بيدرسون يطلق أعمال اللجنة الدستورية السورية: "مَهمّة تاريخية"

جنيف

جابر عمر

جابر عمر
30 أكتوبر 2019
43D30FA2-5F32-42C2-AD00-56B4C816CF09
+ الخط -
أعلن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، اليوم الأربعاء، بدء أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، في الجلسة الافتتاحية التي ضمت 150 عضواً من أعضاء اللجنة الدستورية موزعين على 3 أقسام بالتوازي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني.

وشهدت القاعة جلوس بيدرسون وسط الرئيسين المشاركين عن النظام أحمد الكزبري، وعن المعارضة هادي البحرة، حيث جلس الكزبري إلى يمينه، والبحرة إلى يساره، وكذلك جلس ممثلو النظام في الجهة اليمنى من القاعة وممثلو المعارضة في اليسار، فيما جلس أمام بيدرسون ممثلو المجتمع المدني.

وسادت أجواء من الهدوء قاعة الاجتماعات، وفي الوقت الذي حاول فيه البحرة مخاطبة الجميع، تحاشى الكزبري النظر تجاه ممثلي المعارضة والبحرة، حتى أنه غادر فور مصافحته بيدرسون مع نهاية الجلسة دون أن يترك مجالا للمصافحة المشتركة بين الجانبين. وقال بيدرسون في الجلسة الافتتاحية مخاطبا أعضاء اللجنة الدستورية "مهمتكم إعداد وصياغة إصلاح دستوري يطرح على الشعب لإقراره، وهو إسهام في الحل السياسي وتطبيق القرار الأممي 2254 الصادر في العام 2015".

وأضاف موجها كلامه للمجموعة الموسعة "أدعوكم للصبر والمثابرة وتقديم الحلول، وآمل من خلال إبداء حسن النية في العمل بالوصول إلى بناء الثقة، وهو ما سيؤدي إلى تواصل العمل بشكل مستمر من أجل إقرار الدستور".

كما خاطبهم قائلا "وجودكم يرتكز على عدة مبادئ أساسية، منها احترام قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ووحدة سورية واحترام المسار الساسي بأنها بملكية سورية، وأهداف أشمل تؤدي لتطبيق بنود الحل السياسي في القرار الأممي، حيث يتضمن إجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، وفقا للدستور الجديد، حيث يقوم الإصلاح بتجسيد المبادئ الـ12 الحية في الممارسة الدستورية".

بيدرسون أكد أنه "يمكن مراجعة الدساتير السابقة، والدستور الحالي، وتعديل الدستور الحالي، ومهمتكم تاريخية ووضع عمل مؤسسي وعقد اجتماعي للسوريين بعد 9 سنوات من التقسيم والمعاناة".

وأكد على حيادية الأمم المتحدة قائلا "لا تتوقعوا ماذا أقول في دستوركم، فالدستور ملك لكم وللسوريين وحدهم، والدساتير لا يمكن نقلها من الخارج، أنتم أعضاء هذه اللجنة عليكم كتابة الدستور والشعب يوافق عليه، وواجبكم أخذ رؤى أكبر عدد من أبناء بلدكم".

كما وجه خطابا للرئيسين المشتركين "سيكون عليكم العمل سويا من خلال توافق رئاسة اللجنة، وممارسة الصلاحيات المنوطة بكم، وإني على ثقة أنكم على دراية تامة بمسؤولياتكم تجاه أعضاء اللجنة، وواجباتكم، ليس فقط للمجموعة بل كل أعضاء اللجنة لتركز على عملها، وأنا على استعداد لتقديم الدعم لكم، وتجاوز الخلافات، وأنا تحت تصرفكم من أجل عمل اللجنة، لتكون مفيدة، وأعمل بشكل يضمن استقلالية اللجنة".

البحرة: نبحث عن أوجه التشابه لا الاختلافات

من جانبه، شدد الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة، هادي البحرة، على أن المعارضة عازمة على البحث عن أوجه التشابه بدلا من الاختلافات في اجتماعات اللجنة الدستورية.

وأكد البحرة في كلمته بالجلسة الافتتاحية أن "المجتمعين لديهم آراءٌ متباينةٌ حولَ العديدِ من القضايا، بعضُها بسيطٌ وبعضُها أساسيٌ، ولكنْ بعدَ السنواتِ الثماني المؤلمةِ، جئنا هنا عازمينَ على البحثِ عن أوجهِ التشابهِ بدلاً من الاختلافاتِ، لأننا ندركُ تمامًا توقعاتِ أمةٍ بأكملِها تنتظرُ الخلاصَ من حالةِ معاناةٍ لا يمكنُ تصورُها".

ولفت إلى أنه "مازالتْ قضيةُ المعتقلينَ والمغيبينَ قسرياً دونَ حلٍّ جذريٍّ، يوقفُ آلامَ وعذاباتِ آلافِ العائلاتِ السوريةِ، ويبقى كأهمِ ملفٍ يجبُ علينا جميعاً العملَ على حلِّه بأسرعِ وقتٍ وسبلٍ وبأنجعِ الطرقِ، لقد آنَ الأوانُ كي نؤمنَ بأن النصرَ في سورية، هو كلُّ شيءٍ عن تحقيقِ العدالةِ وكسبِ السلامِ، وليسَ الفوزَ في الحربِ، هذا هو النصرُ الوحيدُ الذي يمكن لجميعِ السوريينَ مشاركتَه وأن يكونوا جُزءًا منه".

