حصل "العربي الجديد" على نسخة من ملف مستندات مهمة، تعرض الآن على مكتب النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، ورئيس هيئة النيابة الإدارية، المستشار علي زرق، ورئيس الوزراء شريف إسماعيل، تكشف عن مواطن فساد داخل الهيئة القومية لضمان جودة التعليم العالي المصري، وذلك على مدار عدة سنوات وعقب توالي قيادات ومسؤولين في الهيئة ورؤساء لها.
أبرز المستندات عبارة عن التقرير المالي لمديري الهيئة، حسام الدين زكي السيد، ويحيى عبدالحميد الشاعر، وكذلك الاستقالات التي تقدم بها أعضاء بمجلس إدارة الهيئة، وفي مقدمتهما استقالة د. نادية بدراوي، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة، ورئيس الشبكة العربية لضمان الجودة في التعليم العالي، ود.حسام الدين عبدالغني الصغير، عضو مجلس إدارة الهيئة، وكذلك بلاغات ووثائق على مكتب النائب العام ورئيس هيئة النيابة الإدارية، ورئيس مجلس الوزراء.
قائمة الفساد المالي والإداري داخل الهيئة، من واقع المستندات، تبدأ بالاستيلاء على ملايين الجنيهات من مخصصات وزارة التعاون الدولي، والاستيلاء على مبالغ مالية في صورة سلف مستديمة، ورفع مرتب رئيس الهيئة من قبل شخصه إلى 65 ألف جنيه شهرياً، قبل إقرار الحد الأقصى للأجور، وبعد إقراره قرر خفض المرتب إلى 42 ألف جنيه وهو الحد الأقصى للأجور الذي قررته الحكومة.
كذلك ذكرت المستندات الرسمية أن العلاقات الخارجية للهيئة ليست على المستوى المطلوب ومنهارة، فالهيئة لا تمثل في أي اجتماعات عربية، وأصبحت سمعتها لا تليق بمكانة وريادة مصر، في هذا المجال، بالرغم من أن فلسفة إنشاء الهيئة وقانونها كانا الرائد لكل دول المنطقة، وكانت مصر المثل الذي يحتذى به في المبادرة بإنشاء الهيئات العربية، وانخفاض مستوى تقارير الاعتماد، إذ إنها دائما ما تكون أقل من المستوى المطلوب، ويوجد بها العديد من الأخطاء اللغوية.
ومن بين المخالفات أيضا شراء أتوبيس للهيئة بمبلغ 250 ألف جنيه، ولم يستخدم، ما أدى إلى هلاكه لعدم الاستخدام، والهدف من شرائه كان الحصول على العمولات فقط، وهو ذات الأمر مع شراء ماكينة فرم مستندات بمبلغ 79 ألف جنيه بمقر الهيئة بفرع شبرا، ولم يتم استغلالها والتي تلفت نتيجة سوء التخزين.
ومن بين المخالفات تعيين سائق خاص بزوجة رئيس الهيئة السابق، الدكتور مجدي قاسم، لنقلها من جامعة بنها إلى محل إقامتها بشبين القناطر، بالقليوبية، وهو في مقر الهيئة بفرع جامعة بنها، ويتقاضى مرتباً ومكافآت وبدل انتقال من المال العام ولا يوجد عربة بمقر الفرع أو خط سير لذلك.
وانتداب شيماء جمال الدين من وزارة التربية والتعليم، لتعمل بعض الوقت، في حين أنها موجودة طوال الوقت وتتقاضى كافة الامتيازات بالهيئة من مرتب ومكافآت وبدل انتقال، ولا يتم سداد أي مبالغ تأمينات لجهة عملها الأساسية، وبذلك فهي تتقاضى مرتبها بالكامل من جهة عملها الأصلية.
بل وتم انتداب زوجها المستشار أحمد محمد علي الطباخ، من النيابة الإدارية، للاستعانة به لإرهاب موظفي الهيئة، إذ قام بتحرير محضر لعدد 18 موظفاً عندما طلبوا بإصلاحات في الهيئة وأفرج عنهم من سرايا النيابة العامة بكفالة مالية 100 جنيه لكل موظف وتم عمل قضية للموظفين بذلك.
ومن بين المخالفات عدم وجود مستشار قانوني للهيئة، والاكتفاء فقط بـ "لجنة تظلمات" تم تشكيلها بعد ضغوط عديدة من قبل أعضاء بمجلس الإدارة، ولم يتم تفعيلها، وافتقار الهيئة لخطط استراتيجية للعمل، ووجود الصراعات الدائمة وعدم التعاون بين رئيس الهيئة ونوابه.
النيابة الإدارية من جانبها، حققت في المخالفات المرصودة، وكشفت غيرها، وقررت إحالة الملف بالكامل إلى النائب العام، بعد أن كشفت التحقيقات عن مخالفات تندرج تحت بند جرائم الاستيلاء والعدوان على المال العام، وهي الجرائم الجنائية التي تستوجب المساءلة الجنائية، وليس المحاكمة التأديبية فقط من النيابة الإدارية.
