تشهد تركيا إعادة هيكلة جديدة تتناسب مع النظام الرئاسي، الذي سيلغي منصب رئيس الوزراء، ويُختصر، بحسب التصريحات وتفاصيل النظام الرئاسي الذي نشره الرئيس رجب طيب أردوغان على حسابه الشخصي في "تويتر" قبل أيام، بعنوان "في النظام الرئاسي نحن مستعدون يا تركيا للتغيّر من جديد وللتألق".
ووفق النموذج الذي طرحه أردوغان، ستطرأ تغييرات كثيرة على المناصب وتخفيض كبير لها، مقابل سرعة في تقييم الخدمات والحلول وزيادة الإنتاج وتوفير الوقت في تركيا، كما سيتم تخفيض عدد الوزارات من 26 إلى 16 وزارة.
ويقول المحلل التركي سمير صالحة: "سيمنع الشكل الجديد للدولة والحكومة تشتت القرارات والسياسات الاقتصادية والمالية، ويحصرها تحت سقف واحد وإشراف موحد، يحدد طريقة التعامل مع الملفات والقضايا والتطورات المتلاحقة".
هذه الخطوة، بحسب رأي صالحة، ستكون ضرورية للمرحلة وإيجابية لتنفيذ الخطط وتطلعات 2023، لأن تركيا عانت بالعقود الاخيرة من أزمة تحديد سياساتها الاقتصادية والمالية، وحصل أكثر من مرة تضارب في طريقة طرح الخطط والحلول لمعالجة الكثير من الأزمات، ولعل من الأمثلة على ذلك الاختلاف حيال سعر الفائدة المصرفية بين الحكومة والرئيس من جهة، ومحافظ المصرف المركزي من جهة أخرى، ما كان سبباً مهماً لتراجع سعر الصرف وإعطاء نظرة للمستثمرين بالخارج.
ويضيف صالحة في تصريح لـ"العربي الجديد": "أظن أيضاً أن الإقدام على دمج الوزارات سينقذ تركيا من محاولات التدخلات الخارجية بشؤونها الاقتصادية والمالية، أو البحث عن حلول وخبرات مستوردة كما حدث في عام 2000 إبّان الأزمة الاقتصادية والمالية بالبلاد واستدعاء رئيس الوزراء وقتذاك، بولانت أجاويد، مستشاراً مالياً تركياً كان يقيم بالولايات المتحدة هو كمال دوريش، ما أنتج خلافات وانقسامات بالقرار دفعت تركيا ثمنها غالياً، بل وكانت السبب الأهم لتوجه الشعب نحو حزب العدالة والتنمية وإعطائه أصواتهم عام 2002.
وسائل إعلامية تركية أوردت، اليوم الأربعاء، أن دمج الوزارات سيطاول دمج وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية مع وزارة العمل والضمان الاجتماعي، تحت مسمى "وزارة العمل، والخدمات الاجتماعية والأسرة"، لتقديم الخدمات اللازمة للأسر التركية ودمج وزارة العلوم، والصناعة، والتكنولوجيا، مع وزارة التنمية، ليصبح اسم الوزارة الجديدة "وزارة الصناعة والتكنولوجيا".
وستعمل هذه الوزارة على جعل تركيا رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال إنتاج علامات تجارية عالمية مرموقة ذات تكنولوجيا عالية، ورائدة في التقنيات الذكية.
كذلك سيتم وفق النظام الرئاسي الجديد وخطة تركيا بتخفيض عدد الوزارات، دمج وزارة الجمارك والتجارة مع وزارة الاقتصاد تحت مسمى "وزارة التجارة"، ومن ضمن أهدافها زيادة عائدات الصادرات إلى 500 مليار دولار، وجعل إسطنبول "مركزاً مالياً عالمياً".
ولن تسلم وزارة الغذاء والزراعة والثروة الحيوانية من الدمج مع قطاعات مشابهة، إذ سيتم دمجها كذلك مع وزارة الغابات وشؤون المياه، لتصبح تحت مسمى "وزارة الزراعة والغابات"، لتتولى مهام حماية الغابات، والحفاظ على الرقعة الزراعية.
النموذج الذي عرضه الرئيس رجب طيب أردوغان، الخميس الفائت قبل الانتخابات التي مكنته من الفوز بدورة رئاسية تمتد 5 سنوات بنسبة 52.5 من أصوات الأتراك، يبيّن أن النظام الرئاسي سيشهد إنشاء 9 لجان جديدة، هي: "لجنة سياسات الإدارة المحلية، لجنة السياسات الاجتماعية، لجنة سياسات الصحة والغذاء، لجنة سياسات الثقافة والفن، لجنة سياسات القانون، لجنة سياسات الأمن والخارجية، لجنة سياسات الاقتصاد، لجنة سياسات التربية والتعليم، لجنة سياسات العلوم والتكنولوجيا والحداثة"، فضلاً عن تأسيس 4 مكاتب ستعمل مع رئيس الجمهورية مباشرة "مكتب الموارد البشرية، ومكتب الاستثمار، ومكتب التمويل، ومكتب التحول الرقمي".
هذه المكاتب ستكون بمثابة وحدات تلعب دوراً رئيسياً في استخدام الموارد البشرية بشكل مثمر ومؤثر، وفي تيسير حياة المجتمع، وزيادة جودة الخدمات من خلال التحول الرقمي، وفي جعل تركيا دولة جاذبة في مجال الاستثمار، وفي تطوير الأدوات المالية الجديدة.