بدون أجوبة
هل تبلّدت جلودنا، فلا ضير من جلدها؟ وهل تجلدت أفكارنا فلا نرى للصواب اتجاهاً؟ فقدنا كل البوصلات، فلا منظرين ولا شيوخ ولا رموز ولا مفكرين قد ينقذون هذه الشعوب.
نحتاج أن نحب شيئاً في هذا الوقت أكثر من أن نتحدى أشياء. تلك المناظر التي تمر علينا ونحن رجال نمتعض منها ونكمل المشاهدة، من دون أن تغير فينا شيئاً. ما بالك عن أطفالنا، قد يخطئ الطفل الذي أمسى يمتلك كل مقومات البحث والمعلومات، ويجول في فضاء هذه المواد الملغمة؛ لأننا لم نعهد هذا الشيء، ولم يكن للعالم أجمع خبرة مماثلة لهذا الوقت، فنحن بالطبيعي نجهل تركيبة الجيل القادم، كالطفل الذي أطلق النار في شريط فيديو مصور. المشكلة تكمن في أننا، فعلاً، لا نستطيع أن نحكم عليه، أو بالأحرى غير مؤهلين لهذا الحكم.
نحن في مرحلة عمرية تتيح لنا فرصة الاختيار في اختبار إجابته الخوف من الخطأ. تخيل إذا أوقفك حاجز في دولة تنتشر فيها الطائفية، وسألوك عن طائفتك، هل تنتظر لتكتشف من السائل، ما بالك لو أخطأت؟
حتى الموقف السياسي الشخصي أمسى إجبارياً، ووجهة النظر مرفوضة تماماً. أليس من حقي كشخص أن أكره نظاماً سياسياً، لأنه غير عادل، أو فعلاً، أراه نظاماً ظالما؟ بل ربما يرى النظام نفسه مجرماً، لكنه يطالبني بأن أقول إنه جميل، وهو مستقبل الأمة؟
دعونا من أنفسنا. لكن، أنقذوا أطفالنا، كيف سنجعل جيلاً سوياً قادراً على معرفة الخير والشر؟ هل نربيه على المبادئ والجرأة، فلربما يخطئ يوماً في اختبار؟ أم نربيه على التلاعب والنصب، فيمسي من دون مستقبل نحبه؟
هل نعزل أطفالنا عن هذه العوالم، فيصعد جيل سلبي، ونكون قد أجرمنا في حق أمتنا؟ أم نرميهم في طريق لا نعرف نحن حدوده، فنجرم في حقهم؟
هل نقول لهم إن غزة محاصرة، ويحاصرها عدو وصديق؟ هل نقول لهم إن في سورية يقتل السوريون أنفسهم؟ هل في مصر انقلاب أم لا؟
لم تعد الحدود في الشرق الأوسط مرسمة جيداً، فهل نقول لهم إن دمشق عاصمة سورية، أم إنها دولة علوية؟ وهل العراق اسمها عراق أم الدولة الإسلامية حتى بغداد؟ وبعدها دولة شيعية؟ لا ننسى أن هناك دولة كردية جديدة. لكن، أين حدودها؟ عداك عن فلسطين، هل القدس عاصمة الدول الثلاث، غزة والضفة الغربية وإسرائيل؟
دعونا لا نتعمق كثيراً في المدن، فقد يسألنا أطفالنا عن رفح، ولا أعتقد أن هناك إجابة قد ترضي أحداً.