تدرس حكومة تونس دمج ضريبة الجَوَلان (السير على الطرقات) في سعر المحروقات، بما يمكن خزينة الدولة من تحصيل إيرادات أكبر من رسوم السيارات وتجنب الزيادات الضريبية المباشرة التي تجابه بالرفض من أصحاب السيارات والبرلمان.
ومنذ سنوات تتجنب الحكومات المتعاقبة الزيادة المباشرة في أداء معلوم (رسوم) السير على الطرقات لما يثيره هذا القرار من غضب لدى أصحاب السيارات ووسائل النقل، ما دفع مصالح الضرائب إلى بحث حلول بديلة تمكن من زيادة الإيرادات المتأتية من ضرائب الأسطول المتحرك على الطرقات.
ويدفع أصحاب السيارات رسوما للسير على الطرقات سنوية تراوح ما بين 60 و1300 دينار، أي ما بين 21 و460 دولارا، يتم استخلاصها من قبل مصالح الضرائب في الفترة المتراوحة بين يناير/ كانون الثاني وإبريل/ نيسان من كل سنة.
ويقع توزيع الضريبة حسب أصناف السيارات التي توفر للخزينة نحو 240 مليون دينار سنويا، وفق أرقام رسمية لوزارة المالية. وحسب مسؤول حكومي، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنه في حال دمج الضريبة في أسعار البنزين سيتم احتسابها حسب الاستهلاك، وهو أحد أبواب رفع سعر الوقود.
ويمثل دمج ضريبة السير على الطرقات في سعر البنزين أحد المقترحات التي تشتغل عليها مصالح الضرائب بوزارة المالية، وهو من المقترحات التي عملت عليها تونس منذ عام 1998 ضمن دراسة جدوى قامت بها وزارة المالية قبل أن يقع إحياء هذا المقترح مجددا بعد تجديد الدراسة عام 2013.
وقالت رئيسة وحدة بالإدارة العامة للدراسات والتشريع الجبائي بوزارة المالية، هي مفيدة الرمضاني، لـ"العربي الجديد"، إن مصالح التشريع الجبائي بصدد إعادة النظر في مقترح دمج معلوم الجولان (السير) على الطرقات في سعر البنزين من أجل تعزيز العدالة الضريبية بين مستعملي الطرقات وأصحاب السيارات.
وأفادت الرمضاني بأن الدولة لم تراجع معلوم الجولان على الطرقات منذ عام 2000، في حين أن أسطول السيارات يشهد تطورا كبيرا مقابل استقرار في إيرادات الضرائب المتأتية من هذا البند.
وأكدت المسؤولة بوزارة المالية أن العدالة الجبائية تقتضي البحث عن حلول تفرض زيادة الجباية على من يستعملون كميات أكبر من المحروقات، مشيرة إلى أن السيارات الفخمة تمثل 10 بالمائة من إجمالي الأسطول في تونس غير أنها ذات استهلاك مرتفع من المحروقات.
وأشارت الرمضاني إلى أن 80 بالمائة من ضرائب الجولان على الطرقات يدفعها أصحاب العربات الصغيرة من فئة (4 و5 و6 أحصنة)، وهي عربات ذات استهلاك ضعيف للمحروقات، وفق تأكيدها، مقارنة بالعربات الفخمة.
وتحتاج دراسة الجدوى التي تم تجديدها عام 2013، بحسب مفيدة الرمضاني، إلى بعض التعديلات وتطعيمها بمعطيات جديدة حتى تصبح مجدية، متوقعة أن تقع مراجعة نظام الضرائب على جولان العربات بعد عرض المقترح على البرلمان ضمن مشروع قانون المالية للعام القادم أو مشروع المالية التكميلي للعام الحالي.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي صادق البرلمان على قانون الموازنة الذي لم يتضمن زيادة في الضرائب على الأفراد والشركات، بالرغم من التقديرات التي وضعتها الحكومة للعائدات الضريبية، والتي تتوقع زيادتها بنسبة 9.2 في المائة عن عام 2019.
واختارت حكومة يوسف الشاهد، التي تنتهي عهدتها خلال أسابيع قليلة، إعداد مشروع موازنة مخففة من الضرائب، تاركة مسؤولية تعديل الموازنة للحكومة والبرلمان القادمين.
وحسب وثيقة الموازنة المصادق عليها، ينتظر أن تبلغ الإيرادات الضريبية خلال العام الحالي نحو 31.7 مليار دينار (11.1 مليار دولار)، بزيادة 2.67 مليار دينار عن التقديرات التي رصدتها الحكومة لعام 2019.
وخططت الحكومة لزيادة الإيرادات الضريبية عبر زيادة مساهمات الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة والاستهلاك والمنتجات النفطية والمشروبات الكحولية والسيارات في العائدات الضريبية.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد المنصف الشريف إن تونس من بين الدول القلائل التي تحافظ على الضريبة على سير العربات، مشيرا إلى أن التوجه نحو دمجها في سعر المحروقات قد يكون حلا جيّدا من أجل العدالة الجبائية بين مستعملي العربات بربطها بمستوى استهلاك البنزين.
غير أنه أفاد في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن هذا الدمج يجب أن يخضع لمقاييس دقيقة وأن تكون شفافة بضبط معيار يسمح لمستعملي العربات بالتفرقة بين الضريبة المدمجة وسعر لتر البنزين.
وأضاف الشريف أنه يجب عدم استغلال الإصلاحات التي تنوي مصالح الضرائب تنفيذها في تمرير زيادات غير معلنة في أسعار المحروقات، مؤكدا أن الضغط الذي يمارسه صندوق النقد الدولي على تونس لتقليص دعم المحروقات، قد يدفع نحو اعتماد حلول لزيادات معلنة وأخرى مقنعة، بحسب قوله.