بداية الموسم الرمضاني: فتور يصيب الدراما السورية
الهيبة: القفز خلفاً
باغت مسلسل "الهيبة" الجمهور منذ المشهد الأول، فعنون صنّاعه "أحداث هذا الجزء تجري قبل أحداث الجزء الأول". وإن كان الموضوع ليس بالمستغرب، فالإعلان عن العودة للخلف ليس بالمفاجئ كون الشركة أعلنت عن هذا مسبقاً، بل انطلاق أحداث العمل من دمشق وحذف تعرضت له بعض المشاهد على عدد من قنوات العرض، قابل ذلك استعراض لرموز النظام السوري. قبل أن تعود الحكاية مرة ثانية للخلف ويزدحم المسلسل بشخصيات جديدة وفتح خطوط درامية لم يكن لها أي ذكر في الجزء الأول.
أما حضور تيم حسن فما زال يشكل حلقة العمل الأقوى مع ستايل جديد للشعر برز فيه تيم، وحالة مشبعة من الرومانسية لم تظهر في ملامح الجزء الأول، مع تركيز كبير من قبل الشركة المنتجة على الراتينغ العالي للمسلسل عبر تصدر هاشتاغ الهيبة ترند في أكثر من دولة عربية حسب زعم الشركة.
متى تبدأ الفوضى؟
بعد انتظار طويل لوصوله إلى الشاشة، انطلق مسلسل "فوضى" على قناة "الجديد" وسط حالة ترقب لما سيقدمه العمل عن حالة التهجير من ريف العاصمة، وهذا ما بدا جلياً في الحلقة الثانية مع استعراض قافلة المهجّرين على أنغام صوت قصيدة للراحل محمود درويش. ليأتي الأداء متفاوتاً في التمثيل وبروز ملامح خاصة لشخصيتي فادي صبيح وعبد المنعم عمايري. وإن كانت الموسيقى الدائرة في الخلفية تأتي فوضوية بعض الشيء كإيقاع العمل، إلا أن غياب اللقطات الواسعة والعامة للحي المقصود لم يحقق بعد حالة إيهام المشاهد في فرضية المكان الواحد. وهذا ما يدفع المشاهد للمقارنة بين رؤية المخرج سمير حسين وما كان سيؤول إليه العمل لو نفذ برؤية المخرج الليث حجو.
التعب يلاحق "الواق واق"
سوء الطالع يلاحق مسلسل "الواق واق" منذ بدأ تنفيذه، فلم يسبق أن أعيد عرض الحلقة الأولى من عمل في الدراما السورية من قبل. فكيف إذا كانت قناة العرض، أي قناة "لنا" مملوكة لشركة إنتاج المسلسل نفسها وهي جديدة ولا تتمتع بنسبة مشاهدة عالية، وسط تعنت في عرضه على "يوتيوب" والاكتفاء بعرضه على القناة التي تعاني ما تعانيه من ضعف في الصورة والدقة والصوت. المعاناة في العرض ترجمها الجمهور بالتهكم على ما أسمته الشركة "خطأ تقني" في بث الحلقة الأولى. فلم يلحظ الجمهور إلا المهاجرين خرجوا من السفينة غرقى فرادى في مشهد، واجتمعوا في مشهد آخر دون أي تبرير مع حالة غير واقعية من الحوارات في الفن والسياسة بشكل مباغت.
خطاب "سياسي" درامي
استفحال أضخم من قبل، هو حال الدراما المحلية المنتجة من قبل مؤسسة الإنتاج التلفزيوني، تبدو ملامحه واضحة في الاستنزاف المستمر لبنية المشهد الدرامي عبر تحميله حوارات فجة وتنظير سياسي مقيت. فلم تسلم الحلقات الأولى من "وهم" و"روزنا" و"وحدن" من رسائل مباشرة عما يسمّى "الإرهاب"، حتى أقحمت الفصائل المسلحة وعناصر جيش النظام السوري في مشاهد كثيرة أقرب للمسرحية المصطنعة من الوقع الدرامي. فليس عجيباً أن تجيب الممثلة هبة زهرة على سؤال الطفل علي رستم في مسلسل "روزنا" عن معنى كلمة "مباح" بالقول أنَ معنى الكلمة يشبه "حلب" في وضعها الحالي.
عرض ثانٍ منصف
قد يمنح انخفاض سوية الأعمال المنجزة في موسم 2018، للمسلسلات المؤجلة فرصة أفضل للعرض. وهذا ما حدث مع مسلسل "وردة شامية" فرغم تسريبه عبر الإنترنت في الموسم الماضي وعرضه لاحقاً على قناة مشفرة، إلا أنه جذب الأنظار من حلقته الأولى في تفوق واضح للأداء المقدّم من قبل سلافة معمار وشكران مرتجى، فسلافة تنهض بأداء شامي مميز بعد تميزها في مسلسل "خاتون" وتقاسمها البطولة شكران التي يشكل المسلسل أول دور بطولة مطلقة لها حسب ما أكدت في لقاءاتها الإعلامية.
نتنفس خارجاً
لعل الخيار الأنسب للجمهور السوري بدا واضحاً عبر السوشال ميديا باتجاههم لمتابعة الأعمال المشتركة بما فيها المسلسلات التاريخية، كحالة من التعويض عن غياب التشويق في الدراما الاجتماعية مطلع الموسم. لا سيما عبر اتجاه شركات الإنتاج السورية لعرض أعمالها عبر يوتيوب في خطوة مشابهة للشركات المصرية، وحالة التفاعل القصوى التي حققها مسلسل "خاتون" في عرضه عبر يوتيوب الموسم الماضي. لا سيما مع حضور نجوم الصف الأول في إنتاجات مشتركة عديدة صنعت حالة استقطاب لهذه الأعمال، ولو كان العنصر السوري فيها ضعيفاً كونها صورت بالكامل في لبنان.
توقعات لا أحكام
وإذ ما زال الموسم في بدايته، فمن المبكر الحكم على نجاح عمل من عدمه، خاصة ضمن حقل الرايتينغ حيث تحكم نسب المشاهدة وليس جودة العمل. في حين يظل سقف التوقعات غير مرتفعا بعد منع عرض "هارون الرشيد" في سورية وتأجيل "ترجمان الأشواق" مرة ثانية، وتبني معظم الأعمال المنتجة في الداخل لنظرية "المؤامرة" ما يعني قطع شعرة الصدق بين الدراما والجمهور، فحيث تغيب قصص اللاجئين عن الموسم، يقتصر وجود السوريين في الدراما المشتركة على القصور والمنازل الفخمة والعيش الرغيد.