13 نوفمبر 2024
بلا رتوش
انتشرت فكاهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن الزوج الذي دفع لطلاء بيت الزوجية مبلغا يقل بمقدار النصف عن المبلغ الذي دفعه لعروسه يوم الزفاف في مقابل تزيين وجهها وشعرها عند محل "الكوافير". ويبدو أن الضحك والسخرية والتعليقات وتوابع هذه الفكاهة لم تصل إلى سر نجاح العلاقات الزوجية، أو الإنسانية عموما، وهو تقبل الطرف الآخر بلا رتوش.
ظهرت الممثلة حنان ترك في صورة لها مع زوجها وهي تضع النظارة فوق عينيها، فيما خلا وجهها من أي طلاء، ما منحها عمرا أكبر من عمرها الحقيقي. تعالت التعليقات من الجمهور، لأنها سمحت لنفسها بأن تطل على جمهورها بهذا المنظر، فيما كانت التساؤلات الأكثر حول تقبل زوجها لها وهي بهذه الهيئة، فردّت على المنتقدين بعبارة لنجيب محفوظ، وكتبت عبر حسابها على "تويتر": "اقبلونا كما نحن، أو اتركونا كما نحن، فلا أنتم تملكون حق تعديلنا، ولا نحن نملك رغبة التبرير".
على الصعيد نفسه، قال عمر الشريف لفاتن حمامة حين تقدم لخطبتها: "أنا أدخّن، وسريع العصبية، وصوت شخيري عال، ولا أحب المكوث في البيت، كما أنني لا أريد أن أنجب، ولكني أحبك، ولديّ أمل كبير بأن أتغير على يديك، وأول تغيير حدث معي أنني رميت كل عيوبي أمامك". وكأن عمر الشريف يريد أن يقول لها إنه على الرغم من كل هذا الخراب يحبّها، وإنه يريد منها أن تُصلح قلبه، أو تحبه بهذا الخراب. وبالفعل تزوجا على الرغم من كل الظروف التي كانت تؤكد أن هذا الزواج سوف يفشل سريعا، ولكن أول إشارات نجاحه أن فاتن حمامة أنجبت من عمر الشريف ابنا وحيدا.
في قصة ثالثة لزوجةٍ عانت، طوال حياتها، من مرض وراثي، ولم تكن تستطيع أن تخبر به أحدا، وانطوت على نفسها، وظلت ترفض الزواج، حتى تقدم لها أحد الشبان الذي كان معجبا بها، وتزوجته وهي تخفي سرّها. وفي الليلة الأولى، فضحت ما أخفته عنه، وهو أنها تعاني من عيبٍ خلقي في صمام المثانة، وتتبول لا إراديا في فراشها. وفي الصباح الباكر، كانت تجلس منكمشةً على نفسها، وتبكي في خجل، واستيقظ الزوج على صوت بكائها، وسرعان ما اكتشف سرّها، فربت على كتفها، وقرر أن يقف معها لكي تشفى. وبالفعل، خضعت فترة طويلة لعلاجٍ يشمل تمارين خاصة لعضلة المثانة، وبدأت يوما بعد يوم تستجيب للعلاج، وتخلصت من المرض الذي لازمها أكثر من خمسة وعشرين عاما. ولم يفكر الزوج بالطبع بإرسالها إلى بيت عائلتها، لأنه تزوج ببضاعة مغشوشة، وتقبلها كما هي، لأنه أحب روحها، ولأنه يعلم جيدا أنه بالحب يستطيع أن يأخذ بيدها نحو إصلاح عطب جسدها وروحها.
ربما هناك من كان سيخرج مطالبا بإباحة بطلان عقد الزواج بسبب حدوث التدليس، ولكن هؤلاء ينظرون بدونية إلى المرأة، وبأنها بضاعةٌ مغلفة، وينظرون إلى الزوج زبونا، وعليه أن يشتري بضاعة كاملة الأوصاف، لأنه دفع الثمن الذي دوّن ببطاقة صغيرة فوق البضاعة، ولكن قلةً من أدركوا أن الشراكة بين زوجين تبدأ لتستمر بالتقبّل، وبأننا لسنا ملائكة، ولا خالين من العيوب، وبأن الحياة التي تبدأ وتستمر بانتحال المبرّرات، ومحاولة إضافة الرتوش للتجمّل والتجميل، هي حياة قاتمة مزيفة، ولا تحمل أي معنىً سوى ما دوّن فوق الأوراق الرسمية.