وحسب المستندات تبيّن أن رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم د. مجدي قاسم، ونوابه، حصلوا على مكافآت دون وجه حق تجاوزت قيمتها الـ 15 مليون جنيه، بخلاف منح قيادات الأمانة العامة بمجلس الوزراء 750 ألف جنيه رغم عدم أدائهم أي أعمال للهيئة.
وتبيّن أن مدير حسابات الهيئة المنتدب من وزارة المالية، محمد عبد الصمد، حصل على مكافآت 542 ألف جنيه من هيئة ضمان جودة التعليم خلال فترة عمله بها أول يوليو/ تموز 2008 حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2012 بالمخالفة للقرارات الوزارية التي تحظر ذلك.
كذلك وافق على تحويل 200 ألف دولار – قرابة 3 ملايين و700 ألف جنيه – من حساب الهيئة الخاص باسم رئيس الهيئة بالبنك التجاري الدولي فرع عباس العقاد بالمخالفة للقانون، وأهمل أيضا في مراجعة مستندات الصرف الخاصة بالأجور والحوافز والمكافآت المقررة لرئيس الهيئة ونوابه الثلاثة.
ولم يعترض على صرف تلك الأموال، ما ترتب عليه مكافآت غير قانونية وأجور دون وجه حق إلى مجدي عبدالوهاب قاسم بلغت نحو سبعة ملايين جنيه، وبنواب الدكتور أشرف هشام برقاوي والدكتور صفاء محمود عبد العزيز والدكتور حمدي عبد المعطي نصار بلغت 4 ملايين و210 آلاف جنيهاً بموجب لوائح غير معتمدة ومخالفة للقرار الجمهوري الذي حمل الرقم 263 لسنة 2008.
وتبين من التحقيقات أن هيئة ضمان جودة التعليم تنفق أكثر من 500 مليون جنيه في العام الواحد، ولم يعتمد سوى 1000 مدرسة منها مدارس لا تستحق الاعتماد.
وكشفت التحقيقات أنه تم صرف مبلغ 742 ألف جنيه لعدد 42 شخصاً من غير العاملين بالهيئة دون وجه حق، وعدم أدائهم أي أعمال للهيئة منهم قيادات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء لتزكية رئيس الهيئة لدى رئيس الوزراء للبقاء في منصبه فقط، وأبرزهم اللواء سامي سعد زغلول الأمين العام لمجلس الوزراء، والذي تقاضى مبلغ 120 ألف جنيه مكافآت اجتماعات مجلس الإدارة لمدة عام على الرغم من عدم حضوره أي اجتماعات.
وأكدت المعلومات أن عزل رئيس المجلس وأعضاءه السابقين، والإتيان بمجلس جديد حالي على رأسه رئيسة الهيئة الجديدة، يوهانسن يحي محمد عيد، لم يوقف الفساد والمخالفات المالية والإدارية التي توغلت في الهيئة منذ سنوات، بل إن المخالفات استمرت وزادت، وذلك وفقا لما تم رصده في البلاغ رقم 23979 عرائض النائب العام، والذي أمر النائب العام بالتحقيق فيه بشكل رسمي، وضمه إلى ملف فساد الهيئة.
وكشف البلاغ أن هناك مرتبات ومخصصات مالية تصرف لرئيسة الهيئة ونوابها من مجلس الإدارة، بأضعاف مرتباتهم الحقيقية المستحقة وذلك بالمخالفة للقانون الخاص بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، والاعتمادات المالية لها، والتي أعيد ترتيبها بعد وضع وإقرار قانون الحد الأقصى للأجور.
ملف الأموال المنصرفة كمخصصات مالية غير مستحقة، لم تتوقف عند هذا الحد بل إنها شملت أيضا حصول 6 مستشارين للهيئة على مرتبات بلغ إجماليها 60 ألف جنيه شهريا، بواقع 10 آلاف جنيه لكل مستشار.
المخالفات المالية المرصودة بالملف شملت أيضاً، إعداد لائحة مالية دون اعتماد، حيث قامت رئيسة الهيئة بإعداد لائحة مالية جديدة وإرسالها إلى وزارة المالية للاعتماد، وقيامها بالصرف على أساس هذه اللائحة المالية لكافة المستحقات المالية بالهيئة دون ورود اعتماد من وزارة المالية على هذه اللائحة، وذلك لشهور عديدة.
الغريب في الأمر هو صدور حكم قضائي بحل مجلس إدارة الهيئة الحالي، برئاسة "يوهانسن"، إلا أن الأخيرة لم تنفذه بحجة الطعن عليه قضائياً وأنه حكم غير نهائي، ما دعا مقيم الدعوى الذي حصل على الحكم بإقامة دعوى قضائية جديدة ضدها إلى عدم تنفيذ حكم قضائي، وحصل بالفعل على حكم آخر بحبسها سنة مع العزل من الوظيفة، وهو الحكم الذي لم ينفذ أيضا بعد.