وختم بالقول "وها نحنُ اليومَ نبدأ عملَنا لصياغةِ دستورٍ جديدٍ لسورية يرقى لتطلعاتِ شعبِها، ويجبُ أن تكونَ ذكرى ما يقاربُ المليونَ ضحيةً منارةً تُوَجِّهُنا خلالَ بحثِنا عن مخرجٍ من النفقِ المظلمِ، تمامًا كما يجبُ أن يكونَ توقُ ملايينَ السوريينَ للعودةَ إلى ديارِهم والانضمامِ إلى أحبائِهم بوصلةً لنا، إن القراراتِ التي نتخذُها جماعياً اليومَ تؤثرُ تأثيراً محورياً على مستقبلِ أطفالِنا في وطنٍ يصونُ كرامةَ مواطنيه ويكفلُ حرياتِهم الشخصيةَ والجمعيةَ، في دولةِ المواطنةِ المتساويةِ".


النظام يبدي استعداده لكتابة دستور جديد

وعلى خلاف التوقعات، أبدى النظام السوري استعداده لمناقشة الدستور الحالي في سورية، أو تغييره وكتابة دستور جديد، مبديا مرونة كبيرة مع انطلاق أعمال اللجنة الدستورية.

جاء ذلك في كلمة الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن النظام أحمد الكزبري، الذي قال "في سورية جدد الدستور 8 مرات وصولا للدستور في العام 2012، واستفتي عليه شعبيا ويعتبر دستورا عصريا، ورغم ذلك لا يمنعنا نحن السوريين شيء من أن نجتمع للنظر بغرض إجراء أي تعديل على الدستور الحالي أو تغييره، ووضع دستور جديد من شأنه أن يطور واقعنا، ويحدث تغييرا إيجابيا ينعكس بشكل مباشر على حياة شعبنا".

وأكد "مما لا شك فيه أن الدستور يشكل حجر الزاوية الأول واللبنة الصلبة التي تبنى عليها الدول، ويجسد تطلعات الشعوب لتطوير قوانينها وتشريعاتها التي تصون الحقوق وتضبط الواجبات وفق المبادئ الأساسية للشعوب، ونؤكد على أن أي نقاش هنا وعمل نسعى لإنجازه نقوم به يستند إلى المبادئ الكبرى، وفي مقدمتها الالتزام التام باستقلال ووحدة أراضينا دون تنازل، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي والمباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية، فالشعب السوري وحده هو صاحب الحق الحصري، في تقرير مستقبل بلاده واختيار نظامه".

وختم كلامه "حوارنا اليوم، ليكتب له النجاح يجب أن يكون سورياً، سورياً خالصاً، بعيداً عن أي ضغوط أو تدخلات خارجية، وبملكية وقيادة سورية تامة، وبدون أي شروط مسبقة مهما كانت، فما سنقوم ببحثه في قادم الأيام ليس قضية جزئية، بل مسألة جوهرية تمس دستورنا، من هنا تأتي ضرورة العمل الدقيق والتأني، وضمن توافق سوري سوري، فما ينتج سيكون ملك للشعب السوري الذي يعود له حق قبوله وإقراره".

وقبيل الانطلاق الرسمي لأعمال اللجنة، اليوم، شهدت جنيف أمس، اجتماعات متعددة بين الأطراف المعنية. وعقد وفد المعارضة اجتماعات مع سفراء دول أصدقاء سورية، وهم ممثلو 15 دولة، من بينها الولايات المتحدة.
كما عقد وفد مصغّر لقاء مع الوفد الروسي برئاسة مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، وترأس وفد المعارضة رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري. كما التقى وفد المعارضة وفد الأمم المتحدة برئاسة المبعوث الأممي غير بيدرسن في المقر الأممي، استكمالاً للتحضيرات، في حين عقد وزراء خارجية الدول الضامنة، التركي مولود جاووش أوغلو، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، لقاء ثلاثياً، قبل أن يجتمعوا مع المبعوث الأممي.


ومنذ أيام، تشهد جنيف اجتماعات متعددة، بين الأطراف المعنية بالمسألة السورية، وبدأت تتوضح معالم الحل السياسي بين الأطراف خلال المرحلة المقبلة، ويمكن تلخيصها بأنها إعداد دستور جديد، وإجراء الانتخابات، وتشكيل حكم انتقالي مشترك.

وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المجموعة المصغرة وبقيادة واشنطن أكدت أن القرار الأميركي والسياسة المحددة للمرحلة المقبلة تشمل بداية استكمال العملية الدستورية لتستند إليها مرحلة الحل السياسي، يليها تنفيذ انتخابات شفافة عادلة بأعلى المعايير الدولية، وتشكيل حكم مشترك انتقالي لتطبيق الدستور الجديد.
وأضافت المصادر أن أميركا في اجتماع المجموعة المصغرة مع المعارضة، أكدت بوضوح أن الإدارة الأميركية اتخذت قرارا يفوض وزارتي الخارجية والخزانة، بفرض عقوبات على جميع الأطراف التي تعمل على عرقلة العملية الدستورية أو تمنع استمرار عملها، ما يضع جميع الأطراف تحت الأمر الواقع في ما يتعلق بالعملية الدستورية، ويظهر الجدية الغربية وخاصة الأميركية، في معاقبة أي طرف بما فيها النظام والمعارضة.

ذات صلة

الصورة
المرض في غزة

اقتصاد

مع دخول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة عامها الأول، حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام بعد تدمير 75% من المباني.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، 18 سبتمبر 2024 (الأناضول)

سياسة

تبّنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهراً، بعد تصويت 124 دولة لصالحه
المساهمون