ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑإصدﺍﺭ ﺟﻮﺍﺯﺍﺕ ﺳﻔﺮ ﻧﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﺫﺑﺔ، وﺧﺪﻋﺔ ﺳﺨﻴﻔﺔ، ﻛﻨﺖ ﺳﺎﺫﺟﺎً ﺣﻴﻦ ﺻﺪﻗﺘﻬﺎ.
ﺍﻟبارحة صباحاً ﺫﻫﺒﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ، ﻷﻃﺎﻟﺐ ﺑﺠﻮﺍﺯ ﺳﻔﺮ. ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ عن الأمر ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ، فأﺧﺮﺟﺖ ﻟﻪ ورقتي الثبوتية الوحيدة، "ﻧﺴﺨﺔ ﻭﺭﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺻﻔﺤﺘﻲ ﺍﻟﻔﻴﺴﺒﻮﻛﻴﺔ". ﻀﺤﻚ الموظف ﻗﻠﻴﻼً، ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﻛﻤﻮﻇﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ. ﺃﻗﺴﻤﺖ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ الصورة الملصقة في الورقة هي ﺻﻮﺭﺗﻲ، ﺫﺍﺕ "ﺍﻟﻄﺎﻗﻴﺔ"، ﺍﻟﻜﻨﺰﺓ، ﺍﻟﺒﻨﻄﺎﻝ، ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ، ﺃﻧﻲ ﺧﺠﻠﺖ ﺃﻥ ﺁﺗﻲ "ﺑﺎﻟﺰﻧﻮﺑﺔ"، فلبست ﺣﺬﺍﺀ. اﻟﻤﻮﻇﻒ ﺿﺤﻚ ﻭﻧﺎﺩﻯ زميله في المكتب. ﺃﺷﺮﺕ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ، ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ، ﻗﻢ ﺑإﺿﺎﻓﺘﻬﻢ ﻭﺍﺳﺄﻟﻬﻢ، ﺳﻴؤﻛﺪﻭﻥ ﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ اﺳﻤﻲ. ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﺎﻥ ﺿﺤﻜﺎ، ﺛﻢ ﺳﺤﺐ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﻣﻨﻲ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ: "ﺿﻊ ﻟﻪ ﻻﻳﻜﺎً"، ﻭﻧﺎﺩﻯ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ. ﻣﻮﻇّﻔﻮﻥ ﻛﺜﺮ ﺗﺠﻤﻌﻮﺍ ﺣﻮﻟﻲ، ﻭأناس كثيرون كانوا ينتظرون ﺩﻭﺭهم ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ. ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮ ﺣﺎﺭﺍً، ﻭﺷﻌﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً، ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ، ﻭﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻓﻘﻂ.
ﺍﻟﻤﻮﻇّﻔﻮﻥ ﺿﺤﻜﻮﺍ، ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻃﻠﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻟﻴﺘﺄﻛَّﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻟﻴﺲ ﻭﻫﻤﻴﺎً، منحته إيّاها بلا تردد، فقام بتفحص ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺛﻢ بدأ ﺑﺤﺬﻑ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ، بينما كنت أتوسل إليه ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻗﻒ عن ذلك، ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻹﺻﺪﺍﺭ ﺟﻮﺍﺯ ﺟﺪﻳﺪ. ﺿﺤﻚ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻮﻥ، ﻭﺳﻜﺖُّ ﺃﻧﺎ ﺃﺭﺍﻗﺒﻪ. ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺆﻟﻤﺎً، لكني ﻟﻢ ﺃﻣﻠﻚ ﺧﻴﺎﺭﺍً ﺁﺧﺮ، ﺃﺭﺩﺕ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ. ﺿﺤﻚ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻮﻥ، ﻟﻢ ﺗﻜﻔﻬﻢ ﺻﻔﺤﺘﻲ ﺍﻟﻔﻴﺴﺒﻮﻛﻴﺔ، ﺍﺗﺼﻠﺖ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﺨﺒﺮﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺷﻮﻗﻨﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻴﺼﺪﺭﻭﺍ ﻟﻲ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺢ ﺍﻷﻣﺮ ..
ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﺣﺒﺒﻨﺎﻙ. ﺳﻨﺴﺎﻋﺪﻙ، ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻋﻨﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ.
ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺶ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼً ﺧﺎﺋﻔﺎً ﺑﻼ ﺳﺒﺐ، ﺛﻢ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﺮﺓ، ﺑﺪﻭﻥ ﺫﻧﺐ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ. ﻭﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻳﻄﻴﺮ ﻣﺴﺮﻋﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻼﺣﻒ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻤﺮﺍً ﻃﻮﻳﻼً، ﻭﻫﻲ ﺗﺰﺣﻒ. وأبي كان رجلاً حزيناً، لم يظهر ذلك لنا يوماً، لكننا كنّا نشمُّ الحزن مع رائحة عرقه كلما احتضننا. أمي كانت امرأة حزينة، لم تبكِ أمامنا ولا مرة، لكننا تذوقنا حزنها مع حليبها المر.
الآن يقول أبي لأمي: "الأولاد البعيدون يخبرونني دائماً أنهم بخير"، توافقه أمي: "نعم، ويرسلون لي صورهم مبتسمين". ثم تمسك يده، تتحسسها، ليحدقا في المسافات بيننا، متأمّلين جثث أحزاننا التي تسقط على الطرقات. هذا كل شيء عني، وﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﻷﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻱ. ﺃﺑﻲ ﻃﻠﺐ ﺫﻟﻚ. ﻣﻞَّ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻮﻥ، ﻣﻨﺤﻮﻧﻲ ﻭﺭﻗﺘﻲ ﻭﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻲ ﺃﻻ ﺃﻋﻮﺩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻬﺪﺩﻳﻦ ﺑﺴﺠﻨﻲ، ﺧﺮﺟﺖُ ﻭﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻳﻀﺤﻜﻮﻥ، ﻭﻛﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻓﻘﻂ.
ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﻨﺖ ﺃﻓﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ. ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﺒﻠﻞ ﻭﺭﻗﺘﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮة.
ﻣﺰﻗﺘﻬﺎ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻓﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻭﺃﻥ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ ﺗﻔﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺮﻕ، ﻣﻔﺘﺤﺔ ﺍﻷﻋﻴﻦ، ﺗﺘﻤﺎﻳﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﺠﺜﺚ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﻔﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻡ.
اقرأ أيضاً: نوروز
ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﺣﺒﺒﻨﺎﻙ. ﺳﻨﺴﺎﻋﺪﻙ، ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻋﻨﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ.
ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺶ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼً ﺧﺎﺋﻔﺎً ﺑﻼ ﺳﺒﺐ، ﺛﻢ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﺮﺓ، ﺑﺪﻭﻥ ﺫﻧﺐ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ. ﻭﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻳﻄﻴﺮ ﻣﺴﺮﻋﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻼﺣﻒ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻤﺮﺍً ﻃﻮﻳﻼً، ﻭﻫﻲ ﺗﺰﺣﻒ. وأبي كان رجلاً حزيناً، لم يظهر ذلك لنا يوماً، لكننا كنّا نشمُّ الحزن مع رائحة عرقه كلما احتضننا. أمي كانت امرأة حزينة، لم تبكِ أمامنا ولا مرة، لكننا تذوقنا حزنها مع حليبها المر.
الآن يقول أبي لأمي: "الأولاد البعيدون يخبرونني دائماً أنهم بخير"، توافقه أمي: "نعم، ويرسلون لي صورهم مبتسمين". ثم تمسك يده، تتحسسها، ليحدقا في المسافات بيننا، متأمّلين جثث أحزاننا التي تسقط على الطرقات. هذا كل شيء عني، وﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﻷﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻱ. ﺃﺑﻲ ﻃﻠﺐ ﺫﻟﻚ. ﻣﻞَّ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻮﻥ، ﻣﻨﺤﻮﻧﻲ ﻭﺭﻗﺘﻲ ﻭﻃﻠﺒﻮﺍ ﻣﻨﻲ ﺃﻻ ﺃﻋﻮﺩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻬﺪﺩﻳﻦ ﺑﺴﺠﻨﻲ، ﺧﺮﺟﺖُ ﻭﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻳﻀﺤﻜﻮﻥ، ﻭﻛﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻓﻘﻂ.
ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﻨﺖ ﺃﻓﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ. ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﺒﻠﻞ ﻭﺭﻗﺘﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮة.
ﻣﺰﻗﺘﻬﺎ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻓﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻭﺃﻥ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ ﺗﻔﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺮﻕ، ﻣﻔﺘﺤﺔ ﺍﻷﻋﻴﻦ، ﺗﺘﻤﺎﻳﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﺠﺜﺚ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﻔﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻡ.
اقرأ أيضاً: نوروز