شوارع الموصل الشرقية تشتعل بالقتال
وتركزت معارك الموصل، في ساعات مساء أمس الأربعاء، في أحياء الميثاق، والوحدة، والشيماء، والسلام، والقدس، والكرمة، وعدن، والزهراء، والإخاء. وجاءت هذه التطورات بعد إحكام القوات العراقية سيطرتها بشكل مطلق على أحياء السماح، والانتصار، والتلفزيون، وكوكجلي، والملايين، ورفع العلم العراقي عليها من المحور الشرقي.
في موازاة ذلك، سيطرت القوات العراقية على نحو 40 في المائة من منطقة سادة بعويزة، شمالي الموصل، وبشكل مطلق على منطقة الشلالات، والكندي، ومجمع دجلة السياحي. في المقابل، بدا المحوران الجنوبي والغربي في حالة شلل شبه تام باستثناء القصف المدفعي بسبب غياب الطيران العراقي عن المحورين لأسباب لا تزال حتى الآن غير مؤكدة لـ"العربي الجديد".
في غضون ذلك، غطى طيران التحالف الدولي المحورين الشرقي والشمالي. وقال مسؤول عسكري عراقي في المحور الشرقي، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن القتال تحول إلى حرب شوارع في أحياء الميثاق، والوحدة، والشيماء، والسلام، والقدس، والكرمة، وعدن، والزهراء، والإخاء، وتجري المعارك من شارع إلى آخر".
ولفت المقدم فلاح نوري نومان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "التنظيم يستخدم القنص والعمليات الانتحارية والانغماسية لمقاتليه. وقام بحفر ثغرات بين المنازل المتجاورة لكي يدخل من شارع ويخرج من آخر من دون الاضطرار إلى الظهور في الشوارع". وأشار إلى أن "العبوات الناسفة والفخاخ موجودة، لكن اقتحمنا الأحياء تلك لعدم وجود خيار آخر". كما أوضح أن "الطيران في بعض الأحياء لم يعد مجدياً والقتال بات أكثر قرباً ووضوحاً من ذي قبل".
الاستعانة بالحشد خيار مطروح
من جهته، كشف ضابط آخر عن احتمال "الاستعانة بوحدات قليلة من مليشيات الحشد، كونها أكثر خبرة في حرب الشوارع من القوات النظامية"، مؤكداً أن الطرح مجرد "اقتراح لم يتم البت به حتى الآن". وأضاف الضابط، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "خسائر القوات العراقية في تلك الأحياء خلال الـ48 ساعة الماضية تفوق خسائر أسبوع كامل في معارك جرت في محاور أخرى".
من جهته، قال قائد عمليات تحرير نينوى، اللواء نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية باشرت عمليات سريعة وخاطفة تستهدف مواقع تنظيم داعش وخطوط دفاعاته في أحياء الموصل الشرقية والشمالية". ولفت إلى أن "هناك حالة استنزاف واضحة في صفوف العدو، وأعداد التنظيم تتضاءل بشكل واضح مع ارتفاع معدل خسائره".
في غضون ذلك، أشار العميد صباح الربيعي، من الفرقة 15 في الجيش العراقي، إلى أن "سكان الموصل سمعوا لأول مرة أصوات مكبرات الصوت لقوات الجيش وهي توجه تعليمات لهم". ولفت إلى أنه "لم تعد هناك حاجة للمنشورات وبات صوت المكبرات يسمعه من يتواجد في وسط الموصل". وحول معارك الأحياء الشرقية، أوضح الربيعي أنها "صعبة جداً ولا بد من خوضها، ونحن نحرز تقدماً بشكل بطيء ونسيطر على شارع تلو شارع وزقاق بعد زقاق"، وفقا لقوله.
الأنفاق... تحد يفرض نفسه
للمرة الثالثة على التوالي تتجدد معارك واشتباكات أو تحدث اعتداءات انتحارية في مناطق يفترض أنها محررة وسيطرت عليها القوات العراقية بشكل كامل. وفي السياق، أكدت مصادر في قوات البشمركة أن تنظيم "داعش" هاجم مواقع وثكنات للبشمركة، فجر أمس الأربعاء، في بلدة بعشيقة، شمالي الموصل، بينما كان الجنود نياماً. وتمكن عناصر "داعش" من قتل وإصابة العشرات قبل أن يختفي معظمهم ويتم قتل آخرين.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن هذا السيناريو كان قد تكرر في كوكجلي وكرمليس، يوم الثلاثاء الماضي، وأدت هجمات التنظيم إلى سقوط قتلى وجرحى من القوات المشتركة.
وقال النقيب سلام إسلام خوشناو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التنظيم يستخدم شبكة أنفاق معقدة للغاية تحت الأرض تمكنه من التسلل إلى مدن وبلدات عدة ثم الظهور فجأة في مواقع محصنة تم إعدادها بعد تحرير تلك المناطق. ولفت إلى أنه "تم اكتشاف أحد تلك الأنفاق ويبلغ طوله نحو 1800 متر، وله تشعبات مختلفة وعثرنا بداخله على جهاز لوحي وخرائط من موقع غوغل". وأوضح أن "طبيعة المنطقة تساعد داعش على حفر تلك الأنفاق والمرور من خلالها أو حتى الاختباء. وباشرنا عمليات بحث وتفتيش عن تلك الأنفاق بعد هجمات اليوم".
على الرغم من ذلك، ألقت مصادر كردية باللائمة على قوات "حرس نينوى" التي يتزعمها المحافظ السابق للموصل أثيل النجيفي. وتتألف قوات "حرس نينوى" من أبناء العشائر والمتطوعين. وقالت مصادر كردية إن هذه القوات "مخترقة من قبل عناصر يساعدون داعش على المرور"، وهو ما نفته قيادات كردية وعراقية أخرى واعتبرته غير صحيح.
إلى ذلك، تشهد مدن جنوب العراق تشديداً للإجراءات الأمنية تحسباً لأي اعتداءات قد ينفذها تنظيم داعش. وفي السياق، قال النقيب في شرطة محافظة بابل عباس الشويلي، إن القوات العراقية شددت إجراءات الأمن في مدخل الآثار الشمالي، الذي يربط المحافظة بالعاصمة بغداد والمناطق المحيطة به. وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الإجراءات جاءت لمنع تسلل عناصر من تنظيم "داعش" إلى بابل.