من الضغوط النفسية والتوتر، وذلك بطرق عديدة، منها ممارسة الرياضة المفضلة، والبعد عن مسببات الاكتئاب، وأماكن التوتر.
كما يوضح أنه "من الأسباب التي تصيب عقل الطالب بالشلل وتفقده القدرة على التذكر، التعامل مع الامتحان على أنه نهاية الحياة، خصوصا بالنسبة للثانوية العامة، والتي وصلت إلى حد انتحار بعض الطلبة في حال إحساسهم بالفشل أو عدم قدرتهم على الحصول على مجموع يؤهلهم للالتحاق بما يُعرف بكليات القمة. وهي ثقافة مجتمعية خاطئة، فالنجاح في الثانوية ليس هو النجاح في الحياة، وكذلك الفشل في أي مرحلة ليس نهاية العالم. فلماذا نحمّل أولادنا كل هذه الضغوط؟ علينا أن ندعمهم ونوفر لهم الظروف المناسبة ونشجعهم على الاجتهاد من دون خوف أو ترهيب".
أخطاء شائعة
بدوره، يشير محسن عبد العاطي، الخبير التربوي، إلى عدة أخطاء يرتكبها الطلاب، تتسبب في مشكلة النسيان، منها إهمال المذاكرة طوال العام، فلا يعرف عن المنهج شيئا، ولا يبدأ قراءته إلا قبل الامتحانات بأيام أو أسابيع قليلة. وبالطبع لا يمكنه تحصيل هذا الكم من الموضوعات والمعلومات في هذا الوقت القصير، خصوصا مع حالة الخوف التي تصاحبه من ضيق الوقت والخوف من الرسوب بسبب الإهمال.
ويقول "لذلك ننصح أولادنا بالمذاكرة المستمرة وعدم تأجيل عمل اليوم إلى الغد، ومراجعة المنهج الواحد ثلاث مرات على الأقل، قبل الامتحان، للتمكن من استيعاب الأفكار الرئيسية والعناصر المتشابهة.
والخطأ الثاني الذي يقع فيه الطلاب، هو عدم مذاكرة المنهج بشكل كامل، واعتماد بعض الطلاب على أسلوب انتقاء بعض الفصول أو الأجزاء من المنهج لمذاكرتها، وترك أجزاء أخرى. لذلك، نحذّر الطلاب من هذا الأسلوب، لأنه يزيد القلق والخوف لديهم، كلما تذكروا أنهم لم يطالعوا كل المنهج، وأنهم عرضة للرسوب، مما ينسيهم حتى الفصول والأجزاء التي بذلوا جهدا في استذكارها.
والخطأ الثالث، عدم تنظيم الطالب حياته ووقته بشكل عام، وعدم الحصول على الوقت الكافي من النوم، واعتماد أسلوب السهر وما يُعرف بالتطبيق خلال أيام الامتحان، مما يرهق الدماغ، ويؤثر على قدرته على الاستيعاب والتذكر.
من الأخطاء أيضا، اختيار أوقات غير نافعة للمذاكرة كالتي يشعر فيها الطالب بالإرهاق أو الرغبة في النوم، أو انشغال فكره بموضوع أو مشكلة بعيدا عن المذاكرة، فهذه الأوقات لا داعي للمذاكرة فيها، لأنها قليلة النفع.
تغذية سليمة
من جهتها، تشدد سالي فاروق، خبيرة التغذية، على أهمية التغذية السليمة والأطعمة الصحية في تنشيط وتقوية خلايا الذاكرة وزيادة قدرة الدماغ على الاستيعاب والتركيز، وعلاج النسيان لدى الطلاب. وتحذّر من الاعتماد على الوجبات السريعة غير الصحية، ولكن يجب التركيز على الوجبات المنزلية المتكاملة والتي تشمل الخضروات الطازجة والفاكهة المفيدة، مثل الموز والتفاح والأسماك، لما تحتويه من عناصر الفوسفور والزنك ومواد الليسثين والكولين، وهي مواد مهمة لعمل المخ، وكذلك الحبوب الكاملة مثل جنين القمح والبقوليات، لما تحتويه من فيتامين ب 12 الذي ثبتت فائدته في تنشيط والحفاظ على خلايا المخ. وننصح أولادنا الطلاب بتناول العنب والمكسرات والشيكولاته والسكريات، لأنها تزيد كفاءة المخ وتحسّن من الحالة المزاجية، وتعوّض ما يفقده الجسم من طاقة وتنشّط الذاكرة.