لم تنتهِ الانتخابات الرئاسية في الكونغو بسهولة، يوم الأحد الماضي، مع بروز إشكالات عدة في مراكز الاقتراع وفي فرز الأصوات، وفي إعلان النتائج. وبدا واضحاً مدى صعوبة التحدّي الديمقراطي الأول من نوعه في هذا البلد الذي يعيش إحدى أطول الحروب الأهلية في القارة الأفريقية، منذ الاستقلال عن المستعمر البلجيكي عام 1960، في سلسلة من الانقلابات والحروب الأهلية والصراعات بين الأمم المتحدة ومرتزقة فرنسيين وبلجيك. وفي آخر التطورات، واصل مسؤولون انتخابيون عملية فرز الأصوات، أمس الاثنين، في ظلّ قول المعارضة ومراقبين إن الانتخابات شهدت مخالفات عدة. وذكر مراقبون أن هناك صعوبات عدة في التصويت لاختيار خليفة للرئيس جوزيف كابيلا، الذي تنحى بعد 17 عاماً قضاها في السلطة، التصق اسمه خلالها بالعنف الأهلي المديد. ولم يتمكن كثيرون من الإدلاء بأصواتهم بسبب تفشي فيروس "إيبولا"، فضلاً عن وقوع أعمال العنف ومشاكل لوجستية. ومن بين 21 مرشحاً، يتحدى زعيما المعارضة البارزان مارتن فايولو وفيليكس تشيسيكيدي، خليفة كابيلا المفضل، وزير الداخلية السابق إيمانويل رامزاني شاداري، الذي يخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب حملة القمع التي شنها ضد الاحتجاجات التي نظمتها المعارضة اعتراضاً على تأجيل الانتخابات ثلاث مرات متتالية. وقد شابت الانتخابات أعمال عنف، أدت إلى مقتل 4 أشخاص، حسبما أعلن الرئيس السابق للجمعية الوطنية فيتال كامرهي، مدير حملة مرشح المعارضة فيليكس تشيسيكيدي، كاشفاً أن "أربعة أشخاص، بينهم شرطي وموظف يشرف على الانتخابات، قتلوا في منطقة والونغو، في محافظة جنوب كيفو". وذكرت المعارضة أنها "تتوقع فوز أحد مرشحيها اعتماداً على إحصاء أولي للأصوات"، إلا أن الائتلاف الحاكم قال إنه "واثق من فوز مرشحه بالانتخابات".
أما في كيسانغاني، فقد استمر الفرز طوال الليل ونام المراقبون على الأرض في أحد مراكز التصويت. وفي مركزي اقتراع سُجّلت نسبة مشاركة دون الـ50 في المائة من أصل 676 ناخباً مسجلاً، وحلّ فيهما مارتن فايولو بالطليعة أيضاً. وطرد مراقبون مكلفون من المرشحين من مراكز الاقتراع، حسبما ذكرت جمعية "سيموسيل"، وهي واحدة من جمعيتين كونغوليتين تراقبان الانتخابات. أما الجمعية الثانية فهي المجمّع الأسقفي الكونغولي. وتابعت الجمعية: "تعرّض بعض مراقبينا أيضاً للاعتداء والضرب وخلع ملابس النساء منهم، في مبوجي مايي في وسط البلاد". كما تمّ ترهيب المراقبين الانتخابيين في مبوجي مايي، مع اتهام حزب "الاتحاد من أجل الديمقراطية والتطور الاجتماعي" المعارض، حاكم المنطقة ألفونس نغويي كاسانجي بذلك. واتهم رئيس "الاتحاد" دنيس كالومبو، حاكم المنطقة، بمحاولة "فبركة النتائج"، فيما بدوره اتهم متحدث باسم الحاكم "ناشطي حزب الاتحاد" بمحاولة سرقة آلات التصويت.
وكانت الانتخابات قد تأجلت منذ أواخر عام 2016، ما دفع المعارضة لاتهام كابيلا بأنه يحاول البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته. ويأمل كثر أن تؤدي الانتخابات الرئاسية إلى أول انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة في البلاد منذ الاستقلال عن بلجيكا عام 1960. ومن المتوقع صدور النتائج الرسمية في 15 يناير/ كانون الثاني الحالي، على الرغم من التوقعات بإصدار النتائج الأولية قبل ذلك.
(رويترز، أسوشييتد برس، فرانس برس)