وقالت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إن مدير مكتب الرئيس المصري، والقائم بأعمال رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، تحدث إلى مقربين من بن سلمان عما وصفه بـ"الاندفاع السعودي نحو التواصل مع تل أبيب"، و"المبادرة بتقديم العديد من التنازلات، بشكل لا يناسب طبيعة المفاوضات الخاصة بتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية".
وأضافت المصادر أن كامل طالبَ مستشاري بن سلمان بضرورة التريّث وعدم المبادرة بتقديم تنازلات لم تطلبها تل أبيب خلال اللقاءات. وعزت المصادر الامتعاض المصري إلى ما سمّته "تنازلات بن سلمان على حساب غيره"، في إشارة إلى القاهرة، علاوة على ترحيبه بأن تكون مسألة تبادل الأراضي جزءاً من الصفقة، وهو الجزء الذي سيتحمل تبعاته السياسية والشعبية النظام المصري، وبالتالي فليس من المنطقي، أن يجني بن سلمان ثمار التقارب مع الإسرائيليين، على حساب الدور المصري.
وأفادت المصادر بأن بن سلمان التقى مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة، من بينهم وزراء، حيث تم التطرق خلال تلك اللقاءات إلى تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية من البوابة السعودية، بذريعة مواجهة المد الشيعي (الإيراني) في المنطقة، على حد تعبيرها.
وبحسب المصادر فإن تلك اللقاءات شهدت موافقة بن سلمان على مجموعة من الخطوات والإجراءات، التي يراها مسؤولون مصريون "تنازلات مبالغاً فيها"، مشيرة إلى أن سعي ولي العهد الحثيث لتشكيل تحالف إقليمي يدعم الرياض في مواجهة طهران، جعله يسارع الخطى نحو إسرائيل، كونه لديه يقين بأنها هي ملاذه من المدّ الإيراني.
وبحسب المصادر، فإن "تأكيد بن سلمان على مساعدة تل أبيب في الانتهاء من تنفيذ تصور (صفقة القرن) سريعاً عبر ممارسة الضغوط على الأطراف الفلسطينية، يأتي في وقت يتبنّى فيه الأردن موقفاً معارضاً للتصور الأميركي، في ضوء المساعي لرفع الوصاية الأردنية عن المقدسات الإسلامية في القدس".
ويرى مراقبون أن السيسي لا يقبل بمزايدة بن سلمان على موقفه من الكيان الصهيوني، في ظل حالة التقارب غير المسبوق بين القاهرة وتل أبيب منذ وصوله إلى السلطة قبل أربع سنوات، علاوة على موقفه الداعم لتمرير "صفقة القرن"، وهو ما أبداه صراحة خلال لقائه بترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.
وفي سياق ذي صلة أجرى السيسي اتصالاً هاتفياً مع ملك الأردن، عبد الله الثاني بن الحسين. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن الاتصال تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى التباحث حول آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية، وتطورات الأزمات القائمة في بعض دول المنطقة، خصوصاً القضية الفلسطينية.
وتتضمن رؤية ترامب لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي "إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بحدود تدريجية، ولا تملك السيطرة على المعابر والأجواء"، في حين لا تتضمن الخطة أي إشارة أو اعتراف بحق عودة اللاجئين، وهو التصور الذي أبدى بن سلمان ترحيباً به، دون أية لاءات من جانبه، وفق المصادر.
ويواجه الأردن حصاراً سياسياً واقتصادياً، ومحاولات لتحجيم دوره من قبل دول الخليج، خصوصاً من قبل السعودية والإمارات، في ضوء موقفها من "صفقة القرن"، بالاقتراب مع تسريبات إعلان الإدارة الأميركية عن أولى خطواتها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مع مرض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وشائعات ترتيب البيت الفلسطيني بعد رحيله أو تنحيه.
وكان تقرير نشرته قناة "i24news" الإسرائيلية قد نقل عن مصدرين مقربين من القيادة الفلسطينية، أن السيسي وبن سلمان، ضغطا على عباس لقبول صفقة سلام عرضتها الولايات المتحدة، وقالا له إنه "لا خيار أمامه سوى القبول بالصفقة التي يعرضها ترامب، بذريعة أنها الفرصة الأفضل لتحقيق السلام".
وتضغط كل من مصر والسعودية لتنفيذ "صفقة القرن"، في ضوء ما كشفته مصادر دبلوماسية مصرية، شديدة الاطلاع لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن ممارسة القيادة السعودية، ضغوطاً كبيرة على السلطة الفلسطينية، للقبول بالتصور المطروح من جانب أميركا وإسرائيل، في وقت تمسّك فيه عباس بموقفه الرافض لقبول التسوية، كون الشعب الفلسطيني لن يقبل بها.
وأكدت المصادر أن "تلك التسوية لن تكون على مدار عام أو عامين، لكنها قد تستغرق لتنفيذها نحو 30 عاماً"، موضحة أن "إسرائيل متمسكة بما يمكن تسميته بدولة فلسطينية بحدود غير متصلة، وتدعمها في ذلك الولايات المتحدة، التي تشترط وجوداً عسكرياً بين أوصال ما يتم تسميته بالدولة الفلسطينية المنصوص عليها في التسوية".
وبحسب معارضين مصريين، فإن "السيسي أدخل المنطقة العربية بأسْرها في نكسة أسوأ من تلك التي شهدتها مصر وسورية في عام 1967، من خلال قيادة ملف التطبيع، تحت شعارات جوفاء مثل (السلام الدافئ)"، مشيرة إلى أن "السيسي قدم مصلحته الشخصية على حساب تغيير عقيدة الجيش المصري، بل ومحاولة تغيير عقيدة الشعب المصري، غير أنه سيفشل في النهاية مهما حاول"، على حد قولها.