إذ وجد عدد من الأهالي أنفسهم أمام معضلة حقيقية، بين وجوب عودتهم إلى العمل والمخاوف من ترك أطفالهم وحدهم في البيت، في ظلّ استمرار غلق دور حضانة الأطفال.
وشرعت الحكومة في دراسة إمكانية إعادة فتح دور الحضانة الخاصة، بسبب الصعوبات المادية التي تعاني منها هذه الأخيرة من جهة، ومن أجل إيجاد حلول للعائلات من جهة أخرى.
وأكّدت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، أسماء السحيري، إثر لقائها أمس الجمعة، رئيس "كنفدرالية كوناكت"، ورئيسة المجمّع المهني لمحاضن ورياض الأطفال، وجود تنسيق لتوفير الإجراءات الوقائية اللّازمة، لضمان السلامة الصحية للأطفال والعاملين في هذه المؤسسات.
وأقرّت السلطات، بداية الأسبوع الحالي، عودة تدريجية لعدد من الوظائف والإدارات الحكومية، فوجد التونسيون أنفسهم أمام أزمة جديدة ومعضلة حقيقية، خصوصاً أنّه تُمنع مرافقة الأطفال لأوليائهم أو نقلهم للإقامة عند الأقارب.
ويقول محمد علي النصري، وهو موظّف، في حديث لـ"العربي الجديد"، "لقد اضطررت إلى طلب إجازة من عملي حتى يتسنّى لي الاعتناء بأبنائي الثلاثة، البالغين من العمر 4 و8 و10 سنوات، في غياب دار حضانة أطفال تستقبلهم أو النوادي الترفيهية". وأضاف أنّ زوجته تعمل في المؤسسة العسكرية، ويصعب عليها الحصول على إجازة، لتتقاسم معه أعباء العناية بالأطفال، وأهله وأصهاره يسكنون في محافظة داخلية، بعيدة عنهم، ما يجعل خياراته محدودة.
وأكّد المتحدث أنّهم يعيشون معضلة حقيقية، لم تفكّر السلطات الرسمية في تداعياتها. إذ يجد الأهالي أنفسهم أمام احتمالات صعبة، منها المخاطرة بسلامة أبنائهم أو التنصّل من العمل، بسبب استمرار إقفال دور حضانة الأطفال. وأصدرت رئاسة الحكومة، الأسبوع الماضي، مرسوماً يقضي ببقاء الأمهات اللّواتي لديهنّ أولاد دون 15 عاماً في البيوت، والالتزام بالحجر الصحي الشامل، إلّا أنها سرعان ما تراجعت عن قرارها هذا، معتبرة أنّه خطأ مطبعي في المرسوم، على إثر موجة الرفض الواسعة التي لاقاها المرسوم من منظمات وسياسيين، اعتبروا أنّ في القرار تمييزاً على أساس الجنس وعدم مساواة بين الرجل والمرأة.
ويبحث عدد من الأسر عن وسائل وآليات للاعتناء بأبنائها، في انتظار رفع الحجر الصحي أو السماح لدور الحضانة بالعودة إلى العمل واستقبال الأطفال.
وقالت سميحة فضالي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إنّها قامت بإرسال ابنتها إلى جارتها لتعتني بها، مقابل أجر مالي، منذ أن طلبوا منها العودة إلى العمل. وأشارت إلى أنّ قرار رفع الحجر التدريجي لم يأخذ بالاعتبار وضعها كما وضع كثيرات مثلها، من العاملات والموظفات المجبرات على العمل في غياب دور حضانة الأطفال.
وأضافت المتحدّثة أنّه قد تكون لهذا القرار تبعات اجتماعية وصحيّة سلبية. فإمّا سيضطر الأهل إلى ترك العمل أو الخضوع للعقوبات الإدارية والمالية في مكان عملهم أو المقامرة بصحة أبنائهم وإيوائهم بشكل غير مدروس وعشوائي.
ويرى مراقبون أنّ تركيبة المجتمع التونسي وبنيته المجتمعية الحديثة تسجّلان تخلي التونسي عن مفهوم العائلة الممتدة، وتراجع العلاقات الأسرية وهشاشتها، في مقابل جنوح التونسيين إلى العائلة الصغيرة، محدودة الأفراد، ما وضع العديد من العائلات أمام صعوبات التعاون والتكافل الأسري، في مثل هذه المواقف، حيث كان الأقارب والجدات سابقاً يحتضنون الأطفال والأحفاد في العطل والمناسبات وفي الأزمات أيضاً.
وفي السياق أكّدت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السّن، أسماء السحيري، في تصريح صحافي، أنه تمّ اتخاذ إجراء خاص بدور الحضانة، إذ سيتمّ إسناد قروض لصالحها، عن طريق خط تمويل تابع للوزارة، يتصرف فيه البنك التونسي للتضامن.