عادت أزمة نقص الدولار لتضرب الأسواق المصرية من جديد. وحذّر تجار ومستوردون من ارتفاع مرتقب في أسعار السلع، مؤكدين في لقاء جمعهم خلال الساعات الماضية داخل الغرفة التجارية أن الإجراءات التي طالب بها البنك المركزي لترشيد الاستيراد دليل على عدم وجود سيولة دولارية لديه.
وتأتي هذه التحذيرات في حين سجل الدولار الأميركي أمام العملة المصرية في السوق السوداء 8.60 جنيهات، مقابل 7.83 في المصارف، وذلك بعد لجوء عدد كبير من المستوردين إلى السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من العملة الصعبة.
وتواجه مصر صعوبة كبيرة في سداد كلفة وارداتها من المنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسال، خاصة في فصل الشتاء والمسعّرة بالدولار، حيث ألغت الحكومة المصرية ممثلة في الوزارات الاقتصادية شراء 6 شحنات من السولار كان من المقرر تسليمها أوائل يناير/ كانون الثاني القادم بسبب نقص الدولار.
وتأخرت مصر في سداد نحو 350 مليون دولار لمورّدي الغاز الطبيعي المسال، ما يهدد بأزمة وقود، خاصة في فصل الشتاء، وزيادة في أسعار المحروقات التي ستنعكس سلباً على زيادة كافة الأسعار المرتبطة بالمواد البترولية، وأيضاً زيادة في أسعار المركبات، ما يسبب ضرراً كبيراً على المواطنين.
وتسبب ضعف الصادرات المصرية إلى الخارج، وقلّة المساعدات الخليجية، والتدهور في حركة السياحة الخارجية، في انخفاض إيرادات البلاد من العملة الصعبة.
ويدرس البنك المركزي مع عدد من أعضاء الحكومة خلال الأسبوع المقبل، تأجيل استيراد عدد من السلع "الكمالية" لحين تخفيف أعباء الطلب على الدولار، وإعطاء الأولوية للمنتجات الأساسية، مثل الأدوية والقمح والمستلزمات الطبية والسلع الغذائية، أو تقنين معدلات استيراد هذه السلع والاقتصار على أنواع محددة منها يحتاجها المواطن، في ظل أنباء متواترة عن اتجاه الحكومة لترشيد الاستيراد أو فرض مزيد من القيود على الواردات.
اقرأ أيضاً: شروط قرض البنك الدولي تخيف المصريين
وطلب تجار ومستوردون من رئيس اتحاد الغرفة التجارية، أحمد الوكيل، سرعة لقاء محافظ البنك المركزي الجديد، طارق عامر، لإيجاد حل لأزمة نقص الدولار لمواجهة احتياجات السوق.
وأكد التجار في لقائهم، أن "نقص توفر الدولار سيكون له أثر سلبي في حركة الاستيراد والتصدير، وسيؤدي إلى تحريك الأسعار بدرجة كبيرة"، رافضين تحملهم أي كلفة في زيادة الأسعار، كما اتهموا الحكومة بالتخبّط في سياستها غير الجادة في توفير الدولار.
وتوقع مصرفيون أن يصل سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى 9 جنيهات خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، مؤكدين أن أزمة الدولار مفتعلة وهي أزمة إدارة وليست أزمة نقص في العملة، وذلك لوجود الدولار بكميات كبيرة في السوق السوداء.
وقال مسؤول في الغرفة التجارية إن "نقص الدولار يشكل ضغطاً قوياً على الدولة خلال الفترة الحالية"، لافتاً إلى ارتفاع أسعار جميع المنتجات بنسب لا تقل عن 15% قبل نهاية العام الحالي في ظل استمرار نقص المعروض من السلع المستوردة.
وأشار المصدر إلى أن "هناك أزمة داخل الموانئ المصرية، بسبب أزمة الدولار، حيث تراجعت حركة الصادرات والواردات داخل الموانئ بنسبة تصل إلى 25%، لا يستطيع معها المستوردون تدبير الدولار، ما دفع الكثير منهم إلى ترك البضائع بالموانئ لحين الانتهاء من توفير العملة، الأمر الذي يحمّل المنتج مزيدًا من الأعباء بسبب دفع أرضيات يومية لحين سحب الشحنة من الميناء".
ومن المتوقع أن يعقد المجلس التنسيقي للسياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعًا استثنائيًا يوم 10 يناير/ كانون الثاني المقبل، وذلك لمناقشة أزمة نقص الدولار وقلة الاحتياطي الأجنبي ومواجهة زيادة الأسعار في ظل التحديات الخارجية التي تحيط بالبلاد، ووضع برنامج يستهدف استقرار الاقتصاد الكلي من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة الإنتاج المحلي، وخلق فرص عمل، والبدء في العمل على تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة.
اقرأ أيضاً:
مصر تغيّر شروط السداد في مناقصات استيراد القمح
تدابير لتوفير العملات الأجنبية بمصر تثير مخاوف المستوردين
كارنيغي: توقعات باحتدام المنافسة بين شركات الجيش المصري