وإضافة إلى الزواج، كل العلاقات البشرية بين الأفراد يجب أن تكون محاطةً بالتقبّل؛ لأن البحث عن الكمال يعني إحراق كومة القش من أجل البحث عن إبرة، وما جدوى الإبرة إذا كانت كومة القش قد تستخدم لإشعال النار وإشاعة الدفء؟ وما جدوى كل مسميات العلاقات من الحب والصداقة والزمالة، إذا كنا نقف أمام العيوب، ونهرب حين يغيّر الزمن وجوه من نحب، ويضع بصمته القاسية فوقها؟
ظهرت الممثلة حنان ترك في صورة لها مع زوجها وهي تضع النظارة فوق عينيها، فيما خلا وجهها من أي طلاء، ما منحها عمرا أكبر من عمرها الحقيقي. تعالت التعليقات من الجمهور، لأنها سمحت لنفسها بأن تطل على جمهورها بهذا المنظر، فيما كانت التساؤلات الأكثر حول تقبل زوجها لها وهي بهذه الهيئة، فردّت على المنتقدين بعبارة لنجيب محفوظ، وكتبت عبر حسابها على "تويتر": "اقبلونا كما نحن، أو اتركونا كما نحن، فلا أنتم تملكون حق تعديلنا، ولا نحن نملك رغبة التبرير".
على الصعيد نفسه، قال عمر الشريف لفاتن حمامة حين تقدم لخطبتها: "أنا أدخّن، وسريع العصبية، وصوت شخيري عال، ولا أحب المكوث في البيت، كما أنني لا أريد أن أنجب، ولكني أحبك، ولديّ أمل كبير بأن أتغير على يديك، وأول تغيير حدث معي أنني رميت كل عيوبي أمامك". وكأن عمر الشريف يريد أن يقول لها إنه على الرغم من كل هذا الخراب يحبّها، وإنه يريد منها أن تُصلح قلبه، أو تحبه بهذا الخراب. وبالفعل تزوجا على الرغم من كل الظروف التي كانت تؤكد أن هذا الزواج سوف يفشل سريعا، ولكن أول إشارات نجاحه أن فاتن حمامة أنجبت من عمر الشريف ابنا وحيدا.
في قصة ثالثة لزوجةٍ عانت، طوال حياتها، من مرض وراثي، ولم تكن تستطيع أن تخبر به أحدا، وانطوت على نفسها، وظلت ترفض الزواج، حتى تقدم لها أحد الشبان الذي كان معجبا بها، وتزوجته وهي تخفي سرّها. وفي الليلة الأولى، فضحت ما أخفته عنه، وهو أنها تعاني من عيبٍ خلقي في صمام المثانة، وتتبول لا إراديا في فراشها. وفي الصباح الباكر، كانت تجلس منكمشةً على نفسها، وتبكي في خجل، واستيقظ الزوج على صوت بكائها، وسرعان ما اكتشف سرّها، فربت على كتفها، وقرر أن يقف معها لكي تشفى. وبالفعل، خضعت فترة طويلة لعلاجٍ يشمل تمارين خاصة لعضلة المثانة، وبدأت يوما بعد يوم تستجيب للعلاج، وتخلصت من المرض الذي لازمها أكثر من خمسة وعشرين عاما. ولم يفكر الزوج بالطبع بإرسالها إلى بيت عائلتها، لأنه تزوج ببضاعة مغشوشة، وتقبلها كما هي، لأنه أحب روحها، ولأنه يعلم جيدا أنه بالحب يستطيع أن يأخذ بيدها نحو إصلاح عطب جسدها وروحها.
ربما هناك من كان سيخرج مطالبا بإباحة بطلان عقد الزواج بسبب حدوث التدليس، ولكن هؤلاء ينظرون بدونية إلى المرأة، وبأنها بضاعةٌ مغلفة، وينظرون إلى الزوج زبونا، وعليه أن يشتري بضاعة كاملة الأوصاف، لأنه دفع الثمن الذي دوّن ببطاقة صغيرة فوق البضاعة، ولكن قلةً من أدركوا أن الشراكة بين زوجين تبدأ لتستمر بالتقبّل، وبأننا لسنا ملائكة، ولا خالين من العيوب، وبأن الحياة التي تبدأ وتستمر بانتحال المبرّرات، ومحاولة إضافة الرتوش للتجمّل والتجميل، هي حياة قاتمة مزيفة، ولا تحمل أي معنىً سوى ما دوّن فوق الأوراق الرسمية.
وإضافة إلى الزواج، كل العلاقات البشرية بين الأفراد يجب أن تكون محاطةً بالتقبّل؛ لأن البحث عن الكمال يعني إحراق كومة القش من أجل البحث عن إبرة، وما جدوى الإبرة إذا كانت كومة القش قد تستخدم لإشعال النار وإشاعة الدفء؟ وما جدوى كل مسميات العلاقات من الحب والصداقة والزمالة، إذا كنا نقف أمام العيوب، ونهرب حين يغيّر الزمن وجوه من نحب، ويضع بصمته القاسية فوقها؟